ويعمل جرادة على مدار أربع وعشرين ساعة منذ نحو أسبوع تقريباً. ولم يعد قادراً على إحصاء عدد عمليات العيون التي أجراها في مستشفيات عديدة. وينتهز جرادة الفرصة بين الفينة والأخرى للنوم ساعتين قبل أن يشرع في العملية الجراحية التالية، واستطاع إنقاذ عيون بعض المصابين، لكن كثيرين منهم فقدوا حاسة البصر إلى الأبد، حسبما نقلت وكالة "أسوشييتد برس".
وقال جرادة من داخل مستشفى في بيروت وهو يحبس دموعه: "لا شك أن ما حدث كان مأساوياً بشكل لا يصدق، عندما ترى هذا العدد الهائل من المصابين في عيونهم بشكل متزامن إلى المستشفى ومعظمهم شبان، لكن كان بينهم أطفال وفتيات أيضاً".
النائب إلياس جرادي صاحب القلب الكبير عميوصف لي صار ويبكي💔 للي ما بيعرف الياس جرادة بيعرف ظلم الإسرائيلي وعاشو لانو هو كان اسير وتحرر من سجن الخيام. تحية الو ولجميع الكوادر الطبية لي ساعدت وسهرت هاليومين. pic.twitter.com/JkFWx3C2fD
— Lara (@LKsatire) September 19, 2024
وانهال المصابون على المستشفيات في لبنان بعد تفجيرات "البايجرز" التي استهدفت عناصر من "حزب الله" اللبناني بشكل متزامن تقريباً يومي الثلاثاء والأربعاء من الأسبوع الماضي، وأسفرت عن مصرع ما لا يقل عن 39 شخصاً وإصابة نحو ثلاثة آلاف آخرين، بعضهم أصيبوا بإعاقات ربما تغير مجرى حياتهم.
ويعتقد كثيرون أن إسرائيل شنت هذا الهجوم رغم أنها لم تؤكد ولم تنف تورطها. وبينما يبدو أن الانفجارات استهدفت مقاتلين من "حزب الله" اللبناني، فإن عدداً كبيراً من الضحايا مدني. وأصيب العديد من الجرحى في أيديهم ووجوههم وعيونهم بسب انفجار الأجهزة مباشرة فور إخراج الضحايا لها من جيوبهم لينظروا إليها.
ولم تعلن السلطات اللبنانية عدد المصابين الذين فقدوا أعينهم جراء التفجيرات. وقال أطباء عيون لبنانيون مخضرمون ومتمرسون تعاملوا مع عواقب الحروب المتعددة والاضطرابات الأهلية والانفجارات، أنهم لم يروا شيئاً كهذا من قبل.
وقال جرادة، وهو أيضاً نائب برلماني يمثل جنوب لبنان كإصلاحي، أن معظم المرضى الذين تم إرسالهم إلى مستشفاه المتخصص في طب العيون، كانوا من الشباب الذين أصيبوا بأضرار جسيمة في إحدى العينين أو كلتيهما. وأوضح الطبيب أنه وجد شظايا بلاستيكية ومعدنية داخل بعض العيون.
وقبل أربع سنوات، هز انفجار قوي مرفأ بيروت، ما أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة ما يزيد على 6000. وأدى الانفجار، الناجم عن احتراق مئات الأطنان من نترات الأمونيوم التي تم تخزينها بشكل غير آمن في مستودع بالمرفأ، إلى تحطيم النوافذ والأبواب لأميال حولها، إضافة إلى تدفق شلالات من شظايا الزجاج إلى الشوارع، ما أدى إلى إصابات مروعة.
وعالج جرادة الأشخاص الذين أصيبوا في انفجار المرفأ، لكن تجربته مع الجرحى بسبب انفجار أجهزة النداء الآلي وأجهزة الاتصال اللاسلكية كانت أكثر كثافة بسبب العدد الهائل من الأشخاص الذين يعانون إصابات في العيون.
في السياق، قال جرادة: "أعتقد أن احتواء الصدمة بعد انفجار مرفأ بيروت استغرق 48 ساعة بينما لم نصل إلى فترة احتواء الصدمة حتى الآن". وأضاف أنه وجد صعوبة في فصل عمله كطبيب عن عواطفه في غرفة العمليات.
وتابع جرادة: "بغض النظر عما علموك إياه في كلية الطب بشأن إبعاد نفسك، أعتقد أنه في موقف كهذا، يكون الأمر صعباً للغاية عندما ترى الأعداد الهائلة من الجرحى. هذا مرتبط بحرب على لبنان وحرب على الإنسانية".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها