انسحاب رئيس الوزراء السابق ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري عن المشهد السياسي، قبيل انتخابات 2022 النيابية، أدّى إلى اختفاء التيار عن المشهد السياسي بشكل كلّي. وهذا مفاد الانسحاب الذي فرضته المملكة العربية السعودية على الحريري بعد تراكم المشاكل بينهما، والتي بدأت عام 2016.
رغم ذلك، يحاول مسؤولو تيار المستقبل القدامى إعادة إحياء النشاط السياسي، فأينهم اليوم؟
الانسحاب الكلّي
عقب الانتخابات النيابية، لم يغب الحريري عن المشهد السياسي، أي النيابي والوزاري فقط، إنّما شمل الانسحاب من تياره نفسه، الذي تُرك يتيماً مع مكوثه في الإمارات العربية المتّحدة.
تفيد معلومات "المدن" أنه كان من المفترض عقد المؤتمر العام السنوي لتيار المستقبل برئاسة الحريري بعد الانتخابات، إلاّ أنّ ذلك لم يحصل ولم يردّ الحريري على أيّ اتصال من المسؤولين أو تساؤلات الأعضاء في التيار حول موعد المؤتمر.
اكتفت الإدارة بتأجيل المؤتمر كخطوة أولى، على أن يحدّد الموعد المناسب لاحقاً من دون تحضيرات ملموسة. فاستمرّ الأعضاء بمحاولة الوصول إلى الحريري للاستيضاح أكثر عن الموضوع، كوْن قرار الانسحاب انحصر على العمل السياسي لا التنظيمي داخل التيار. لكن منذ الانتخابات، لم يتواصل الحريري مع أعضاء التيار.
صراع الأقارب
بسبب إلحاح الأعضاء على ضرورة إقامة المؤتمر العام، استجاب أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري لمطلبهم، ووعدهم بإجرائه عبر "الزووم"، ولكن من دون علم الحريري بذلك.
بعد محاولات أحمد الحريري المتكرّرة لكسر حاجز الاعتزال السياسي، دعا لاجتماع المؤتمر العام. وعندما وصل الخبر إلى الحريري، اتّصل مباشرة بابن عمّته وقال له أنّ هذا الأمر مرفوض، ويجب إلغاء الاجتماع لأنّه سيؤثّر سلباً على علاقته مع الإمارات والسعودية.
استجاب أحمد الحريري لذلك، وقال للأعضاء إنّ الاجتماع ألغي لأسباب شخصية على أنّ يحدّد موعد آخر لاحقاً. وحتى اليوم لم يُعقد أي اجتماع.
أفاد مصدر مقرّب من تيار المستقبل لـ"المدن" أنّه كان لأحمد الحريري تحرّكات ملحوظة قبل الانتخابات النيابية بيوم واحد، إذ اتصل أحمد الحريري بمنسّق عام جبل لبنان وليد سرحال وقال له أنّ يصبّ الأصوات للنائب مروان حمادة.
تابع المصدر أنّ أحمد الحريري أكّد لسرحال أنّ الحريري يعلم بهذه الخطّة وموافقاً عليها، ليتّصل أحمد الهاشمية بالحريري ويخبره بالتفاصيل. غضب الحريري من تحرّكات ابن عمّته واتصل بسرحال، حسب المصدر، وقال له أنّ الحديث عار من الصحّة، والاعتكاف عن العمل السياسي ما زال سارياً. على أثرها، اصطدم "الحريريون" سياسياً فيما بينهم، إضافة إلى بعض الخلافات في الأعمال الخاصّة، ليكون كلام سعد الحريري عالي النبرة بأنّه حريص على توافق علاقاته مع دول الخليج العربي ولا يريد أي نشاط سياسي.
العمل الاجتماعي
يركّز رجل الأعمال أحمد هاشمية، الذي كان له حضور مادّي في الانتخابات النيابية الأخيرة، على العمل الاجتماعي بعيداً عن العمل السياسي. وبسبب الصراع المستمر منذ الانتخابات بين "الأحمديْن"، عمل الحريري على وضع اتفاقية تراضٍ بين الطرفيْن.
شدّد الحريري على ضرورة وقف العمل السياسي بشكل نهائي ولا عودة عن هذا القرار في المستقبل القريب، وتحويل العمل إلى الميدان الاجتماعي، أي بما يتعلّق بتقديم واجب العزاء والمساعدات وما أشبه ذلك.
أمّا هاشمية، فاجتمع مع مسؤولين في "بيت الوسط"، واتفق معهم على تنشيط العمل الاجتماعي وتحويل الأسماء الموجودة على لوائح الشطب في "داتا" بيت الوسط كلوائح لتقديم المساعدات لهذه العائلات تحت اسم "سعد الحريري"، عبر إدارة هاشمية.
ومن حين لآخر يعود النقاش حول أهمية إعادة الاجتماعات والمؤتمر العام من أجل الاستمرار بالعمل التنظيمي في التيار، لتبقى شعارات غير قابلة للتطبيق في الوقت الحالي.
زيارة قطر
زار نادر الحريري برفقة والدته بهية الحريري قطر للقاء وزير الداخلية القطري، وأكّدت مصادر لـ"المدن"، أنّ اللقاء لم يكن سياسياً، إنّما ركّز على الشق الاقتصادي فقط. فقطر تعمل على توكيل شركات لتفكيك بعض الملاعب بعد كأس العام المقرّر في 20 تشرين الثاني 2022، ونقلها بعد الانتهاء منها إلى دول إفريقية.
المعلومات تشير إلى أنّ نادر الحريري مهتم بتفكيك ملعبيْن، فالمردود المادّي سيكون مهمّاً. ولم يتطرق إلى الحديث السياسي مع المسؤولين القطريين. كما أنّه ووالدته لم يلتقيا أمير قطر بسبب تواجده في المملكة المتّحدة لتقديم واجب العزاء بالملكة إليزابيث الثانية.
في الخلاصة، "تيار المستقبل" ينجرف نحو الماضي والنسيان شيئاً فشيئاً.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها