قبل أيام، خرجت مجموعات نسوية في مسيرة جالت شوارع بيروت، في مناسبة يوم المرأة العالمي، للمطالبة بمنح المرأة حقوقها ومساواتها بالرجل، لاسيما حق المرأة بمنح الجنسية لأبنائها وزوجها إسوة بحق الرجل في ذلك. وفي عيد الأم، الأربعاء في 21 آذار 2018، خرج وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ليعلن مبادرة تجاه المرأة اللبنانية تمثلت بتقديمه مشروع قانون تعديل قانون الجنسية اللبناني الصادر في العام 1925، يعطي المرأة اللبنانية حق منح الجنسية لأولادها في حال كانت متزوجة من غير لبناني باستثناء المتزوجات من دول الجوار، لاسيما سوريا وفلسطين بحجة رفض التوطين، ومساواة الرجل بها.
هذا المشروع، يطرح تعديل ثلاث مسائل أساسية في قانون الجنسية اللبنانية، إذ ستضاف كلمة أم على
المادّة التي تقول: "يعد لبنانياً كل شخص مولود من أب لبناني". ثم سيساوي هذا التعديل الرجل بالمرأة، بحيث لن يكون من حق الرجل منح الجنسية لأولاده وزوجته ممن يحملون جنسية دول الجوار. أما النقطة الثالثة، فإنه سينص على بعض الاستثناءات لبعض الحالات التي يمكن أن تحصل على الجنسية بمرسوم، نظراً لاعتبارات كثيرة.
للوهلة الأولى، يمكن لأي لبناني أن يعي أن التعديل الذي يقترحه باسيل بمساواة المرأة بالرجل، هي مساواة سلبية تسلب حقوق الغير ولا تمنح الحقوق للمرأة، بعكس ما تطالب به النساء في لبنان. ويمكن أن يقرأ كاقتراح عنصري يأتي في سياق الحفاظ على "الديموغرافيا الطائفية".
من هنا، تجد رئيسة المجلس النسائي اللبناني والناشطة في حملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي" إقبال دوغان، أن هذه الصيغة "تعمق الأزمة ولا تعالجها، وتأتي في سياق المبادرات الانتخابية ولا تصب في مصلحة المرأة كما يتم الترويج لها، لأن النساء يطالبن بحقوقهن كاملة وغير منقوصة. فمن غير المقبول التمييز بين امرأة لبنانية وأخرى. كما أن المطالبة بحقوق المرأة لا تعني سلب الرجل حقه في منح الجنسية لأولاده".
تضيف: "استثناء الفلسطينيين طرح قديم لم نوافق عليه سابقاً. بالتالي، فإن هذا الاقتراح غير فاعل ولا نوافق عليه ويمكن أن نطعن بدستوريته، على عكس القانون القديم الذي وضع قبل أن تتألف المحكمة الدستورية". وتشير إلى أن تعديل القانون أمر مطلوب، لكن ليس بمثل هذه الصيغة. فالأجدى كان وضع معايير لمنح الجنسية سواء أكان للمرأة أو الرجل.
وفي رأي منسقة الحملة كريمة شبو، فإن ما أعلنه باسيل هو مجرد مبادرة لا يمكن تقييمها، لكنها مرفوضة لجهة القبول بأحقية امرأة على أخرى في لبنان. وتقول لـ"المدن": "معركتنا ليست مع الرجل اللبناني وإنما مع عقلية النظام الذكوري". من هنا، فإن فهم السياسيين مساواة المرأة بالرجل هو فهم خاطئ إذا جاء في سياق سلب ما منح للرجل كي يتساوى مع المرأة.
وفي هذا السياق، أظهرت دراسة رسمية أعدتها وزارة الداخلية، في العام 2013، أن مجموع اللبنانيات المتأهلات من أجانب بلغ 76003 حالات. كما أظهرت نتائج التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، الذي جرى نهاية العام 2017، أن عدد المتزوجات اللبنانيات من فلسطينيين بلغ نحو4 آلاف فقط. وهو عدد ضئيل جداً مقارنة مع فزاعة التوطين التي يروج لها.
ومن أجل فهم طرح باسيل أكثر يمكن النظر إلى الأرقام التي تعطي شرحاً مفصلاً حول الموضوع. إذ أظهرت نتائج مسح ميداني أجرته الباحثة اللبنانية فهمية شرف الدين، في إطار دراسة حول "أوضاع النساء المتزوجات من أجانب" بالتنسيق مع الأمم المتحدة (مسح ميداني بين العامين 1995 و2008)، أن نسبة المتزوجات من غير لبنانيين بلغت 8.2% من المسلمات، و2% من المسيحيات. ووفق الدراسة، فإن 87.5% من عقود الزواج بين لبنانيات وغير لبنانيين مسجلة لدى المسلمين، و12.5% مسجلة لدى المسيحيين. وأن أكبر نسبة زواج بين لبنانيات وغير لبنانيين هي لدى الطائفة السنية، وتقدر بنسبة 11.1% من اجمالي السُنة، تليها الطائفة الشيعية بنسبة 6.9%.
وأظهر المسح أن من بين المسلمات المتزوجات من غير لبنانيين ونسبتهم 8.2%، تبلغ نسبة المسلمات المتزوجات من مواطنين عرب 81.8%، و9.1% منهن تزوجن من مواطنين أوروبيين، و4.7% من مواطنين أميركيين. فيما يبلغ عدد المسيحيات المتزوجات من عرب 50.2% و25.6% تزوجن من أوروبيين، و16.3% تزوجن من أميركيين.
أما عن جنسيات الأزواج بحسب طائفة الزوجة فأتت كالآتي: 38.9% من النساء من الطائفة السنية تزوجن من فلسطينيين، و19.2% من سوريين و7.9% من مصريين، أما النساء الشيعة، فإن 22.3% منهن تزوجن من عراقيين، و20.3% تزوجن من سوريين و9.6% من مصريين. أما المسيحيات فإن 29.7% منهن تزوجن من سوريين، 10% من أميركيين، 9.4% من فرنسيين، 8.2% من فلسطينيين و7.3% من مصريين.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها