الجمعة 2024/08/16

آخر تحديث: 16:33 (بيروت)

وزير خارجية مصر في بيروت يكمل "الهجمة" الديبلوماسية المحمومة

الجمعة 2024/08/16
وزير خارجية مصر في بيروت يكمل "الهجمة" الديبلوماسية المحمومة
زيارة وزير الخارجيّة بدرعبد العاطي لرئيس مجلس النواب نبيه برّي ("المدن")
increase حجم الخط decrease
يُرافق سياسة "شراء الوقت"، المُعتمدة في المساعي الدبلوماسيّة الحثيثة في قطر لإسعاف التفاوض على وقف إطلاق النار في غزّة، وللوصول إلى خلاصةٍ قد تخرج بها مفاوضات الدوحة، على اعتبار أنّها لحظة مفصليّة وواعدة للحلّ الدبلوماسيّ (قبيل أي تصعيدٍ محتمل من الأطراف المتقاتلة).. ترقبٌ في "الجبهة اللّبنانيّة" لمسار الوساطة الدبلوماسيّة الرامية لتقطير ما تبقى من الحلول المتاحة الّتي من شأنها الحؤول دون جرّ المنطقة إلى صراعٍ إقليميّ شامل، فضلًا عن تعزيز الاستعداد للسيناريوهات المطروحة.

وإن كانت الوفود الدبلوماسيّة الّتي تزور لبنان، تدأب لاستنقاذ مسارات التهدئة في الجبهة الجنوبيّة، فإنّها بالمقابل تؤكد أن هذه المسارات تصبّ مباشرةً في احتواء التصعيد بين حزب الله وإسرائيل. بيد أنّ المفاوضات في قطر، من الوارد أن تستغرق وقتًا، وأي خطوة اندفاعيّة في التقديرات من شأنها أن تتطيح بكل هذه المساعي وتُشعل حربًا. على خلاف المعادلة السّابقة، الّتي حيدت لبنان ضمنيًّا عن خطّ التفاوض، حتّى إنجاز الاتفاق مع حركة "حماس".

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت
وآخر الزيارات الدبلوماسيّة، كانت زيارة الوفد المصريّ الذي ترأسه وزير الخارجيّة بدرعبد العاطي، صباح اليوم، الجمعة 16 آب الجاري، لرئيس مجلس النواب نبيه برّي في عين التينة، لإطلاعه على تطورات المفاوضات في الدوحة والضغوط الّتي تمارسها مصر والوسطاء للتوصل لاتفاق. وأكدّ عبد العاطي، في تصريح له من عين التينة، أنّه "نقلت لرئيس مجلس النواب نبيه بري رسالة دعم من مصر إلى لبنان حيث أن الأمن والاستقرار في البلد يمثلان مصلحةً مصريّة وعربيّة". وشدّد على "أننا نريد التوصل فورًا إلى وقف إطلاق النار في غزّة لأن جوهر الصراع في المنطقة هو استمرار القضية الفلسطينيّة من دون حلّ، كما اننا ندين سياسة الاغتيالات ونؤكد دعمنا لوحدة وسلامة لبنان". وأضاف: "نؤكد على أهمية وقف التصعيد وعدم انجرار المنطقة إلى آتون حربٍ شاملة".

كما واستقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، الوفد المصري في السرايا الحكوميّة، بحضور وزير الخارجيّة والمغتربين عبدالله بو حبيب، وسفير مصر في لبنان علاء موسى، ومستشاريّ رئيس الحكومة الوزير السّابق نقولا نحاس والسفير بطرس عساكر وسفير لبنان لدى الجامعة العربيّة علي الحلبي.

وخلال الاجتماع شكر رئيس الحكومة، مصر، على وقوفها المستمر إلى جانب لبنان في كل الظروف والمحافل، معبرًا عن تقديره للمبادرات المتكرّرة للرئيس المصريّ عبد الفتاح السيسي لدعم لبنان. وشدّد على أنّ لبنان "يقدر الجهود الدوليّة والعربيّة الّتي تبذل من أجل وقف اطلاق النار في غزة ووقف الاعتداءات الإسرائيليّة على جنوب لبنان". وقال إن لبنان يجدّد التزام تطبيق القرار الدوليّ الرقم 1701 بالكامل، والمطلوب الضغط على إسرائيل لتطبيق القرار وقف عدوانها على لبنان. أما الوزير المصريّ فأشار إلى أنّه نقل للرئيس ميقاتي تحيات الرئيس المصري وتقديره، مشيرًا إلى أنّ زيارته "هي رسالة دعم قوية للبنان، وأن الجهود مستمرة لوقف اطلاق النار في غزة لسحب فتيل التوترات".
وأشار عبد العاطي إلى "إدانة مصر الكاملة لكافة السياسات الاستفزازية بما في ذلك انتهاك سيادة لبنان"، مؤكدًا "دعم مصر الكامل لوحدة لبنان وسلامة أراضيه وسيادته"، معتبرًا أنّ "أيّ انتهاك للسيادة اللبنانية أمرٌ مدانٌ تمامًا والعدوان على الضاحية الجنوبية لبيروت أمرٌ مرفوضٌ تماماً وأدنّاه بشدّة وأيضاً سياسة الاغتيالات مرفوضة تمامًا". وشدّد على "تضامننا ووقوفنا إلى جانب لبنان في هذه المحنة وهذا الظرف العصيب، ولن نألو جهدًا في سبيل التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة باعتباره الأساس لوقف التصعيد وتخفيف حدة التوتر".
وعاد وكرّر عبدالعاطي كلامه، في مستهل البيان المشترك الذي تلاه ووزير الخارجيّة اللّبنانيّ عبدالله بو حبيب، بعد لقاءٍ لهما في وزارة الخارجيّة. هذا، وهيمن جو من الإيجابيّة في الأوساط اللّبنانيّة، إزاء هذه الزيارة، الّتي وصفت كبادرة مصريّة جيّدة لإبراز الدعم والتضامن، وإشراك لبنان في عملية التفاوض.

التهافت الدبلوماسيّ
وتأتي هذه الزيارة، عقب الزيارات الدبلوماسيّة للبنان الرسميّ، خلال هذا الأسبوع، في وقتٍ يستأثر فيه الانتظار والترقب لردّ محور "الممانعة" على الاغتيالات الإسرائيليّة لشخصياتها والردّ الإسرائيليّ على هذه الردود، بكل التداعيات الّتي قد تحملها، بالمشهديّة السّياسيّة والدبلوماسيّة والعسكريّة. كالزيارة الخاطفة الّتي قام بها وزير الخارجيّة الفرنسيّ ستيفان سيجورنيه، الذي التقى خلالها كلًا من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب، حيث أكدّ من عين التينة أن لدى بلاده كل الإرادة للتهدئة وخفض التصعيد وهي تريد التمديد لقوات اليونيفل في الجنوب. ومن السّراي الحكومي، جدّد سيجورنيه تأكيد دعم فرنسا للبنان ووقوفها إلى جانبه وثقتها به، متمنيًّا استمرار عدم التصعيد من الجانب اللّبنانيّ ومقدرًا ضبط النفس في هذه الفترة الصعبة.

السيناريوهات المطروحة
زيارة سيجورنيه الّتي وُصفت وكأنها إشارة رمزيّة فرنسيّة لحفظ دورها في المشهديّة اللّبنانيّة، تلت زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين (من ضمن جولة لمسؤولين أميركيين على المنطقة)، الذي جدّد فيها مواقف الدبلوماسيّة الأميركيّة، الّتي تؤكد أنها تمتلك "ترسانة عسكريّة"، لكنها بالمقابل تقدم عرضًا جديًا لوقف إطلاق النار ولديها أطر دبلوماسية للعمل. طارحًا الخيارات نفسها، والمتمثلة إما بالمضيّ قدمًا نحو الحلّ على الجبهة الجنوبية، أو مواجهة تصعيد عسكريّ يرغب فيه نتنياهو.
وهذا كله دليل على "التوجه الغربيّ" لجعل لبنان ضمن الاتفاق، ولم يعد مفصولًا عن التطورات كافةً في المنطقة، بحكم أن جبهة مشاغلة إسرائيل، تحولت إلى جبهة مفتوحة مع إسرائيل.

وتأتي هذه الزيارات في وقتٍ لا تغيب فيه سيرة الشلّل اللّبنانيّ عن النقاشات، فالزيارات الدبلوماسيّة الغربية دائمًا ما تنضوي على تذكيرٍ أساسيّ بضرورة إيجاد مخرج لهذا الشّلل، وآخرها كان تطرق هوكشتاين إلى ملف الشغور الرئاسيّ، حيث أكدّ أن رئيس الجمهورية "هو من يفاوض" باسم الدولة، وبالتالي يتم اليوم مناقشة العودة إلى القرار 1701، بشرط أن يكون الرئيس حاضرًا عند تنفيذ القرار بعد انتهاء الحرب، وهو ما أبلغه إلى عين التينة. أما مع قائد الجيش العماد جوزف عون، فقد ناقش هوكشتاين بعديد أفراد الجيش اللّبنانيّ ومدى جاهزيتهم لليوم التالي في جنوب لبنان.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها