فإسرائيل التي حاول مسؤولوها استغلال الحادثة لإثبات سيادتهم على الجولان، وانتزاع سكانها من عروبتهم، تعرضت لانتكاسة كبيرة، إذ أظهرت مقاطع الفيديو التي تناقلها رواد مواقع التواصل الاجتماعي على مدى يومين، غضب السكان، وطردهم لمسؤولين إسرائيليين، وفي مقدمهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي غادر المنطقة على عجل، حسبما أفادت وكالات أجنبية رافقت زيارته الى مجدل شمس.
الدروز ليسوا مواطنين إسرائيليين
وقالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية إن مراسل القناة 12 أفيري جلعاد، قال خلال تغطيته تصريحاً للمتحدث الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري بشأن حادثة بلدة مجدل شمس بالجولان، السبت، إن "الدروز ليسوا مواطنين إسرائيليين".
وبينما كان هاغاري يقول: "المواطنون الإسرائيليون من بلدة مجدل شمس الدرزية"، قاطعه جلعاد بالقول إنهم "ليسوا مواطنين إسرائيليين"، من دون العلم بأن ميكرفونه كان مفتوحاً.
وأفاد موقع "والا" الإخباري الإسرائيلي، بأن نشطاء دروز من الجولان وإسرائيليون، انتقدوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تعليق جلعاد، واتهموه بازدراء الطائفة الدرزية.
وكتب الناشط الإسرائيلي آلون ليف في "اكس": "في اليوم الذي يموت فيه 12 طفلاً، ليس من الضروري توضيح مَن منهم إسرائيلي ومَن ليس إسرائيلياً".
وتعقيباً على هذه الانتقادات، قال جلعاد عبر المنصة ذاتها: "عندما قال هاغاري في بث من مكان المجزرة إن القتلى مواطنون إسرائيليون، قلت إنهم ليسوا مواطنين إسرائيليين". وتابع: "لم أعلم أن الميكروفون مفتوح والجميع يستمعون، لكن هذه هي الحقيقة ببساطة". وأضاف: "معظم سكان مجدل شمس ليسوا مواطنين إسرائيليين، لكن هذا لا يقلل من الألم المرير لموت الأطفال".
أسباب الاستنفار الإسرائيلي
والاستنفار الاسرائيلي في انتقاد جلعاد، ينطلق من أن الاعتراف بحقيقة دروز الجولان، الرافضين للجنسية الإسرائيلية، سيفقد إسرائيل قدرتها على الزعم بأن الجولان بات اسرائيلياً، رغم تأكيد الأمم المتحدة منذ العام 1981 بأن هضبة الجولان محتلة من قبل اسرائيل. كما أنه سيفقد الاحتلال الذريعة لشن حرب تدفع اسرائيل باتجاه إشعالها، وتالياً، سيبرز إنقساماً تحاول اسرائيل طمره في الأراضي المحتلة في العام 1948 بين المجتمع العربي في فلسطين، الحامل للجنسية الاسرائيلية، وبين اليهود، وسينعكس تالياً على نتائج الانتخابات المقبلة، ويغذي الانقسامات في الداخل، ويطيح كل محاولات اسرائيل إخفاء عنصريتها على أساس قومي وديني.
ويتعزز ذلك بتقارير اعلامية اسرائيلية كانت وصفت "دروز الجولان" بأنهم "غير مكترثين" بإسرائيل، ففي العام 2018، لم يصوّت سوى 272 شخصاً في مجدل شمس، التي يبلغ عدد سكانها نحو 12 ألف نسمة، في الانتخابات المحلية، ويُنظر إلى المشاركة في الانتخابات المحلية هناك على أنها "إضفاء شرعية على الحكم الإسرائيلي".
من تكون مجدل شمس؟
مجدل شمس واحدة من بين أربع قرى درزية في هضبة الجولان، إلى جانب بقعاثا ومسعدة وعين قنية، وتضم جميعها نحو 21 ألف مقيم، وتُعد مجدل شمس كبرى هذه البلدات، ويقطنها نحو 12 ألف ساكن.
واحتلت إسرائيل هذه القرى خلال حرب العام 1967، ومنذ ذلك الحين بقيت تحت سيطرتها، على الرغم من أن المجتمع الدولي يعترف بها، إلى جانب بقية مرتفعات الجولان، كجزء من سوريا.
وكانت مجدل شمس تُدار في البداية تحت حكم المحافظة العسكرية الإسرائيلية، وفي العام 1981، صادق الكنيست على قانون مرتفعات الجولان، الذي قضى بدمج المنطقة في نظام المجالس المحلية الإسرائيلي، ما أدى فعلياً إلى ضمها.
لكن هذه الخطوة لم تحظَ باعتراف رسمي إلا من الولايات المتحدة، إبان رئاسة دونالد ترامب في آذار/مارس 2019.
إقامة اسرائيلية
وتعتبر السلطات السورية سكان مجدل شمس، مواطنين سوريين، بينما منحتهم إسرائيل الإقامة الدائمة في العام 1981، وأصبح يحق لهم الحصول على الجنسية الإسرائيلية الكاملة، ومع ذلك، لم يتقدم سوى 20% من السكان للحصول على الجنسية الإسرائيلية حتى العام 2018.
ويحق لأولئك الذين يتقدمون بطلب للحصول على الجنسية الإسرائيلية التصويت والترشح للكنيست والحصول على جواز سفر إسرائيلي للسفر إلى الخارج، أما غير المتقدمين للحصول على الجنسية الإسرائيلية، فيتم إصدار جواز مرور لهم من قبل السلطات الإسرائيلية، حيث يتم تعريفهم في السجلات الإسرائيلية على أنهم "سكان مرتفعات الجولان".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها