ولا يحتاج واحدنا، إذ يفكر في مسألة المخيمات، وخروجها عن سلطة الحكومة اللبنانية، إلى دليل يفسر به هذا الميل المتنامي، واللاأخلاقي، عند لبنانيين كثر. لكن الاستقواء، كما في نسخته اللبنانية- الفلسطينية، ليس غير استهانة في عيش آخرين. وهذا ما لا يبدو مفاجئاً أيضاً، في ارجاعه إلى سياقاته التاريخية والاجتماعية.
لكن، في آخر المسألة، يمارس الداعون إلى التدخل العسكري قصر النظر. وهو سلوك سياسي/ جماعي، قبل أن يكون ميلاً أولياً واشباعياً إلى العنف. وهذا ما يكشفه استرداد ذكرى تدمير مخيم نهر البارد. كأنها فردوس مشتهى. غير أن هذه التجربة، التي لم تُساءل لبنانياً في مدى نجاحها، عسكرياً على الأقل، ليست تدميراً لمخيم فلسطيني فحسب، في مدة زمنية محدودة، بل تقصير في أعمار ناس. وإلى آخره.
في الراهن، لا يبدو مفيداً دعوة داعمي الحل العسكري إلى نظرة أكثر إنسانية. ولا التذكير بالقضية الفلسطينية، ونكبة أهلها المستمرة، والخبز والملح. فكثر من اللبنانيين، في إلتزامهم بقواعد الجماعات في تسلبطها على غيرها، سبق لهم أن نزعوا عن الفلسطينيين- جماعة واحدة- إنسانيتهم. وهم، إذ يبحثون هذه المرة عن حل لن يجدوا ما يرضيهم غير انشقاق الأرض بهم. هكذا، تبدو المشكلة، لا في المخيم وواقعه، الذي لا يرضي أحداً بالضرورة، بل في التفكير الآن- وليس قبل 60 سنة مثلاً- بحل يراكم مئات الضحايا. بينما يبدو الحل، الأقل ضرراً، حقاً هو ألا نجد حلاً وأن لا نفكر فيه.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها