الثلاثاء 2024/11/19

آخر تحديث: 13:42 (بيروت)

يبنون مساكن من ركام وطين...الغزاويون يقاومون الشتاء أيضاً

الثلاثاء 2024/11/19
يبنون مساكن من ركام وطين...الغزاويون يقاومون الشتاء أيضاً
"رجعنا إلى ما قبل 70 سنة، لأيام أجدادنا، وبنينا بالطين" (Getty)
increase حجم الخط decrease
في قطاع غزة الذي دمرته الحرب المستمرة منذ أكثر من عام وأعادته 70 عاماً إلى الوراء، يقوم فلسطينيون بترميم منازلهم بما تيسر من مواد تحسباً من برد الشتاء.

ووسط الأنقاض خلط عبد الرحمن أبو عنزة الطين بالماء، وبيديه وزع الخليط لبناء جدار جديد بالحجارة المتبقية من منزله الذي سوي بالأرض. وقال وهو يعتمر قبعة ليحمي نفسه من أشعة الشمس في يوم خريفي: "كان منزلنا قديماً جداً ويعود إلى العام 1936"، مضيفاً: "تمكنا من جمع هذه الحجارة لإعادة بناء جدار يحمينا ومن ثم سنعيد بناء المنزل بأكمله"، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".

وانتشرت حول أبو عنزة مبان لم يتم الانتهاء من تشييدها بعد لكنها تضررت بسبب الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة "حماس" منذ أكثر من عام. ومثله تماماً، يستخدم العديد من سكان مدينة خان يونس الواقعة جنوب قطاع غزة، الوسائل الضئيلة المتاحة لترميم منازلهم مع بدء انخفاض درجات الحرارة، فيما تذكر كثيرون كيف غمرت في الشتاء الماضي مياه الأمطار خيام آلاف النازحين بسبب القتال، ما جعلهم يرتجفون في ليالي القطاع الساحلي عالية الرطوبة.

وقبل الحرب، كانت مواد البناء بالكاد تصل إلى قطاع غزة بعدما فرضت السلطات الإسرائيلية قيوداً صارمة على استيراد الأسمنت خشية من أن تستخدمه الجماعات المسلحة لبناء الأنفاق. وحالياً أصبحت هذه المواد محظورة كلياً، ودعت العديد من منظمات الإغاثة الدولية منذ الصيف إلى إدراجها مجدداً على قائمة المواد المصرح بها تحسباً للبرد.

وقال محمد شانينو: "ليس هناك اسمنت، فالبديل، أرجعنا إلى ما قبل 70 سنة، لأيام أجدادنا للطين، وبنينا بالطين". وأضاف مشيراً إلى منزله المؤلف من ثلاث طبقات الذي تحول إلى ركام: "الطين جيد ونحن مستعدون لنعيش بمساكن مبنية بالطين 20 سنة". وتابع: "أعادونا إلى حياة بدائية. إلى 60 أو 70 سنة خلت".

وأوضح الفلسطيني صاحب اللحية البيضاء أنه استعاد حوالي 700 قطعة حجرية من منزله السابق لإعادة بناء غرفة واحدة أصغر حجماً يعيش فيها الآن مع جميع أفراد الأسرة. وأكمل: "يقول أولادي أن الجو أكثر دفئاً من داخل الخيمة".

ولبناء السقف استخدم شانينو الصفائح المعدنية والقماش المشمع، وترك في الجدار فتحة كبيرة بمثابة نافذة تغطيها ستارة رقيقة. لكن الجدران المتصدعة لا تصد الرياح التي تتسلل عبرها وتعصف بالغرفة من كل حدب وصوب.

وفي مواقع التواصل الاجتماعي، تتم مشاركة مقاطع فيديو لأعمال البناء هذه للتعامل مع الوضع الإنساني المأساوي في غزة، للإشادة ببراعة سكان غزة المشهود لها بعد الحروب المتكررة التي شهدها القطاع. وفي التعليقات، يستحضر البعض بين الإعجاب والمرارة، عبارة منسوبة للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عن صمود شعبه "يا جبل ما يهزك ريح، يا شعب الجبارين".

وفي غزة، لا تنخفض درجات الحرارة في فصل الشتاء عن 6 درجات مئوية، لكن معدلات الرطوبة تشكل التحدي الرئيسي وتتسرب عبر الملابس التي لا تجف في مثل هذه الظروف المعيشية الهشة. وأكدت مجموعة "Global Shelter Cluster" غير الحكومية العاملة في مجال الإيواء، في توصياتها الخاصة بفصل الشتاء: "عندما يكون الأمر ممكناً فإن ترميم المنازل الموجودة هو النهج الأكثر فعالية لأن ذلك يسمح بإعادة بناء حاجز حراري موجود أصلاً".

وقبل بعض سكان قطاع غزة منذ زمن بفكرة العيش في منازل موقتة بسبب نقص مواد البناء. وأشارت نداء الجرن وهي حافية القدمين، إلى الملجأ المتواضع الذي تسكن فيه. وقالت: "هذه الغرفة مبنية من حجارة اخذناها من البيوت التي تهدمت واستصلحنا منها وبنيناها بالطين حتى نعيش".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها