السبت 2023/06/24

آخر تحديث: 06:55 (بيروت)

كيف تقرأ موسكو الاتفاق الاميركي الايراني الوشيك؟

السبت 2023/06/24
كيف تقرأ موسكو الاتفاق الاميركي الايراني الوشيك؟
increase حجم الخط decrease

على الرغم من النفي الأميركي الرسمي لإمكان توصل المفاوضات "غير المباشرة" مع إيران الى "إتفاقية مؤقتة" بشأن البرنامج النووي الإيراني، تصر المواقع الإعلامية، خاصة الروسية والإسرائيلية، على  إحتمال عقد إتفاقية بين الطرفين. فقد نقلت الخدمة الروسية في إذاعة "صوت أميركا" في 15 الجاري عن ممثل الخارجية الأميركية ماثيو ميلر نفيه وجود إتفاقية مؤقتة بشأن برنامج إيران النووي. لكن المسؤولين الروس لا يستبعدون إمكانية توصل الولايات المتحدة وإيران إلى "إتفاقية ما""" بشأن "الصفقة النووية الإيرانية في ختام المفاوضات "السرية" بين البلدين، حسب ما صرح به نائب وزير الخارجية الخارجية الروسية سيرغي ريابكوف للصحافيين،على ما نقل موقع islam-today في 22 الجاري. وتصر مواقع إعلام الكرملين على أن روسيا حاضرة في مفاوضات الطرفين، وأن الولايات المتحدة تطرح على إيران تخليها عن تطوير العلاقات مع روسيا والتوقف عن مدها بالمسيرات والأسلحة الأخرى.  

موقع وكالة الأنباء الروسية  Regnum نشر في 15 الجاري نصاً بعنوان "واشنطن تقترح على إيران سراً شروط الإفتراق عن روسيا". قال الموقع بأن الإدارة الأميركية تجري مفاوضات سرية مع إيران للتوصل إلى إتفاقية غير رسمية، يصفها بعض المسؤولين الإيرانيين بأنها "وقف إطلاق نار سياسي". وينقل عن نيويورك تايمز قولها بأن ثلاثة مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى ومصدراً إيرانياً وآخر اميركياً اكدوا حقيقة المفاوضات غير العلنية بين واشنطن وطهران. وتتوقع الولايات المتحدة من إيران وقف تخصيب اليورانيوم عند المستوى الذي بلغه الآن، وإطلاق سراح مواطنين أميركيين من أصول إيرانية. لكن أهم ما تريده الولايات المتحدة من إيران، برأي الموقع ـــ أن تتوقف عن بيع الأسلحة الصاروخية لروسيا. 

ينقل الموقع عن المصادر المذكورة للصحيفة بأن إيران، في المقابل،  تتوقع أن تفرج الولايات المتحدة عن مليارات الدولارات من الأصول الإيرانية،  والتي يشترط ان تستخدم لأغراض إنسانية فقط. 

الباحث في معهد الإستشراق الروسي فلاديمير ساجين قال للموقع بأن إيران في وضع إقتصادي شديد الصعوبة، و "كما الهواء، هي بحاجة لرفع العقوبات". ومن دون أي إشارة لمصادره يقول بأن 10 مليارات دولار من الأصول الإيرانية تم تجميدها بعد الثورة الإسلامية مباشرة، وحتى أواسط العام 2010 كان حجم هذه الأصول المجمدة بفعل العقوبات قد بلغ 100 ــــ 120 مليار دولار. 

يقول الباحث أن ثمة أملاً بإحراز تقدم في مسألة تبادل السجناء بين الطرفين، سيما أن المفاوضات بينهما لم تتوقف منذ زمن بعيد، وامتدت لفترة طويلة عبر وساطة العُمانيين، "وأحياناً بشكل مباشر"، مما يؤكد إهتمام الطرفين بحل مسألة السجناء. 

يرى ساجين أن الولايات المتحدة وحلفاءها يستخدمون مع إيران سياسة السوط والجزرة. فهم يضغطون عليها بالتهديد بفرض عقوبات جديدة بسبب إمدادات السلاح "المفترضة" لروسيا، ومن جانب آخر يبذلون لها الوعود بالعودة إلى "الصفقة النووية". في لقاء مجموعة G7 في هيروشيما الشهر المنصرم دعا المجتمعون لحل مسألة البرنامج النووي الإيراني بالتوجه نحو "الصفقة النووية الإيرانية". وفي الوقت عينه طالب زعماء المجموعة طهران بضرورة التوقف عن دعم روسيا في الصراع مع أوكرانيا، وقالوا "ندعو إيران لوقف مد (روسيا) بالمسيرات المسلحة والآلات الطائرة". وينقل عن السيناتور الأميركي تيد كروز إعلانه بأن الكونغرس الأميركي يعد مشروع قانون بشأن تشديد العقوبات على روسيا وإيران معاً من أجل عرقلة تطور التعاون بين البلدين. 

كما ينقل الموقع عن الباحث في المجلس الروسي للعلاقات الدولية ومنتدى النقاش الدولي "فالداي" إيفان تيموفييف قوله بأن دوافع الولايات المتحدة للتفاوض مع إيران مفهومة. ففي ظروف أزمة الطاقة بسبب قرار  OPEC+ تخفيض حجم الإنتاج، تصبح الولايات المتحدة معنية بزيادة حجم عرض الوقود في السوق، ويأتي رفع العقوبات عن النفط الإيراني ليلبي الحاجة الآن. 

الدافع الثاني للولايات المتحدة للتفاوض مع إيران الآن يراه الباحث في مصلحة الولايات المتحدة في تخفيض عدد الأخصام وحدة التناقض مع إيران، والتركيز على المواجهة مع روسيا والصين. 

موقع الخدمة الروسية في Forbes تشر في 20 الجاري نصاً بعنوان " إستراحة في التصعيد: كيف كانت إيران والولايات المتحدة على مسافة خطوة من إختراق دبلوماسي". قال الموقع بأن واشنطن وطهران قريبتان من إتفاقية مؤقتة بشأن البرنامج النووي الإيراني. هذا بالذات ما تؤكده الصحافة الأميركية، وأحداث النصف الأول من حزيران/يونيو تؤكد هذا الأمر. وينقل عن الخبير في المجلس الروسي للعلاقات الدولية نيكيتا سماغين قوله بأن تفاصيل الصفقة تشير إلى غياب حل طويل الأمد للقضايا الأساسية.

يقول الموقع أنه منذ وصول بايدن إلى البيت الأبيض العام 2021، باشر على الفور العمل على إحياء "الصفقة النووية الإيرانية". وتبلورت بسرعة فكرة الإتفاقية المؤقتة مع طهران، والتي تسمح بإنقاذ الوضع إذا فشلت المفاوضات الرئيسية. ومنذ ذلك الحين لم يكن من الممكن الإتفاق لا على المدى القصير ولا الطويل. ومع ذلك، إذا كانت المسألة في ما يتعلق ب"الصفقة النووية الإيرانية" بدت ميؤوسًا منها عاماً تلو الآخر، تكاثرت المعلومات التي تفيد بأن الولايات المتحدة تختبر الأرضية للتوصل إلى إتفاق مؤقت.

أشار الموقع إلى تسريبات في نيسان/ابريل 2022 تحدثت عن مفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، لكنها باءت بالفشل لأن طهران لم تكن مستعدة بعد لتقديم تنازلات. ولجوء واشنطن حينها إلى وساطة عُمان لم يغير في الوضع كثيراً. لكن في حزيران/يونيو الجاري ظهرت بوادر إنعطافة جديدة، حيث أعلن خامنئي فجأة أن "ليس من سوء" في الإتفاق مع الغرب بشأن البرنامج النووي. وبعد أن أعلن العراق في 10 الجاري عن سماح الولايات المتحدة بتحويل مبلغ  2,76 مليار دولار لإيران، اعترفت الخارجية الإيرانية بأن المفاوضات لا تجري فحسب، بل تكاد تتكلل بعقد إتفاقية، "لكن ليس بشأن البرنامج النووي، بل بشأن تبادل السجناء". 

يقول الموقع بأن الصحافة الأميركية تؤكد بأن المسألة لا تقتصر على تبادل السجناء. فالحديث يدور عملياً عن إتفاقية غير شكلية تفرج بموجبها الولايات المتحدة عن أرصدة إيرانية مجمدة في كل من العراق وكوريا الجنوبية، والتي قد تبلغ بمجموعها 25 مليار دولار. كما تلتزم الولايات المتحدة بعدم فرض عقوبات جديدة، وعدم الإستيلاء على ناقلات نفط إيرانية وعدم السعي لقرارات معادية لإيران من جانب وكالة الطاقة النووية.

إيران من جانبها، تلتزم بإطلاق سراح السجناء وعدم تخصيب اليورانيوم أكثر من 60%. كما تلتزم أيضاً بعدم السماح للمجموعات الموالية لها بتوجيه ضربات لمواقع القوات الأميركية في الشرق الأوسط، وعدم تسليم روسيا صواريخ باليستية. لكن من السابق لأوانه الحديث عن إتفاق نهائي، وإن كان كل شيئ يشير إلى أن الطرفين، كحد أدنى، يسعيان إلى التوصل إلى إتفاقات ما. 

وبعد أن يسترسل الموقع في الحديث عن إستعداد الولايات المتحدة للجوء إلى الحل العسكري في حال حصول إيران على السلاح النووي، يقول بأنه يبدو أن هذا الحل يثير مخاوف الولايات المتحدة ليس أقل مما يثيره لدى إيران. وغياب إتفاق ما مع طهران سيضع واشنطن قريباً أمام خيار: توجيه ضربة أو القبول بإيران دولة نووية. وليس من المؤكد أن يعتمد الخيار العسكري من قبل أي رئيس أميركي، سواء كان بايدن أو ترامب أو سواه. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها