يبدو أن تأثير المغنية الأميركية تايلور سويفت لم يعد يقتصر على قطاع الموسيقى والثقافة الشعبية، بل تؤدي دوراً سياسياً بارزاً أيضاً، لأن شعبيتها الجارفة قد تجعلها عاملاً حاسماً في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية.
تم إقحام سويفت في اللعبة السياسية، عندما أعاد المرشح الجمهوري للانتخابات دونالد ترامب، نشر صور مفبركة بالذكاء الاصطناعي تظهر فيها سويفت وبعض معجبيها المعروفين بلقب "سويفتيز"، وهم يرتدون قمصاناً كتب عليها عبارة "سويفتيز من أجل ترامب" (Swifties for Trump)، تتصدرها صورة تظهر سويفت نفسها وهي ترتدي زياً مشابهاً لزي العم سام، مرفقة بعبارة "تايلور تريدك أن تصوت لترامب"، في وقت لم تكن فيه مغنية موسيقى "الكانتري" قد أعلنت عن ميولها السياسية في هذه الدورة الانتخابية.
ورغم أن الصورة كانت مصنفة "ساخرة"، إلا أن ترامب أعاد نشرها مع تعليق "أقبل"، ما أثار جدلاً واسعاً حول استغلال الذكاء الاصطناعي في الحملة الانتخابية، خصوصاً في سياق السعي لاستغلال شعبية سويفت الكبيرة، والأمل بكسب أصوات جمهورها في المعركة الانتخابية.
وسويفت على عكس أكبر نجمات البوب العالميين منذ الثمانينيات، من مايكل جاكسون إلى مايلي سايرس، لم تكن يوماً منخرطة في العمل السياسي، بسبب تقديمها موسيقى الكانتري المحافظة، وهو ما صرحت به مراراً في السنوات الأخيرة. ولم يسبق لها أن ناصرت حزباً سياسياً أو مرشحاً انتخابياً، حتى العام 2020 عندما دعمت الرئيس الحالي جو بايدن ضد ترامب شخصياً، بعد صمتها في انتخابات العام 2016 ما عرضها لانتقادات واسعة حينها، علماً أن المغنية ذكرت أن فترة ترامب الجدلية في البيت الأبيض دفعتها للاهتمام أكثر بالسياسة.
ويبدو أن ترامب أعاد إقحامها في المشهد السياسي الذي لا تبالي به كثيراً، إذ يرى منتقدوها أن الشابة التي تمتلك كل هذه الشهرة والثروة تعيش في عالم منفصل عن هموم الناس العاديين، خصوصاً على المستوى السياسي والاجتماعي والبيئي، ولطالما واجهت انتقادات بشأن طائراتها الخاصة ومواضيع مثل التغير المناخي والحريات السياسية والاجتماعية ودعم الأقليات، فتفضل الصمت، فيما تعكس أغنياتها قصصاً من مذكراتها اليومية، على غرار الموسيقى الريفية عموماً.
وتصدرت سويفت في الأيام الأخيرة عناوين بعض المقالات السياسية، إلى جانب الأخبار الفنية، ليتم طرح بعض الأسئلة حول كيفية رد سويفت على استخدام ترامب لصورتها، وإذا ما كانت سترد قضائياً أو ستتصرف على نحو آخر. ولم تخلُ المقالات السابقة من الإشارة إلى قدرة سويفت على لعب دور حاسم في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بالاعتماد على شعبيتها الكبيرة ووقوف جيش "سويفتيز" المخلص وراءها.
وبالتوازي مع الانتخابات، كانت سويفت تتصدر الأخبار الفنية، مع ترشيحها لـ11 جائزة في حفلة جوائز "MTV" السنوي الذي تم تأجيله ليوم واحد، إلى ما بعد المناظرة السياسية بين ترامب ومنافسته الديموقراطية كامالا هاريس. وبعد انتهاء المناظرة السياسية وقبل انطلاق حفلة "MTV" بساعات، حانت اللحظة المناسبة لرد سويفت المُرتقب الذي لم يقتصر على رفضها استخدام ترامب لصورها المزيفة فقط، بل امتد ليشمل دعم هاريس أيضاً، ما دفع صحفاً أميركية للتساؤل: "هل حسمت تايلور سويفت الانتخابات"؟
بعد ساعات، وصلت سويفت بإطلالتها الفاخرة وكأن شيئاً لم يحدث، لتقف على السجادة الحمراء مرتديةً فستان "ديور" باللونين الأسود والأصفر، وتخطف الأضواء في النسخة الأربعين من حفلة "فيديو ميوزك أواردز"، وتضرب موعداً مع التاريخ.
وأصبحت سويفت حديث الجميع خلال الحفلة هذا العام، فكانت الأكثر تتويجاً بالجوائز، وحصدت سبع جوائز في ليلة واحدة، ما جعلها تتساوى مع المغنية بيونسيه كفنانة هي الأكثر حصداً لجوائز هذه المسابقة، بإجمالي 30 جائزة، علماً أن خمسة من الجوائز الجديدة حصلت عليها مناصفةً مع المغني بوست مالون، الذي تعاونت معه بأغنية "Fortnight"، بما فيها الجائزة الأكبر قيمة في الحفلة: جائزة الفيديو الموسيقي المفضل، والذي قامت بإخراجه بنفسها. كما حصلت على جائزتين منفردتين، وهما: جائزة فنانة العام وجائزة أفضل ألبوم.
وبعد ليلة سويفت التاريخية، بدا ترامب أكثر غضباً من أي وقتٍ مضى، ليعبّر عن استيائه وكرهه لسويفت بشكل علني، حيث كتب عبر منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال" بالحروف الكبيرة: "أكره تايلور سويفت"، بشكل يعكس عجزه عن إيجاد رد مناسب للموقف الذي ربما كان لن يصل إليه لولا استخدامه للصور المفبركة التي يدعي بها أن أبرز نجمة موسيقية في العقد الأخير، تدعمه.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها