باسم يوسف هنا، في الجامعة الأميركية. أكبر قاعاتها لم تتسع للحضور، دخل من دخل ووقف في الخارج من بقي ليستمع الى من يُعتبر، من أكثر الاعلاميين العرب تأثيراً. هو لسان سخرية الشعب المصري بالنظام، و"جون ستورات" المصري. وأضيف اليه، حضوره بوجهٍ عالمي، كما يبدو أنه يحاول أن يكون.
لم يتغير باسم مساء الخميس من صورته كإعلامي مصري أثر في النظام، وواكب الثورة. لكنّه تموه، كما كان يظهر مع ستوارت نفسه في "The Daily Show". عزز صورته كمقدم برامج مصري يستطيع ان يغرد بالانكليزية بطلاقة، مستخدماً تعابير سياسية واجتماعية اميركية. أوحى بأنه جزء من تلك الثقافة.
ما ظهر مساء الخميس، هو باسم المتموّه، او المقدم الذي يحاكي اي واقع. كأنه لوهلة، درس الجمهور وأصنافهم. استعمل عبارات تعتبر الى حد ما جديدة على أدبياته، مثل "جاستن بيبر" و"دونالد ترامب" اللذين اخترقا نكته. في باله، كان يتكلم في حضرة الجامعة الأميركية، وفي حضرة جمهور يعرف ان المدخل الى بهجته، هو استخدام عباراته. لا يشكل الأمر غرابة، ولا حتى تخلياً عن مفاهيمه الاصيلة، بقدر ما هو تحدٍ لمسيرته نحو العالمية، في اطار تقديم نفسه كسفير عربي في هذا المجال. وقد برز ذلك من ناحية أدائه، ومن ناحية قدرته على شرح الأمور الاقليمية بطريقته الخاصة، متماهياً بشرح ستورات للمشكلة اليمنية، وكأن الرجل أصبح يمثل "الخبر الآتي من الشرق"، يقوم بدور ناقل الاحداث ويتخطى النقل والتقرير الصحافي الى مكان عميق ومرح.
ظهوره المتكرر في برنامج نظيره الأميركي جون ستوارت، مهّد لهذا الانطباع عنه في الجامعة الاميركية. ومن دون أن يبدو الأمر غريباً. فالاثنان تربطهما صداقة عميقة ترسخت بعد إبعاد يوسف عن الساحة المصرية. يطل باسم في برنامج ستورات، وقبله يكون هو الضيف في "البرنامج"، وما بعدهما من تساؤلات أميركية حول امكانية ان يرث المصري كرسي ستوارت في أشهر البرامج العالمية وأكثرها تأثيراً سياسياً.
ورغم نفي باسم بطريقة ساخرة لكل تلك الأخبار، كان هذا الانطباع حاضراً في شكوك الجمهور. فهو يعي أكثر من غيره أن الجمهور لا يستطيع انتظاره أكثر بعيداً عن الشاشة، ومن جهة اخرى عليه ان يستغل الفرصة المؤاتية، كما فعل من قبل، وسينجح في إمساكها مجدداً.
أدخل باسم البهجة الى قلوب كثيرين إنتظروه طويلا في الخارج. وحتى للذين لم يحالفهم الحظ بالدخول، انتظروا نهاية المحاضرة لعلهم يحصلون على فرصة لقائه. استهل محاضرته باللغة الانكليزية، ممزوجة بلهجته المصرية المعتادة، فبدأ بالحديث عن رحلته الاعلامية، من الجراحة الى الشاشات، ومن ثم الى التأثير ومحاكاة الواقع المصري. ولم يعد غريبا الدور الذي لعبه في ما يسمى " تعرية" النظام والشخصيات من قدسيتها المعتادة في المنطقة، وإعادتهم الى مكانهم الطبيعي في عقول الناس.
قربه من الجمهور، وتعامله الطريف معهم، طغى على مشهدية لقائه في الجامعة الاميركية، وسوء التنظيم، ومعاملة أمن الجامعة مع الحضور بطريقة تشوبها قلة الاحترام، كما طغى على خيبة أمل الذين لم يستطيعوا الدخول. استطاع بأولى كلماته ان يعيدهم جميعاً الى اللحظة. فالرجل الذي يعد "أطروحة" في الاعلام، يقف بكل تواضع ليأخذ "سيلفي" مع الجمهور، نُشرت في ما بعد على حسابه في "توتير".
وكما في الاطلالة الاولى، كان الختام. بعث بتقديره للحضور، للحشد، الذي لم يصدق ان يراه، مثل الطالب المصري الذي كان جالساً في الصف الأول. الثورة المصرية، وما تمثله من امتداد عربي، أو أمل بالحد الادنى، كانت هنا، بفكاهتها وقساوتها، ووجع الحاضرين من ان يترك الرجل الساخر كرسيه مجبراً. باسم مثّل بحضوره كل هذا التضاد.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها