فخامة الرئيس الجنرال ميشيل عون
عندما قيل ان اول بلد ستزوره هو المملكة العربية السعودية ، تفاءلنا خيرا ، وربطنا خطوتك بمراجعة ما قد تكون اجريتها لموقفك ، وتذكرنا حديثك عن جيش لبنان الذي يجب ان يتولى الدفاع عن وطنه ، وتصورنا أن فخامتك قد تقلع عن اتخاذ مواقف منحازة لطرف لبناني ضد آخر، ولن تتدخل في الشأن السوري ، لانك صرت رئيسا ، والرئيس لا يتبنى عادة مواقف كان يعتمدها كسياسي تحكمه مصالح حزبية اضيق من مصالح وطنه واقل الزاما له . وكما انه لا يحق لي، كسوري ،الاعتراض على مواقفك وعلاقاتك الداخلية، لانها شأن لبناني خاص، فإنه لا يجوز، بالمقابل، ان احجم عن التدخل في ما يمكن أن يترتب من نتائج كارثية بالنسبة لشعب سورية على علاقاتك الخارجية والداخلية ، خاصة منها تلك التي تدفعك للانحياز إلى الطرف الايراني / الاسدي، الذي يدمر بلادنا ويقتل شعبها، الذي لم يعلن الحرب على احد ،ولم يحتل ارضا ايرانية أو يؤذي مواطني الضاحية الجنوبية. من غير المقبول ايضا أن تستخدم موقعك السامي لدعم اسد ايران، فانت تمثل اليوم جميع اللبنانيين، بمن فيهم الذين يدعمون منهم حق الشعب السوري في الثورة على استبداد طائفي ،فاسد وظالم، ولا تمثل فقط من غزوا سورية بأمر من طهران، وارتكبوا فظاعات موثقة ضد مواطناتها ومواطنيها ، في حين يعلن لبنان الرسمي ـ الذي يفترض انك رمزه ـ التزامه بسياسة النأي بالنفس كخيار وطني يخدم أمن وسلام شعبه .
فخامة الرئيس
لكن تفوهاتك الاخيرة تؤكد أنك قررت التخلي عن هذه السياسة، وان وصولك إلى الرئاسة بسلاح فصائل ايران المسلحة، التي تحتل لبنان تحت مسمى "حزب الله"، كان منعطفا يحمل مخاطر جدية على السوريين واللبنانيين وغيرهم من العرب والمسلمين ، منها تحويل لبنان الدولة إلى طرف في حرب مهلكة، بدأت فخامتك تجر الدولة إليها باقوالك ، التي تطالب مصر بارسال جيشها إلى سورية للقتال ضد شعبها بدل مطالبتها بلعب دورها التاريخي في انقاذ العرب من كوارثهم ، وتطالب العالم بقبول "بشار الاسد" باعتباره الشخص الوحيد، الذي يستطيع استعادة الامن والسلام الى سورية ، فكأنك لم تسمع من قبل بخطبه حول استعداده للحرب ،بعد ايام من ثورة السوريين السلمية، التي لم تطالبه بغير اصلاح نظامه ، ولا تعرف ما ارتكبه من فظاعات ضد الآمنين والعزل من مواطنيه، وخطط له من حرب مذهبية تأكل الاخضر واليابس قرر خوض غمارها على الطرف الآخر من خفض احكامهم واخلى سبيلهم من مقاتلي تنظيم القاعدة وقادتها، ولا تصدق ان صحافته وتلفازه رفعا شعارين نشرا في طول سورية وعرضها ، يقول احدهما :" الاسد او نحرق البلد" ، والآخر :"الاسد او لا احد "، وتتجاهل ما تراه عيناك من آلاف الجثث المجففة ، المشوية بنار الافران التي امدته بها " الجمهورية الاسلامية"، ونشر صور ضحاياها في اربع اصقاع الأرض مصور كان يعمل لدى المخابرات ، مسيحي مثلك ، اسمه قيصر، ولم تقرأ تقارير المؤسسات الدولية، الرسمية والمحايدة، عن اوضاع السجون وعشرات الالاف الذين قتلوا تعذيبا ، ولم تشاهد طائرات اسدك وهي تلقي براميلها المتفجرة على قرى وبلدات سورية ، وتقصفها بواحد وثلاثين نوع من ذخائر لم يسبق للجيش أن استخدمها ، حسب قول منشورات من سلموا الجولان لاسرايل وغزوا لبنان ، ولم تر جثث الاطفال وهم يسجون بالمئات في قبور جماعية ، بعد ان قتلهم باسلحته الكيميائية في الغوطتين الشرقية والغربية ، ولم تقرأ ما انجزته هيئات اممية شرعية من تحقيقات ميدانية حول عشرات الحالات التي تعرض الآمنون فيها لهذه الاسلحة . هل تكون حقا في كامل قواك العقلية وانت تسوق عربيا ودوليا سفاحا همجيا كهذا ، وتصفه بالوحيد الذي يستطيع اعادة الامن والاستقرار الى سورية ؟. هل حقا انت لا تدرك أنه الوحيد في تاريخ بلادنا والعالم العربي القديم والوسيط والحديث، الذي دمر دولته ومجتمعه ، وقوض عمرانهما، واباد وشرد الملايين من شعبه، وهو يزجه في زمن همجي يعلم الله وحده متى ستتخطى الانسانية جميعها محنه وكوارثه ؟. لماذا لم ينقذ هذا الوحيد شعبه ، وزج به في المحارق ، حين تبنى منذ اول مظاهرة العنف كرد وحيد على مطالبه العادلة؟. اهل بلغ به الغباء حدا جعله يجهل أنه لم يسبق للعنف ان حل مشكلات اجتماعية وسياسية انتجها من يعتمدونه اداة لادامة فسادهم وظلمهم ، ولخنق روح الحرية في صدور مواطني"هم"؟. ثم قل لي ،بربك ،كيف يصلح من قتل شعبنا وخرب بلادنا لأن يكون الرد الوحيد على قتلنا وخرابنا ؟.
فخامة الرئيس
يخاطبك سوري أخذ الاسد ونظامه سنوات من عمره لأنه كان احد الذين طالبوا في اعلان بيروت / دمشق، دمشق / بيروت ، بحرية واستقلال لبنان ، وبارساء علاقات سورية معه على ما ورثناه عن تاريخنا من مشتركات ثقافية وقومية ودينية ولغوية ومصالح متقاربة او موحدة، وبتوقف الاسدية عن ممارساتها الاحتلالية / القمعية ضد شعب وطنك ، التي كتمت انفاسه طيلة قرابة ثلاثين عاما ، وبانتهاجها سياسات تقوم على ما يعزز روابطنا الاخوية وما يجب ان ينظمها من ندية وتراض متبادل وحرية قرار ، وكن على ثقة من أن من يخاطبك عبر هذه الرسالة سيعمل بعد طرد السفاح من السلطة كي تبنى علاقات سورية الحرة مع لبنان على هذه الاسس .
فخامة الرئيس
لن يقبل شعب سورية بقاء غاصب سلطة وابن غاصب سلطة في الحكم ، اعمل سكاكينه فيه ذبحا وتمزيقا وتهجيرا وتجويعا وقصفا واعتقالا وتعذيبا وتشريدا، فلماذا تضع نفسك في موقع لن يعود عليك وعلى عهدك بنفع او بخير ، حتى في حال وقع المستحيل وانتصر الاسد. اليس من الحكمة أن تفكر بما سيجري، عندما سيرتدي عشرات آلاف السوريات والسوريين أحزمة ناسفة ليتعقبوا من سفكوا دماء بناتهم وابناءهم بايديهم او بالسنتهم، ودمروا ما بنوه من عمران طيلة مئات الاعوام ، ولن يحميهم هروب او توار عن الانظار، وسيطالونهم ولو اختبؤوا في جحور الجن الازرق ؟. اعتقد ان من الافضل لكم ولنا ان تحترم ارادة شعب يضحي منذ نيف وستة اعوام من اجل حريته ، التي يمكن ان يكون لبنان اول من يفيد منها ، ودعني اذكرك الآن بما كنت تقوله ذات يوم عن حق شعب لبنان في التحرر من الاحتلال الاسدي ، وارجوك أن تتذكر ان للشعب السوري حقا مماثلا ، لن يتخلى عنه لانك تدعم قاتله. ولا تنسى ان هناك قوى اكبر منك بكثير تقاتل الى جانبه، فهل توقف عن المقاومة وابدى ما يشير الى تخليه عن هدفه : اسقاط المجرم والخلاص من نظامه ؟. ارجو ان تتذكر هذا ، فخامة الرئيس، وان تضعه في حسبانك ، عندما تتحدث عن سورية !.
الحرية لشعب الحرية ، والى لقاء احرار لبنان في دمشق الحرة !
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها