واحدة من الفضائح الفاقعة أن أحداً في الفريق المحسوب على الرياض ما كان ليتصرف بنفس مستوى حالة الطوارىء القائمة الآن لولا الغضبة السعودية، والتراجع عن هبة دعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية!
الى حين قرار الرياض، إعتقد الجميع أن العاصفة مرت، وأن “الدلع” اللبناني، سيسمح بعبور لبنان هذا الاستحقاق، وأن الإكتفاء ببيان ادانة وإستنكار سيفي بالغرض.
وهذا ما فاقم إحساس الرياض بأن حصتها في البلد، ما عادت الحصة التي كانت لها تقليدياً في السياسة اللبنانية، وهو ما دفعها لإعادة تقييم علاقتها بلبنان واعلانها عن “إتخاذ قرارات” وليس قرار، ما يعني أننا سنشهد المزيد من التصعيد. الحقيقة الجارحة أن مسؤولية المملكة عن وصول الاوضاع الى ما وصلت اليه لا تقل عن مسؤولية الفريق السياسي المتحالف معها! لكن هذا بحث آخر سيحين آوانه في المكان المناسب وللجمهور المناسب.
أما وأن المملكة قد إتخذت قرار المواجهة في لبنان، فهذا يضعها ويضع حلفاءها أمام مسؤوليات، حيال هذه المعركة وإدارتها وقواها ومتطلباتها، سياسةً واعلاماً ومالاً وفريق عمل.
ولعل أولى الخطوات الجدية المطلوب المضي فيها قدماً هو تحديد الثاني من آذار يوماً أخيراً من عمر حكومة تمام سلام، الذي بالمناسبة، وبكل إحترام ومحبة، ينبغي أن يتوقف عن التصرف كخبير محلف في الأمم المتحدة. لا يا تمام بك، ليس مقبولاً من رئيس وزراء لبنان أن يخاطب اللبنانيين بأنه “يتيم”! من أين نأتي لك بأبوة، لم تستطع تحصيلها من رئاسة الحكومة وهي ما هي في النظام السياسي اللبناني! سامحني على مصارحة متأخرة!
اليتيم ليس مكانه في السراي الحكومي، وسأكتفي بهذا على قاعدة “وأما اليتيم فلا تقهر”!
ليكن الثاني من آذار موعداً نهائياً. إما أن تعقد جلسة مكتملة النصاب وينتخب رئيس للجمهورية ، تعتبر بعده الحكومة مستقيلة وإما أن تستقيل الحكومة نتيجة افتضاح مشروع التعطيل والفراغ الذي يقوده حزب الله.
يلي ذلك توقيف الحوار مع حزب الله الذي ما عاد يقدم او يؤخر، وليس سوى حفلة تكاذب متبادلة بين فريقين، يعلم كل منهما الفارق الكبير بين المعلن والمضمر! وما السعديات إلا رسالة صغيرة بشأن إستعدادات حزب الله لتكرار جريمة استخدام السلاح في الداخل.
ثالثاً بإعلان الخروج من التزام التسوية بترشيح سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية، على قاعدة أننا رضينا “بالهم والهم ما رضي فينا”! ليس هذا إنتقاصاً من سليمان فرنجية الذي تعمق الحوار الجدي معه في كل العناوين وأحسب أنه أسس لعلاقة لن تقف عن حدود المعركة الرئاسية، أياً تكن نتائجها.
لسعد الحريري شرف محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن هذا مسار يتطلب حداً أدنى من رغبة خصومه في إلتقاط لحظة التسوية. والا فإن فائض محاولات التسوية والإنقاذ باتت تأتي بنتائج معاكسة للأهداف المرجوة.
تغير الزمن. نحن أمام سعودية جديدة، وأمام لبنان جديد بل أمام عالم عربي جديد.
الرياض التي تدفع دماً في اليمن وسلاحاً في سوريا وثروات في مصر ما عادت تكتفي من لبنان ببيان إدانة.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها