عندما اطلق رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون مبادرته في ايار الماضي والتي ضمّنها مقاربته للخروج من الأزمة، وإجراء استفتاء شعبي للرئاسة، بدا لكثر أن عون يسوف، وأن ما يقول ويطرح مجرد "مزحة"، لكن عملياً يبدو أن الإستعدادات تقترب، خصوصاً أن بكركي تعتبر أن هذا الطرح هو طرحها وأن البطريرك الكاردينال بشارة الراعي كان أول من دعا الي مقاربة مشابهة قبل الشغور الرئاسي.
بعد حدث الثاني من حزيران المتمثل باعلان النيات بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، وعملاً بالمثل الشعبي "اليد لوحدها لا تصفق"، بدأت رحلة البحث عن مظلّة مسيحية يجتمع تحتها الافرقاء المسيحيون للمطالبة بانتخاب رئيس للجمهورية في شكل مختلف عما عرف لبنان منذ اتفاق الطائف، والذي يرى فيه العديد من القوى المسيحية "بأنه اقرب الى التعيين لا الانتخاب لناحية الاتيان بمن لا تمثيل وازناً له".
لذلك، وعشية اليوم الـ400 للشغور الرئاسي، يتفق الجميع على أن هذا الاستحقاق يشكّل فاتحة الحلول والمدخل الفعلي لانهاء الأزمة. واذ يسلّم الافرقاء المسيحيون بذلك، الاّ انهم يختلفون مع سواهم على مقاربة المعالجة، "فإذا كان الهدف هو انتخاب رئيس للجمهورية، فعلى هذه الخطوة المهمة ان لا تكون مجرّد شكليات، تأتي بمن يختاره غير المسيحيين الى كرسي الرئاسة الأولى، على غرار ما حصل مع ثلاثة رؤساء للجمهورية منذ اتفاق الطائف".
وتشير معلومات "المدن" الى أن هذا المسعى اكتسب زخماً اكبر من خلال الدعم الذي ابدته بكركي، والتي كانت اول من تحدّث عن مسألة استطلاع الرأي خلال مقابلة تلفزيونية للراعي، قبل الشغور الرئاسي، وفي الساعات الماضية، كانت ابواب بكركي تفتح عصراً لاستقبال موفد عون النائب ابراهيم كنعان، الناشط على خط مساعي الارضية المسيحية الجامعة.
وتلفت معلومات "المدن" الى أن بكركي جددت بركتها لاجواء التلاقي المسيحي - المسيحي، وأعربت عن تأييدها ودعمها المساعي الآيلة الى انجاز استطلاع الرأي لمعرفة المزاج المسيحي، وأن البطريرك سأل خلال اللقاء الأخير عن المرحلة التي قطعها التحضير العملاني لخطوة الاستطلاع، فكان الجواب بأنها باتت في مراحلها النهائية، لاسيما في ضوء خطوط التواصل المفتوح مع معراب وبنشعي، علماً ان ابواب المبادرة باتجاه الصيفي واردة في أي لحظة، اذا ما ابدى حزب "الكتائب" رغبة في ذلك.
وفي هذا السياق، يؤكد المعنيون بخطوط التواصل أن الوقت ليس للحسابات الانتخابية، "وانه يفترض بمن ينادي بالاتفاق المسيحي والوحدة، ان يتحلى بالايجابية، لا سيما أن احداً لا يفرض شيئاً على الآخر، بل يطرح الركون الى المعايير الديمقراطية واحترام خيار الناس".
ضمن هذا المسار، تستمر بكركي في قرع جرس الانذار والضغط على المعنيين في اتجاه انهاء الشغور الرئاسي. وكان كلام الراعي خلال زيارته الرعوية الأخيرة لعمشيت واضحاً في هذا السياق لجهة قوله "ليتفضلوا وينزلوا الى المجلس النيابي لانتخاب رئيس وليس هناك سوى ذلك. ان البلد يموت والمؤسسات تتفكك... وان الديموقراطية لا تقبل بمرشح واحد للرئاسة".
لا ترى اوساط المتحركين على الخط المسيحي اختلافاً في وجهات النظر مع بكركي على هذا الصعيد، لاسيما أن استطلاع الرأي المطروح لا يحصر المسألة بشخص، بل يتيح الفرصة امام التنافس المسيحي - المسيحي لاختيار الاقوى من بين الاثنين اللذين يحوزان على اكبر نسبة من المستطلعين.
واذا كان البطريرك يريد التزام الافرقاء بالنتائج، فإن حركة التواصل القائمة تهدف الى تحقيق ذلك. وفي هذا السياق، يبدو المتحركون على خط التواصل كمن يصعد درج التلاقي الدرجة بعد الأخرى بتأنٍ وعناية. لكن الأكيد، بحسب المعطيات، ان لا عودة في هذا التوجّه الى الوراء، وان تجديد البركة البطريركية، غير البعيدة عن الامنيات الفاتيكانية، تكون ما يشبه شبكة الامان حول الاجماع المسيحي المطلوب على هذا الصعيد.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها