السبت 2024/09/14

آخر تحديث: 13:08 (بيروت)

بين روسيا ودول الخليج.. "حوار استراتيجي"

السبت 2024/09/14
بين روسيا ودول الخليج.. "حوار استراتيجي"
كرر لافروف مواقف روسيا المعروفة بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة (Getty)
increase حجم الخط decrease
في التاسع من أيلول/سبتمبر عقد المجلس الوزاري "للحوار الاستراتيجي الروسي الخليجي" دورته السابعة، في مقر مجلس التعاون الخليجي في الرياض، بمشاركة وزراء خارجية روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي، وحضور وزيري خارجية الهند والبرازيل. وعلى خلفية الحريق المستعر في المنطقة، كان من البديهي ألا ينال اللقاء اهتماماً يُذكر في إعلام المنطقة والعالم. لكن إعلام الكرملين، إضافة إلى التغطية الإخبارية للقاء، توقف عند المؤتمر الصحافي الذي عقده سيرغي لافروف في ختام اللقاء. وشكلت النقاط التي أثارها في إجاباته، موضوعات تعليقات المحللين الروس على الحدث، سيما في ما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، الصراع مع الغرب وموقف روسيا من المفاوضات بشأنها.

كرر لافروف مواقف روسيا المعروفة بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة، واحتمال توسع الحرب إلى المنطقة بأسرها. وجديد الموقف الروسي في هذا الموضوع الذي يمكن الإشارة إليه، وتوقفت عنده مواقع الإعلام الروسية، هو المطالبة بمباشرة العمل لقيام الدولة الفلسطينية.

إحدى كبريات الصحف الروسية الاتحادية Kommersant عنونت النص الذي نشرته في 9 الجاري بهذه المناسبة، بالقول إن بين روسيا ودول الخليج "مجلس وتعاون". وأشارت إلى أن منصة الحوار الاستراتيجي بين روسيا ودول الخليج نشأت في العام 2011، وتوقف نشاطها بين العامين 2016 و2022 بسب الخلافات الداخلية بين هذه الدول، ومن ثم جائحة كورونا. وفي العام الماضي استؤنف الحوار الاستراتيجي هذا، وتم عقد اللقاء في موسكو. وتوافق المتحاورون حينها على العمل على رفع حجم التبادل التجاري والاستثمارات، وعلى تطوير إمدادات الطاقة. واستعرض المجتمعون في الرياض هذه السنة ما تم القيام به في هذا الشأن، و"عبروا عن ارتياحهم لسير العمل في تنفيذ خطة العمل المشترك"، حسب ما نقلت الصحيفة عن الخارجية الروسية.

أشارت الصحيفة أيضاً إلى ما صرح به لافروف في لقائه مع وزير الخارجية السعودي والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عن مدى اهتمام روسيا بتطوير العلاقات مع دول الخليج، خصوصاً في حقول الاقتصاد والتكنولوجيا والتبادل التجاري. ورأت أن العلاقات التجارية الاقتصادية بين روسيا ودول مجلس التعاون تمر فعلاً بمرحلة ازدهار، خصوصاً فيما يتعلق بالمنتجات النفطية والسلع الزراعية. ونقلت عن وزير الزراعة الروسي السابق قوله بأن حجم تبادل السلع الزراعية بين روسيا ودول مجلس التعاون، بلغ العام الماضي أكثر من 1,6 مليار$، وارتفع منذ العام 2017 بمقدار 1,7 ضعفاً.
نص كلمة لافروف ووقائع المؤتمر الصحافي الذي عقده في ختام اللقاء نشرهما موقع وزارة الخارجية الروسية، وقام كل موقع بإبراز ما يراه الأهم. معظم المواقع نقلت عن لافروف تأكيده على الموقف الروسي المعهود بشأن إقامة الدولة الفلسطينية كحل مستدام للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ورأى بعضها في دعوة لافروف للمباشرة بإقامة هذه الدولة ما هو جديد يستحق إبرازه في عنوان النص.

نقلت Kommersant عن لافروف قوله بان روسيا تلعب دوراً مهماً في التسوية. وهي تحرص على التواصل مع إسرائيل ومع مختلف الفصائل الفلسطينية، بما فيها فتح وحماس. وأضاف أن روسيا تعمل على تطبيع الوضع مع جميع الأطراف، وأكد أن الحؤول دون اندلاع حرب شاملة، "مسؤولية مشتركة" بين كافة اللاعبين العالميين.
وعن ما رشح عن إحتمال أن تعمد الولايات المتحدة إلى عقد صفقة منفردة مع حماس، بعد إقتناعها برفض نتنياهو عقد مثل هذه الصفقة، قالت الصحيفة إن روسيا تنظر إلى الأمر من منظارها. ونقلت عن لافروف قوله للصحافيين إن روسيا تعتبر محاولات واشنطن الهيمنة على مختلف العمليات في الشرق الأوسط، محاولات فاشلة. وأضاف قائلاً، بأن محادثاته "اليوم مع الزملاء العرب" أكدت ذلك.

النقطة الرئيسية التي ركز عليها الإعلام الروسي في حديث لافروف مع الصحافيين وكلمته في لقاء "الحوار الاستراتيجي" مع دول مجلس التعاون، كانت الموقف من المفاوضات بشأن التسوية في أوكرانيا والوسطاء المحتملين.
وكالة الأنباء الروسية المحلية Regnum رأت أن لافروف أعلن في الرياض ما دعته "معادلة حل النزاع في أوكرانيا". وقالت إنهم يتحدثون في الغرب دائماً عن شروط مفاوضات السلام في أوكرانيا، وكان آخرهم المستشار الألماني أولاف شولتز، الذي كان حتى الآن ضد هذه المفاوضات. وترى الصحيفة أن سبب انعطافة شولتس كانت الهزيمة "الساحقة" في شرق ألمانيا التي تكبدها الائتلاف الألماني الحاكم في الانتخابات الأخيرة، ، والتي أظهرت الكلفة الباهظة وعدم شعبية الموقف الألماني الرافض لتخلي أوكرانيا عن أراضيها المحتلة كشرط للمفاوضات.

رأت الوكالة أيضاً أن "معادلة السلام" التي أعلنها لافروف في اللقاء مع دول الخليج ترد على طروحات الغرب هذه، بما فيها ما أعلنه شولتس مؤخراً. ونقلت عن لافروف قوله أن الصحافة الألمانية وسواها من أجهزة الإعلام، تتضمن التلميح إلى أنه يتعين حل مسألة الأراضي انطلاقاً من الوقائع على الأرض. وأضاف قائلاً بأن المسألة ليست مسألة أرض، و"لم نكن يوماً نريد الإستيلاء على أراضي الغير"، بل كانت روسيا تريد أن يعاملوا معاملة إنسانية قاطني الأرض الذين "يشكلون جزءاً لا يتجزا من العالم الروسي، الثقافة الروسية، اللغة، التاريخ، والدين، أن يعاملوهم بمقتضى القانون الدولي والمعاهدات العديدة بشأن حقوق الإنسان". وأكد أنه حتى اليوم لم تتطرق إلى هذه الحقوق أي من مبادرات الوساطة، بما فيها الصينية والهندية والبرازيلية.
وعن تجاهل لافروف ذكر دول خليجية حاولت عرض وساطتها في النزاع الأوكراني، نقلت الوكالة عن خبيرة المجلس الروسي للعلاقات الدولية Elena Suponina تبريرها هذا التجاهل، بالقول إن البلدان العربية تقوم بوساطاتها في المسائل المتعلقة بالصراع في أوروبا الشرقية، ووساطاتها تتعلق بالقضايا الإنسانية بالدرجة الأولى: تبادل الأسرى ومساعدة الأطفال اليتامى. وأضافت بالقول أن العرب يعرفون جيداً أن أي وساطة سلمية يجب أن تأخذ بالحسبان مصالح روسيا. لكن موقف أوكرانيا والمساعدة التي يقدمها لها الغرب، لا يسمح بتحقيق أي خرق على هذا الاتجاه.
كما نقلت عنها الوكالة قولها بانه كان على موسكو في وقت سابق أن تركز في الأزمة الأوكرانية على قضايا حقوق الإنسان، التي أصبحت مفهومة للعالم العربي بمساعدة الغرب.

في النص الذي نشره موقع absatz الروسي في 9 الجاري بمناسبة اللقاء الدوري السابع لمنصة "الحوار الاستراتيجي" بين روسيا ودول الخليج، تحدث عن اتهام لافروف للغرب بأنه لا يريد سوى إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا.
كما نقل عنه الموقع قوله في ختام لقاء الرياض، إن زيلينسكي قد أضجر الجميع بـ"مبادرته الإنذار". وتمسُك الغرب بها يعني أنه لا يريد التفاوض بنزاهة، بل يستمر في العمل لكي تقترب روسيا من الوضع الذي يتيح له إلحاق هزيمة استراتيجية بها. وعلق على اقتراح المستشار الألماني أولاف شولتس دون أن يسميه، بالقول إن الحديث عن مفاوضات مع أوكرانيا وحل النزاع كقضية تبادل أراضي، ليس حديثاً جدياً.
لكن، وعلى الرغم من وصف لافروف هذا لاقتراح شولتس، نقل الموقع عن عضو لجنة مجلس الاتحاد للعلاقات الخارجية Sergey Tsekov تصريحه بأن موسكو ستطلع "بالتأكيد" على خطة أولاف شولتس في حال تم إبلاغها بها.
موقع قناة التلفزة tvbrics الرسمي لمجموعة دول بريكس، ومقره موسكو، رأى في 10 أيلول/سبتمبر أن حضور وزيري خارجية البرازيل والهند لقاء الرياض، يشير إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تريد توسيع الحوار الاستراتيجي مع روسيا، ليشمل البلدين المذكورين من مجموعة دول بريكس.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها