نهار الجمعة الفائت، 18 آب الجاري، قامت المديريّة العامة للأمن العام، بترحيل عددٍ من اللاجئين السّوريين، من بينهم سيدة خمسينيّة، باتجاه الداخل السّوري. وقد تحدثت تقارير حقوقيّة وإعلاميّة، عن تسلّيم الجهاز الأمنيّ المذكور، اللاجئين، لمخابرات قوات الأسد، عند نقطة المصنع الحدوديّة. فيما اشتبه الناشطون بدايةً أن بعضًا من المُرحلين، يوجد بحقّهم مذكرات توقيف لدى قوات الأسد.
ما يضع لبنان مُجدّدًا في موضع المخالفة العلانيّة، لاتفاقية "مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسيّة، أو اللاإنسانيّة، أو المهينة" من قبل الدول الأطراف، المُصادق عليها من قبله، والتّي تنصّ صراحة على تجريم الإبعاد القسريّ المُفتقر لأساسٍ عمليّ، فيما قد يعرض حياة المُبعدين وأمنهم للخطر.
ترحيل لاجئة
أما اللاجئة المُرحلة، والتّي تثبت أمر تسلّيمها المباشر لمخابرات الجيش السّوري، فهي راغدة عبد القادر هزي، من مدينة يبرود شمالي دمشق، وتبلغ من العمر 55 عامًا. وقد دخلت إلى لبنان في شباط 2014 عن طريق بلدة عرسال- شرقي لبنان، أرملة، ولديها 4 أولاد. وبعد اعتقالها لما يربو عن الشهر في المديريّة العامة لأمن العام، صدر قرار التّرحيل، بالرغم من كون اللاجئة قد أعلنت أن وضعها الأمنيّ في سوريا مأزوم، إذ يوجد بحقّها مذكرة توقيف.
وقد تحدثت المصادر الحقوقيّة عن تّسليمها المباشر لمخابرات الجيش السوري فور وصولها الحدود اللّبنانيّة- السّوريّة، فيما حاولت عائلتها، خصوصاً ابنتها الوحيدة التّي تسكن معها، التّواصل مع المفوضيّة السّامية لشؤون اللاجئين، المُسجلة فيها راغدة، كلاجئة، غير أنه استعصى على المفوضيّة توقيف أمر التّرحيل. فيما أشارت مصادر مقربة من اللاجئة، أن المفوضيّة لم تتدخل في المرتبة الأولى، بالرغم من المناشدات المستمرة.
وراغدة التّي تشكو من أمراض مزمنة، وأخرى مرتبطة بالعيون والرؤية، قام الأمن العام بتوقيفها، لدى مراجعتها أحد المراكز لتصحيح أوراقها، التّي كانت مُحتجزة لديه منذ ثمانيّة سنوات، من دون أي سبب منطقيّ يُذكر (حسب ما أشار وكيلها القانونيّ). وللآن لا خبر عن وضع راغدة القانونيّ والأمنيّ أو حتّى الصحيّ في الداخل السّوري، خصوصاً بعدما تمّ اعتقالها واحتجازها لدى "شعبة الأمن السّياسيّ" في سوريا، وهي جهاز استخباراتيّ وأحد أبرز الفروع الأمنية، التابعة شكلياً لوزارة الداخلية لدى النظام السّوري.
عمليات التّرحيل المستمرة
قبل ترحيل اللاجئة بعدّة أيام، أفادت مصادر حقوقيّة عن استدعاء السّلطات الأمنيّة في لبنان، وتحديدًا في منطقة عكار الشماليّة، عدد من اللاجئين السّوريين، وقد تمّ اعتقالهم واستجوابهم من دون مسوّغ قانوني، فيما تذرعت الأجهزة المولجة بأن الاستدعاء هو "تقييم روتينيّ وإحصاء دوريّ"، وأفاد عددٌ منهم أنه قد تمّ طرح أسئلة تتعلق بالأوضاع الأمنية في مناطقهم الأصلية في سوريا. تضمن هذا التحقيق أيضًا استفسارات حول وجهات نظرهم السّياسيّة والوضع القانونّي لكل فرد. الأمر الذي أثار توجساً وخوفاً عاماً في صفوف اللاجئين.
وبهذا السّياق يُشير المحامي طارق شندب في حديثه إلى "المدن" أن "السّلطات اللّبنانيّة تواصل عملية تسليم اللاجئين السّوريين للنظام السّوريّ بسريّة تامة، ومن دون احترام للمبادئ القانونيّة الدوليّة. فيما يستأنف بعض وزراء الحكومة اللبنانية محاولاتهم لابتزاز وخداع المنظمات الدوليّة المعنيّة بالقانون والدول المانحة والدول الخليجيّة من خلال التّصريح بعدم انتهاج الحكومة اللبنانية سياسة تتعارض مع القوانين الدوليّة فيما يتعلق بتسليم اللاجئين والعودة القسريّة. وعلى الرغم من ذلك، فإن الحقيقة تكشف أنه تجري عمليات تسليم تتنافى مع القوانين الدولية والمحليّة، وتخالف التزامات العالم بأسره، مما يخدم أجندة نظام الأسد وأنصاره في لبنان".
مُضيفًا: "لاحظنا أن هناك عمليات تسليم شبه يوميّة. ومعروف دائمًا أن مثل هذه الأمور الخفيّة تكون أكثر تعقيدًا وخطورة. لذلك لا بد من إجراء تحقيق شفاف يشمل جميع المسؤولين عن هذه الممارسات المخالفة. يجب أن نعي أن جريمة تسليم اللاجئين هي جريمة دولية لا تسقط بمرور الزمن، وهي تصنف على أنها جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، خصوصاً أنها تحدث في إطار استمراري ومنهجي، وبالتّالي، لا بد من التّصدي لهذه المحاولات، وتحمل المسؤولية تجاه حقوق اللاجئين والالتزامات الدولية".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها