يبدو شيعة لبنان وكأنهم تُركوا لقدرهم. يتوزعون على المدارس وداخل الخيم، وعلى الطرقات. طائفة كُتِبَ عليها أن تُهجّر مرة جديدة، ولكنّ الفرق شاسع بين ما أصابها في حرب تموز 2006 وما يصيبها اليوم. رجال حزب الله في ميدان لا أفق لنهايته، وعودة المهجرين بعيدة الأفق، فيما أرضهم محروقة مدمّرة، لا مال لإعادة الإعمار، وفي غياب السيد حسن نصرالله غاب صوت من يحفّز ويرفع الهمم، ويقنع الناس بأن يعودوا ويسكنوا ولو تحت خيمة وفوق الركام.
مال إيران
الحديث عن العودة وهم، في وقت لا شيء ينبىء بنهاية قريبة للحرب، لا بل يقال إن الأموال التي بدأت تتدفق هي لتمويل صمود المهجرين، لأن الحرب طويلة ومكلفة. لا شك في أن الجديد في المشهد هو دخول إيران المالي والسياسي والعسكري المباشر في محاولة للتعويض عمّا تكبّده شيعة لبنان، بسبب انخراط حزب الله في وحدة الساحات، التي استفادت منه ولم تفده، ولم يلمس منها أثراً لدعم عسكري مباشر من إيران. أمّا سوريا، فيبدو أنها نأت بنفسها بعدما حصلت على ضمانات بشأن مستقبلها، فقلبت صفحة الدعم وغيّرت في تعاطيها وعاد رئيسها إلى "الحضن العربي"، وهذا حقه. وها هي الأمم المتحدة تضع لسوريا استراتيجية التعافي المبكر.
بقية دول المحور تتوزع بين اليمن الذي بإمكاناته المحدودة يضرب إسرائيل ويواجه ضربات أميركية أكبر، والعراق المنهك اقتصادياً وسط صراعات داخلية حادّة. لا نظلم إن قلنا فشل المحور في أن يثبت فعاليته، بل على العكس من ذلك، نجحت إسرائيل في استهداف الساحات فوحدتها قصفًا في لبنان وسوريا واليمن وصولاً إلى إيران، في ضربات متبادلة ومدروسة.
استمرار الحرب
على أمل تبدل الظروف في ضوء نتائج الانتخابات الأميركية، ونضوج تسوية ما ينتظرها الجميع، فإن الوضع سيكون على ما هو عليه، أي استمرار الحرب الإسرائيلية وأن كانت استنفدت اهدافها المباشرة. وليس مستبعداً استمرار الحصار البري والجوي والبحري على لبنان وقطع طرق الإمداد لحزب الله، بدليل الضربات الاسرائيلية على المعابر مع سوريا.
وإلى أن تنتهي الحرب بتسوية، تشكل إيران طرفاً أساسياً من أطرافها، لا انتخابات رئاسية في لبنان، وسيتعزز خيار التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون مرة جديدة، بعد الاتفاق على المخرج القانوني لذلك.
الثنائي الشيعي المنهمك في الحرب الإسرائيلية سيتعاطى مع التمديد على قاعدة مكره أخوك لا بطل، ويجد نفسه مجبراً على إبداء مرونة تجاه التمديد وأن لم يكن يتمناه. ويؤكد مصدر نيابي رفيع أن التمديد بات خياراً جدياً، وأن ليس أمام رئيس مجلس النواب نبيه برّي سوى التماهي معه استجابةً لمطلب أميركي مباشر.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها