في تفسير حزب الله أن تهديد إسرائيل بالانتقال إلى المرحلة الثانية من عملياتها العسكرية البرية، معناه فشلها في تحقيق أهدافها في المرحلة الأولى والضغط لتحسين شروط وقف النار، ولو كان الميدان متاحاً لحققت ما تصبو إليه، ولم تعد بحاجة للانتقال إلى مرحلة ثانية. مرتاح حزب الله إلى سير ميدانه، وأخباره المريحة عممها على رئيسي مجلس النواب نبيه برّي والحكومة نجيب ميقاتي. وعلى أساسها سيخوض غمار التفاوض لوقف النار.
هذا التفاوض الذي يظنه البعض سيركن إلى صيغة أقرب إلى اتفاق الهدنة الموقع بين لبنان وإسرائيل عام 1949، ولاسيما لناحية تفعيل الهيئة الدولية لمراقبة الهدنة والتي لا تزال تعمل إلى اليوم. فبحسبهم أن القرار 1701 لم يعد يرضي إسرائيل التي تسعى إلى ما هو أبعد منه وتريده قراراً مقروناً مع "شروط استسلام" يرفضها حزب الله، كما يرفض محاولاتها إدخال تعديلات على هيئة المراقبة وإشراك قوة ألمانية في عدادها، أو أي دور لألمانيا التي يعتبرها شريكاً مباشراً في العدوان. ويتهم حزب الله البحرية الألمانية بالقيام بدور سيء، بدءاً من ضرب مسيرة لحزب الله إلى تغطيتها الإنزال الذي نفذته إسرائيل في البترون.
إعادة فتح الخطوط
حزب الله الذي عدل ميزان مواجهاته في الميدان، وبصدد تكثيف ضرباته التي ستكون أشد إيلاماً لإسرائيل في الآتي من الأيام، متوعداً رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يؤكد أحد مسؤوليه، أن لديه إمكانات تخوله الاستمرار في المعركة البرّية لأشهر إضافية، بعدما استعاد زمام المبادرة، وأعاد فتح الخطوط على المستوى السياسي. ويضيف، أنه عند بداية الحرب وبعد اغتيال أمينه العام السيد حسن نصرالله، ظن كثيرون أن حزب الله بلغ نهايته، وبدأ التعاطي معه على هذا الأساس. البعثات الديبلوماسية التي كانت على تواصل مع المكلفين ملف الشؤون الخارجية غابت عن السمع. لكن تدريجياً ومع تحسن الوضع في الميدان وصمود حزب الله، أعيد فتح جسور التواصل مجدداً، وأجرى السفير الفرنسي في لبنان هيرفي ماغرو اتصالاً مع قنوات محددة في الحزب حيث تم البحث في المساعي المبذولة لوقف النار.
يلمس حزب الله تحولاً في التعاطي مع الواقع، واهتماماً في المعارك الميدانية التي يخوضها لصد التوغل الاسرائيلي جنوباً. وبحسب تقاريره عن واقع الميدان، فإن المعارك تسير في السياق المخطط لها، على نحو يصعب على الإسرائيلي البقاء لفترات طويلة في البلدات التي يدخلها. كل الاحتمالات وحتى السيئة منها وضعها حزب الله في حسبانه، ويستعد هو أيضاً للمرحلة الثانية من صد التقدم الإسرائيلي براً.
إشاعة أجواء الحرب
في البعد الميداني للمعركة، يتحدث عن محاولة الإسرائيلي الدخول إلى بنت جبيل لضرب رمزيتها. دخوله قد يستمر أياماً ثم يجبر على التراجع. وفي القطاع الشرقي يحاول الهجوم من وطى الخيام عبر قرية الماري للعبور شمالاً إلى مرجعيون.
مسار حربي صعب ومعقد، لكن نهايته مؤكدة بصدّ التوغل ومنع إسرائيل من احتلال القرى والبلدات الحدودية المحاذية. فالوضع على حاله مع تصعيد إسرائيلي مضاعف، ووقف النار لن يكون قريباً، ولا حل قبل تسلم الرئيس المنتخب دونالد ترامب ولايته.
في قراءة مسؤول حزب الله، يتقصد الجانب الإسرائيلي إشاعة أجواء تبشر باقتراب الحل والتوصل إلى وقف النار، ليعلن بعدها فشل المساعي ويبرر استمرار الحرب.
في المشاورات التي نقلها الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، أظهر الإسرائيلي رغبته في قرار جديد يحكم سيطرته على الحدود الشمالية، والمساحة الفاصلة عن الحدود مع لبنان. لم يعد القرار 1701 يرضي إسرائيل، وتريد اتفاقاً يحقق الأمان لسكان مستوطنات الشمال لتؤمن عودتهم. من جانبه، أبلغ حزب الله المفاوضين نيابة عنه، أي رئيسي مجلس النواب والحكومة، موافقته على تطبيق القرار 1701 ولا ضير لديه بالانسحاب إلى شمال الليطاني. وغير ذلك فلن يرضى بأي اتفاق خارج سياق هذا القرار، ولا الكلام عن قرارات أخرى لمجلس الأمن.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها