الإثنين 2024/07/08

آخر تحديث: 07:20 (بيروت)

لعنة اللبننة تحلّ على فرنسا

الإثنين 2024/07/08
لعنة اللبننة تحلّ على فرنسا
increase حجم الخط decrease
صدرت نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة في فرنسا والنتائج الأولية تظهر فرنسا مقسومة إلى ثلاث فرنسات !
١-فرنسا اليمينية بزعامة مارين لوبين التي استطاعت عمليا جذب ناخبي اليمين الديغولي و ضمه إلى صفوفها ، فمعظم ناخب اليمين المحافظ يرون أنفسهم وأفكارهم في حزب لوبين وهم اكثر من ثلث الشعب الفرنسي  .
٢- فرنسا الرئيس ماكرون  التي حازت على اقل من ثلث المقاعد و هي ائتلاف و تحالفات بين عدة احزاب و شخصيات بعضها من اصول  يمينية ديغولية  محافظة و بعضها من الحزب الاشتراكي و بعضها من احزاب صغيرة على رأس كل منها شخصية حاولت لعب دور سياسي و خلق حيثية عندما احست بتراجع الحزبين التاريخيين ( الديغولي و الاشتراكي )  .
٣- فرنسا اليسارية  التي حازت على اقل من ثلث المقاعد و لكنها متقدمة على باقي المعسكرات، هي ائتلاف يضم الاشتراكي و البيئة و فرنسا الأبية بزعامة ميلنشون و بقايا الشيوعي و بعض الشخصيات اليسارية ،  تحالف عريض في  الظاهر وهش من الداخل، فكل زعيم او شخصية من هذا الائتلاف تسعى لزعامة التحالف  بعكس اليمين الذي تتزعمه  لوبين حصراً.
نتائج الدورة الثانية للانتخابات التشريعية  اتت مخيبة لآمال جمهور اليمين بعد جرعتي أدرينالين تلقاهما عقب نتائج الانتخابات الأوروبية في9 حزيران و بعد ظهور  نتائج الدورة   الأولى للأنتخابات التشريعية في 30 حزيران.
حاز حزب لوبين على اعلى نسبة تصويت في الانتخابات الأوروبية و حصد 35 % من عدد المقاعد التي تحتسب بقانون  النسبية  على أساس فرنسا دائرة انتخابية واحدة .
اما  تقريش  الأصوات في الانتخابات التشريعية فمختلف تماما عن الانتخابات الأوروبية ، فرنسا مقسمة إلى 577 دائرة انتخابية ، و كل دائرة انتخابية هي مقعد واحد، حيث تغيب النسبية ، فقانون الانتخابات التشريعية يعتمد على نظام  الأغلبية الذي ضيّع عمليا أصوات حزب لوبين الذي حلّ اولاً في 93 ٪؜ من الدوائر الانتخابية ، الانسحابات المتبادلة بين مرشحي ماكرون و مرشحي اليسار أدت لخسارة حزب لوبين في العديد من الدوائر، لكن يجب التذكير  بالصعود السريع في التمثيل النيابي لحزب  لوبين في الانتخابات التشريعية ، عام 2017 حصل حزب لوبين على 6 نواب ، في 2022 حصل على 89 نائباً ، في انتخابات 2024 المبكرة حصلت لوبين على حولى 145 مقعداً حتى لحظة كتابة هذا المقال .

الأرقام التي خرجت من الصناديق تظهر مدى قوة حزب لوبين و تفوقه العددي على باقي المعسكرات رغم كل حملات الشيطنة الإعلامية التي تعرض لها في الإعلام ، مجموع ناخبي حزب التجمع الوطني 9 ملايين و ثلاث مئة ألف ناخب ، أما معسكر ماكرون فلم يتجاوز عدد ناخبيه خمسة ملايين وأربعمئة ألف، والجبهة الشعبية التي تمثل تحالف اليسار خمسة ملايين و مئة ألف ناخب. هذا العدد الهائل من الأصوات التي صبّت لليمين المتمثل بلوبين سيدرّ على حزبها اكثر من  خمسة وعشرين مليون يورو، لان قوانين الانتخابات و الجمعيات في فرنسا تفرض على الدولة الفرنسية تمويل الاحزاب بقدر الأصوات التي حاز عليها كل حزب. بعملية حساب بسيطة اصبح حزب لوبين الأغنى، ستدفع الدولة لهذا الحزب 3 يورو عن كل ناخب صوّت لحزبها مما سيمكنها من خوض انتخابات الرئاسة المقبلة بحملة انتخابية فيها وفرة من المال.

نتائج هذه الانتخابات أظهرت فرنسا منقسمة إلى 3 معسكرات، وبعض هذه المعسكرات منقسمة من داخلها الى فِرَق و شُعَب متناحرة على الزعامة و التصدّر.
هذا الانقسام أزال تفرّد قصر الاليزيه بالحكم و سيفرض على ماكرون تقاسم الحكم مع قصر بوربون  الذي يضم الجمعية العامة .
ثلاثة معسكرات في الجمعية العامة هي كفّ يدّ الاليزيه عن حصرية حكم فرنسا ، و انتقال قسريّ نحو نظام  حكم برلماني بفعل الأمر الواقع الذي فرضته نتائح الانتخابات البرلمانية المبكرة ، لعنة الدستور اللبناني المكتوب بحبر فرنسي ارتدّت على فرنسا لبننةً للحياة  السياسية الفرنسية .
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها