صمت "حزب الله" حيال المزاعم الاسرائيلية عن وجود مطار إيراني في جنوب لبنان، لا يعني في أي حال من الأحوال نفياً، أو حذراً في التأكيد، طالما أن ما كشفته قوات الاحتلال، يندرج ضمن معركة أمنية مستعرة بين الطرفين، ويفهم الطرفان رموزها ورسائلها، بمعزل عن آراء الجموع اللبنانية وانقساماتها.
من المفهوم أن لا يؤكد الحزب ولا ينفي جزءاً من سياق استعدادته لأي حرب مقبلة، كما يقول قياديوه. كذلك، من المفهوم أن لا تدلي الحكومة اللبنانية بأي موقف، طالما أن الحزب لم يستفز المجتمع الدولي كونه التزم بعرض منشآت عسكرية شمالي منطقة الليطاني.
مضى الخبر في إعلام "حزب الله" كأنه غير موجود. يقطف الحزب ثمار الكشف الاسرائيلي إعلامياً، حيث يتناول العالم الخبر، ويغرق في التحليل، بينما لا يتبنى الحزب أياً منها، طالما أنه ليس ملفاً حساساً يتصل بحضوره اللبناني، كما كان الحال في مزاعم نتنياهو العام 2018 حول مصانع صواريخ دفعت الحزب مباشرة الى تنظيم جولة اعلامية في المنطقة التي زعمت اسرائيل أنها موجودة، فيما تولى وزير الخارجية جبران باسيل آنذاك تنظيم وفد دبلوماسي الى المنطقة.
وتجاهُل الأنباء والاتهامات، يندرج ضمن استراتيجية اعلامية يتبناها الحزب في أحداث مشابهة. ينتظر إعلامه إعلاناً رسمياً، هو، في الواقع، لن يصدر، لاتصاله بملف أمني وعسكري حساس.. ويدرك أن ما وصفه قادة اسرائيل بـ"الكشف"، هو في الواقع ليس كشفاً، لأنه، عملياً، منشأة كبيرة مكشوفة أمام الاقمار الاصطناعية وطائرات التجسس الاسرائيلية.
تالياً، لا يعتبر ذلك كشفاً ولا سراً عسكرياً. أتاح لاسرائيل لأن تعرف ما يريد هو أن تعرفه.. ويعلم الطرفان أن مطاراً بحجم لم يحدده الاسرائيليون، هو أشبه بنكتة في العلوم العسكرية، لأن ضربه سهل في حال اشتعال أي حرب مع اسرائيل، فضلاً عن أن معظم صور المسيرات الايرانية التي يكشف عنها الحرس الثوري، تظهر أن منصات اطلاقها لا تكون عبر مطارات، بل عبر منصات معدنية خاصة.
والتعتيم الرسمي من قبل الحزب، تقابله تحليلات لدى معارضيه في الداخل اللبناني، ومبالغات لدى جمهوره. تتعدد التحليلات، وتتنوع التقديرات لدى كل الاطراف، التي تعزز الرواية الدعائية لدى الحزب في الحرب العسكرية والأمنية ضد الاحتلال.
الإعلام الإسرائيلي يسرد وقائع المطار، حيث افادت قناة "كان" العبرية، بأنه بدأت الأعمال في المطار العسكري في جنوب لبنان، بحسب صور الأقمار الاصطناعية، في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2022، وبدأ وضع الأسفلت في تموز/يوليو 2023". وقالت القناة الإسرائيلية: "يبدو أنه خلال شهر أغسطس - آب، بحسب صور الأقمار الاصطناعية، تم الانتهاء من أعمال رصف المدرج وبناء مهبط للطائرات العمودية"، مؤكدة أنه "منذ حوالى أسبوعين فقط تم طلاء المدرج بعلامات الطيران".
في سياق متصل، نشر موقع vdlnews أن المطار العسكري هو في "معسكر الجبور" التابع لـ"حزب الله" الذي يقع في جبل الريحان، فوق آخر العقد في سلسلة جبال لبنان الغربية، بين إقليم التفّاح في الغرب وشرقي البقاع الغربي. ونقل عن مصادر قولها إن القيادي الراحل في الحزب عماد مغنية، هو من أشرَف وخطّط لإنشاء هذا المعسكر التدريبي بعد حرب تموز 2006.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها