وبعد أكثر من 24 ساعة على النعي الرسمي لنصر الله، أصدرت الرئاسة السورية بياناً خجولاً، تضمن تعزية باستشهاد نصر الله، مع تقديم المواساة لعائلته.
وأبرز ما ورد في رسالة التعزية، تأكيد الأسد أن رسالته ليست فقط لتقديم العزاء في "استشهاد قائد المقاومة، لأن الشعب المقاوم أثبت عبر العقود صلابته وقوته". وقال: "المقاومة لن تضعف باستشهاد قائدها، لأن القادة يتركون خلفهم نهجاً فكرياً ومنظومة مقاومة تخلدهم في الوجدان والعقول. المقاومة ليست مجرد فكرة، بل هي نهج عملي يفرض واقعاً، والشهيد حسن نصر الله هو رمز هذا النهج".
وعبّر الأسد عن ثقته في أن المقاومة اللبنانية ستواصل نضالها ضد الاحتلال وستظل داعمة للقضية الفلسطينية، وأن الشهيد نصر الله سيظل خالداً في ذاكرة السوريين تقديراً لدعمه سوريا في حربها ضد الصهيونية.
تفكيك الرسالة
لكن رسالة النعي، بحد ذاتها، تحتاج إلى تفكيك بغض النظر عن مسألة تأخّر صدورها. بدت الرسالة وكأنها واجب شكلي من الأسد، وكأن الهدف منها رفع الحرج لا أكثر. استخدمت فيها عبارات وجدانية بعناية وانتقاء، حيث لم يذكر البيان "حزب الله" أو أمينه العام بالاسم، بل اكتفى بالإشارة إلى "المقاومة اللبنانية" و"الشهيد نصر الله".
كل كلمة بدت محسوبة بدقة، مع غياب أي تهديد أو وعيد للعدو الذي اغتال الحليف الأقرب للأسد، والذي كان له دور حاسم في استمرار الأسد في السلطة بسوريا.
تجاهل الإعلام الرسمي للغارة
كما لوحظ تجاهل الإعلام الرسمي السوري، للغارة الإسرائيلية التي استهدفت مجمعاً سكنياً في الضاحية الجنوبية لبيروت حيث استهدف نصر الله. وبينما كانت وسائل الإعلام العالمية والمحلية تبث صور الدمار والدخان المتصاعد من المواقع المستهدفة، اختارت دمشق التزام الصمت.
الحليف الأوثق
لطالما كان "حزب الله" الحليف الأهم للحكومة السورية، خصوصاً منذ اندلاع الحرب بعد ثورة العام 2011. فقد لعب الحزب دوراً محورياً في دعم نظام الأسد ضد قوات المعارضة، وشارك في معارك عديدة على الأراضي السورية. انتشر مقاتلو الحزب في مناطق استراتيجية مثل ريف دمشق، حمص، وحماة. ونتيجة لانخراطه في النزاع السوري، خسر الحزب عدداً كبيراً من عناصره وقادته البارزين خلال مشاركته في الدفاع عن نظام بشار الأسد. هذا التحالف المتين الذي استمر لسنوات، يجعل من اللافت برود موقف دمشق تجاه اغتيال نصر الله.
أثار تأخر بيان الأسد غضباً في أوساط جمهور حزب الله، وأثار سخطاً، حتى أن البعض وصل إلى حد وصف أدائه بقلة الوفاء لنصر الله. من الواضح أن للأسد حساباته السياسية، حسابات ترتبط بالبقاء في كرسي الرئاسة، والديناميات السياسية والمتغيرات الأخيرة. ويرى البعض أن من ضحى بمئات الآلاف من أبناء الشعب السوري ليبقى رئيساً لسوريا، قد لا يكون وفياً للسيد نصر الله أو لحزب الله بالقدر الذي ينتظره الكثيرون.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها