ودعا الموقعون على العريضة التي أُرسلت إلى المدير العام لـ"بي بي سي" تيم ديفي، الهيئة البريطانية العريقة إلى "الالتزام مجدداً بالمعايير التحريرية العليا"، خصوصاً ما يتعلق بالحياد والدقة والإنصاف،
حسبما نقلت صحيفة "إندبندنت" المحلية.وتضمنت العريضة، مجموعة من المطالب لتحسين التغطية الإخبارية لحرب غزة. ومن بينها "توضيح القيود المفروضة على دخول الصحافيين الأجانب إلى غزة، والتنبيه إلى مسألة غياب الأدلة التي تدعم ادعاءات الجانب الإسرائيلي عند نقل ما يصدر عنه من دون ذكر براهين عليها، والإشارة إلى مسؤولية إسرائيل عن بعض الأحداث في العناوين الرئيسة، إضافة إلى توفير سياق تاريخي أقدم من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ومواجهة تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بشدة في المقابلات".
ونفت "بي بي سي" تلك الادعاءات وأكدت على التزامها بتقديم الأخبار بحيادية وموثوقية. وقال متحدث باسم الهيئة: "نحن شفافون بشأن أي أخطاء أو تغييرات تطرأ على تغطيتنا، كما نوضح للجمهور القيود المفروضة على التغطية، ويشمل ذلك عدم القدرة على دخول غزة، ومحدودية الوصول إلى أجزاء من لبنان"
وأشارت العريضة إلى أمثلة محددة للتغطية التي وصفت بأنها "مضللة"، مثل العنوان المستخدم لتغطية حادثة استشهاد فتاة فلسطينية تبلغ من العمر ست سنوات في غزة على يد الجيش الإسرائيلي، حيث اعتبر الموقعون أن العنوان لم يوضح جيداً مسؤولية إسرائيل عن مقتلها.
كما انتقد الموظفون بث "بي بي سي" للدفاع الإسرائيلي في قضية رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل في "محكمة العدل الدولية"، في حين تجاهلت تغطية الجلسة الأولى للدعوى. وعبر بعض الموظفين الحاليين عن استيائهم المتزايد من تغطية الهيئة، مشيرين إلى أن العديد من زملائهم غادروا المؤسسة بسبب ما اعتبروه انحيازاً في التغطية.
وقال أحد الموظفين: "لم أشهد من قبل مثل هذا الانخفاض في ثقة الموظفين. هناك زملاء غادروا لأنهم لم يعودوا يثقون بنزاهة تغطيتنا للحرب في غزة"، في حين أضاف آخر: "أشعر أننا نفقد ثقة الجمهور حول العالم يوماً بعد يوم لأن الناس يبحثون عن مصادر أخرى تقدم لهم الحقيقة"، حسب تعبيره.
وكانت تغطية "بي بي سي" للحرب مثار أخذ ورد بين داعمي إسرائيل وداعمي الفلسطينيين، ففي أيلول/سبتمبر الماضي نشرت صحيفة "دايلي تيلغراف" البريطانية تقريراً حللت فيه تغطية "بي بي سي" لحرب غزة، وخلصت فيه إلى أن التغطية كانت منحازة ضد إسرائيل، محددة 1500 خطاً خرجت فيه الهيئة عن الحياد والإرشادات التحريرية.
وقاد التحليل حينها المحامي البريطاني تريفور أسيرسون، وساهم في إنتاجه فريق من حوالي 20 محامياً و20 عالم بيانات، وتمّ استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل تسعة ملايين كلمة من إنتاج "بي بي سي".
وحينها أيضاً، شكك متحدث باسم "بي بي سي" بمنهجية التقرير، تحديداً لجهة اعتماده الشديد على الذكاء الاصطناعي لتحليل الحيادية، وتفسيره للمبادئ التوجيهية التحريرية لـ"بي بي سي"، مضيفاً: "لا نعتقد أنه يمكن تقييم التغطية فقط من خلال كلمات معينة منفصلة عن السياق"، وأشار إلى أن "بي بي سي" مطالبة بتحقيق الحياد، بدلاً من "التعاطف المتوازن" المقترح في التقرير، مضيفاً: "نعتقد أن مراسلينا المطلعين والمتفانين يحققون ذلك، على الرغم من طبيعة الصراع المعقدة والصعبة للغاية".
وبعد الهجوم الذي نفذته حركة "حماس" الفلسطينية على جنوب إسرائيل ما أشعل فتيل الحرب العام الماضي، اشتكى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2023، "بي بي سي" لرئيس الوزراء البريطاني حينها ريشي سوناك الذي كان في تل أبيب، بشأن وصف عدم وصف الهيئة لحركة "حماس" بـ"الإرهابية" على غرار تصنيفها كذلك في عدد من العواصم الغربية.
وكانت "بي بي سي" أوضحت أنها لا تصف "حماس" بـ"الإرهابية"، لأن "الإرهاب كلمة مشحونة يستخدمها الناس لوصف جماعة لا يوافقون عليها أخلاقياً، ليست مهمة بي بي سي أن تقول للناس من يجب أن يدعموا ومن يجب أن يدينوا، من هم الأخيار ومن هم الأشرار".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها