وتعرض النائب اليساري الفرنسي، منذ الأحد، لحملة انتقادات واسعة شنتها جماعات وشخصيات داعمة لإسرائيل، بسبب تصريحاته التي طالب خلالها بمنع الرياضيين الإسرائيليين من المشاركة في الألعاب الأولمبية المرتقبة في باريس. دفع الهجوم الاسرائيلي على بورت، باتجاه تحوير الغرض، ونقله من الإطار السياسي الى الإطار المني، بغرض التخفيف من وقعه، وهو ما دفع الداخلية الفرنسية لأن تتعهد بتوفير حماية للرياضيين الإسرائيليين على مدى 24 ساعة خلال دورة الألعاب الأولمبية التي ستنطلق في باريس يوم الجمعة المقبل.
وبورت، استند في دعوته الى سابقة سياسية. أراد الحفاظ على القيم الحقوقية التي سبق أن طبقت في السابق بحق روسيا بعد هجومها على أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، منعاً لـ"المعايير المزدوجة"، كما قال في تصريحه لصحيفة "لو باريزيان" لاحقاً، داعياً الدبلوماسيين الفرنسيين الى "الضغط على اللجنة الأولمبية الدولية لمنع رفع العلم الإسرائيلي وعزف النشيد، كما هو الحال بالنسبة إلى روسيا".
كما قال خلال تجمّع حاشد لدعم الفلسطينيين: "الوفد الإسرائيلي غير مُرحب به في باريس، والرياضيون الإسرائيليون غير مُرحّب بهم في الألعاب الأولمبية بباريس"، داعياً إلى "التعبئة" حول هذا الحدث.
مجازر غزة
ينطلق نواب حزب "فرنسا الأبية" الذي ينتمي إليه بورت، من المجازر المرتكبة في غزة، التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأبرياء، غالبيتهم من النساء والأطفال. هول المشهد الذي تتناقله وسائل الاعلام، يستدعي تحركاً أخلاقياً، يتمثل، على الأقل، في محاولة منع الفريق الإسرائيلي من المشاركة، وحشد التضامن مع غزة، والإضاءة على المذبحة المستمرة التي يرتكبها الاحتلال، رغم الأثمان التي تترتب على تحرك مشابه.
والثمن، لا يقتصر على حشد رأي عام مقابل، يستغل المخاوف الأمنية في فرنسا التي ترافق الدورة الرياضية، لتحوير وجهات النظر القيمية بغير اتجاه. انطلقت الهجمات عليه من كل حدب وصوب. ورأى رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية، يوناتان عرفي، أن بورت "كان يُصوّب على الرياضيين الإسرائيليين".
تذكير بـ"ميونيخ"
وتستغل اسرائيل الحدث لإعادة التذكير بمقتل عدد من رياضييها في 1972، وكتب عرفي أن الرياضيين "هم الأكثر تعرّضاً للخطر أساساً في الألعاب الأولمبية"، مذكراً بـ11 رياضياً "قتلهم فلسطينيون" في الألعاب الأولمبية في ميونيخ العام 1972. كذلك، أعلن مكتب الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتزوغ، أنه سيحضر يوم الجمعة عرض القوارب على نهر السين، وإحياء ذكرى الإسرائيليين الذين قُتلوا في ميونيخ العام 1972.
وبينما تعرّض بورت لهجوم من حلفاء برلمانيين يمثّلون الحزب الاشتراكي والمحافظين، أعرب وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان ليل الأحد لقناة "فرانس 2" عن "اشمئزازه" من تصريحات بورت، معتبراً أنها "تنمّ عن معاداة السامية". وحذّر من أن هذه التصريحات "تجعل من الرياضيين الإسرائيليين هدفاً".
خطاب كراهية
وفي المقابل، دافع عدد من نواب حزب "فرنسا الأبية" عن تصريحات بورت، بشكل جزئي، فقال مانويل بومبار، أحد كبار المسؤولين في الحزب والنائب عنه في البرلمان، في منشور على منصة إكس إنه يدعم بورت "في مواجهة موجة الكراهية التي يتعرض لها". وأضاف: "في ظل انتهاكات الحكومة الإسرائيلية المتكررة للقانون الدولي، من المشروع أن نطلب أن ينافس رياضيوها تحت راية محايدة في دورة الألعاب الأولمبية". كذلك، كتب النائب إيمريك كارون: "العلم الإسرائيلي الملطخ بدماء أبرياء غزة لا ينبغي أن يرفرف في باريس هذا الصيف".
اختبار القيم الفرنسية
الحال أن الاتهامات بمعاداة السامية، تُطلق ضمن موجة خطاب كراهية. يتصادم المفهومان تحت سقف واحد، تعجز أدبيات فرنسا الحقوقية عن الفصل بينهما، وذلك لأن التحيز السياسي دخل ساحة الصراع، ويمثل هذا الصراع اختباراً للقيم الفرنسية.
ففي الواقع، ليست قضية مشاركة اسرائيل، هي الدافع الوحيد للهجوم على حزب "فرنسا الابية". فرئيس الحزب، جان لوك ميلينشون، كان قد جدَّد وعده بـ"الاعتراف بدولة فلسطين" مشيراً إلى أن الاعتراف بدولة فلسطين سيكون من الأمور التي ينفذونها في "أسرع وقت ممكن"، علماً أن الحزب كان قد قاد التظاهرات المؤيدة لفلسطين في البلاد منذ 7 أكتوبر، وأدرج القضية الفلسطينية في الحملة الانتخابية في الانتخابات العامة المبكرة وكذلك في انتخابات البرلمان الأوروبي. ورشح ريما حسن من أصول فلسطينية لانتخابات البرلمان الأوروبي، وانتخبت لتكون أول عضو من أصول فلسطينية في البرلمان الأوروبي.
في السياق، بعثت اللجنة الأولمبية الفلسطينية والاتحاد الفلسطيني لكرة القدم رسالة رسمية إلى رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ، ورئيس "فيفا" جياني إنفانتينو، مطالبة بالإقصاء الفوري لإسرائيل من أولمبياد باريس 2024، أسوة بما حدث مع روسيا بعد غزو أوكرانيا. وأشارت الرسالة إلى "انتهاك إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، للهدنة الأولمبية… من خلال شن غارات على غزة، ما أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها