عاد الحديث عن وضع سجناء سجن الريحانية، الذي يوصف بالأكثر سوءاً. لكن، هل أصبح السكوت مسموحاً بعدما هدّد أحد الموقوفين بالانتحار بسبب الضرب اليومي الذي يتعرّض له؟
هذا السؤال، يطرحه الإسلاميون الذين فقدوا الأمل من إقرار قانون العفو العام، بعدما تسرب خبر إعلان الموقوف ع. أ. البالغ 24 عاماً، عن نيّته بالانتحار نتيجة الضرب المبرح الذي يتعرض له في سجن الريحانية، وفق ما تنقل عائلته عنه. ع. الذي جرى توقيفه قبل سنتين وأخلي سبيله بعد محاكمته، أُعيد إلى السجن إثر خروجه، بعدما عثرت مخابرات الجيش في هاتفه على صورة يضع فيها عُصبةً حول رأسه طُبع عليها عبارة "لا إله إلا الله"، لاعتبار هذه العصبة رمزاً من رموز تنظيم داعش. عليه، صدرت بحقّه مذكرة توقيف، وأحيل إلى سجن الريحانية بعدما انتهى من المحكمة. ماذا يحدث معه؟
في الزيارات التي تقوم بها عائلته للقائه في السجن، أخبرهم أنّه يتعرض لأسوأ المعاملات في سجنٍ انفرادي، وأنّ عدداً من العناصر يدخلون سجنه في كلّ ليلة لركله بأقدامهم وضربه حين يكون نائماً. ونتيجة ما يتعرض له من تعنيف، أخبر عائلته أنّه قرر الانتحار، وبكى أمامها وطلب منها السماح، وقد بدا عليه وضعاً صحياً صعباً وحالةً نفسيّة هستيرية.
هذه القضيّة، دفعت وكيله محامي الموقوفين الإسلاميين محمد صبلوح إلى التقدّم بشكوى رسمية أمام النيابة العامة التمييزية لدى القاضي سمير حمود. وذلك باعتبار أنّ ما يتعرض له ع.، هو انتهاك لاتفاقية مناهضة التعذيب وارتكاب جريمة التعذيب المنصوص عنها في المادة 401 عقوبات الجديدة. ويشير صبلوح لـ"المدن" إلى أنّه طلب تعيين طبيب شرعي مستقل وطبيب نفسي مستقل للكشف على المدعي خلال ساعات قليلة لأهمية القضية، إلى جانب فتح تحقيق يكشف الحقيقة كاملةً. فـ"نهار الاثنين 22 تشرين الأول، سأرجع العميد حمود، وإذا لم يجرِ تعيين الطبيبين المذكورين يكون ذلك نوعاً من التملص واعترافاً بجرم التعذيب".
في الواقع، منذ نحو 3 سنوات ونصف حين نُقل عدد كبير من الموقوفين الإسلاميين من المبنى "د" في سجن رومية إلى سجن الريحانية تأديباً، تلوح شائعات عن ظروف إنسانية صعبة يعيشها السجناء، لا سيما أنّ الريحانية وبقية سجون وزارة الدفاع والجيش، يصعب لأي شخص معرفة ما يجري فيها كونها تحت سلطة مباشرة من قيادة الجيش. لكن، هل ما صحّة هذا الواقع؟
يشير مصدر أمني في الشرطة العسكرية لـ"المدن"، إلى أنّ كلّ ما يُشاع عن عمليات تعذيب في السجن هو مستحيل وعارٍ من الصحة. فـ"نحن منذ فترة طويلة، لا سيما بعد أحداث عبرا، تغيّرت أحوال السجن رأساً على عقب، وأصبحت إدارة السجن ملزمة بمراعاة الحقوق الإنسانية للسجناء وفقاً لما تراعيه القوانين والمعاهدات الدولية". يقول: "عمليات التعذيب لم تعد متاحة أصلاً، في ظلّ وجود الصليب الأحمر ومندوبين عن الهيئات الدولية التي تقوم بكشف دوري على السجناء والمباني والمنامة والغرف والحمامات وكل المسائل الإنسانية". أما في ما يخص قضيّة ع.، فقد "تحققنا من وضعه، ولم يصبه أيّ مكروه، وبدت حالته مستقرة، حتّى أنّ الموقوقين بتهمٍ أكبر من تهمته بكثير لم يتعرضوا لأي نوع من أنواع التعذيب. لكن، على التحقيقات نتيجة الشكوى المقدمة أن تكشف جميع الملابسات".
وفي ما يخصّ قانون العفو العام، يشير صبلوح إلى أنّ البحث في الملف أصبح أكثر جديّة من قبل، وأنّ الأهالي على موعد بوضعه في أولويات البيان الوزاري بعد تشكيل الحكومة. بعدما "تلقوا بذلك وعداً من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الذي يظهر اهتماماً بالغاً بالموضوع، وهو مطلب جامع بين القيادات السنيّة والشيعية".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها