المغتربون الفرنسيون سبقوا مواطنيهم في فرنسا إلى صناديق الاقتراع بعدما صوتوا، الأحد 5 حزيران، لاختيار نوابهم. وسيتوجه جميع الناخبين، في فرنسا والاغتراب يوم الأحد المقبل، إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الدور الثاني لتتحدد بذلك موازين القوى داخل الجمعية الوطنية الفرنسية.
شانتال موسى إحدى المتأهلات إلى الدور الثاني. موسى التي تحمل الجنسيتين اللبنانية والفرنسية، تخوض الاستحقاق التشريعي الفرنسي باسم تحالف "اليسار والبيئة" عن دائرة المغتربين العاشرة التي تضم 49 بلداً من بينها لبنان، و14 دولة عربية إلى جانب بلدان افريقية. بنتيجة الدور الأول، حلت موسى ثانية بنسبة 22.5% لتواجه
أماليا لاكرافي، المرشحة المدعومة من تحالف "معاً". وفي حديث مع "المدن"، تشير موسى إلى أن ترشحها يأتي استكمالاً لنشاطها السياسي، في لبنان وفرنسا، لتحقيق العدالة الاجتماعية. وهي التي سافرت إلى فرنسا لاستكمال دراستها الجامعية، ثم قبل ثلاث سنوات لتستقر في لبنان للعمل في مجالي التعليم والأبحاث بعد حصولها على شهادة الدكتوراه في الكيمياء.
خلال الدور الأول، حرصت موسى على أن تكون حملتها صديقة للبيئة، لا سيما أن هذا الملف يشغل
حيزاً مهماً من برنامجها. وعليه، امتنعت عن استقلال الطائرة لزيارة البلدان الواقعة ضمن دائرتها الانتخابية. تواصُلها مع الناخبين كان عبر اللقاءات الافتراضية إلى جانب إعداد ونشر مقاطع مصورة تتناول برنامجها من مختلف جوانبه. تضيف موسى لـ"المدن" أنها جمعت حولها فريق عمل يمثل مختلف أطياف التحالف الذي يدعمها، إلى جانب انتشار هذا الفريق في بلدان عديدة، ما سمح لها بالبقاء على تماس مع مطالب الناخبين، رغم التركيز على التواصل الافتراضي. وتأهلها إلى الدور الثاني دفعها إلى مضاعفة وتيرة حملتها عبر القيام
بجولة أفريقية. صحيح أن احتياجات المغتربين تختلف وفقاً لبلد الإقامة، بحسب موسى، لكن قاسماً مشتركاً يجمعهم: إحساسهم بتقاعس الدولة الفرنسية تجاههم.
في هذا الصدد أولت شانتال موسى أهمية للارتقاء بمستوى الخدمات القنصلية المقدمة للفرنسيين المقيمين خارج بلادهم، عبر تخفيف الإجراءات البيروقراطية وزيادة عدد الموظفين وعدم الإفراط في مكننة الخدمات القنصلية على حساب التواصل البشري، وهي مكننة تأتي على حساب من لا تتوافر لديه الموارد اللازمة للاستفادة من هذا النوع من الخدمات. لكن الانهيار الاقتصادي الذي يعرفه لبنان، دفع بشانتال للأخذ بعين الاعتبار خصوصية احتياجات الفرنسيين هناك: خسارتهم أموالهم المودعة في المصارف ارتد سلباً على مستوى معيشتهم، ما يعني الحاجة إلى مضاعفة المنح التعليمية المقدمة لهم، كما المساعدات الاجتماعية المباشرة.
من جهة أخرى، تردي الواقع الاقتصادي يجعل الفرنسيين المقيمين في لبنان، معنيين على نحو خاص، بتطبيق جانب من الوعود التي يطرحها تحالف اليسار والبيئة، خصوصاً إعادة النظر في برنامج الرعاية الصحية المخصص للمغتربين ورواتبهم التقاعدية وتوفير فرص العمل لهم. هي إجراءات تفترض تعاوناً رسمياً بين فرنسا ولبنان لتدخل حيز التنفيذ. ورغم استطلاعات الرأي التي تتوقع نجاح ماكرون في تجديد غالبيته البرلمانية، خمس سنوات إضافية، ما زالت أوساط اليسار الفرنسي تأمل في تحقيق الفوز استناداً إلى الأرقام التي تشير إلى حدة المنافسة بين التحالفين.
تقول موسى إنه في حال فوزهم بالغالبية، سينتهجون "دبلوماسية سلمية مناهضة للعولمة" قوامها الحوار ودعم الدول اقتصادياً من دون التدخل في شؤونها الداخلية أو توجيه سياساتها. دور يمكن لباريس أن تؤديه من خلال الوكالة الفرنسية للتنمية، إلى جانب عضويتها في صندوق النقد الدولي. لهذا الغرض، لا بد من إعادة تموضع فرنسا في الساحة الدولية عبر الحد من انحيازها للمعسكر الغربي وحلف شمال الأطلسي، لصالح تعزيز دور الأمم المتحدة. وتضيف موسى أن السياسة الغربية أثبتت قصورها بعد اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية التي سبق أن حذر منها جان لوك ميلانشون قبل سنوات حين طالب بإعادة النظر في العلاقات مع موسكو، والكلام دائماً لشانتال موسى.
وهي، في ما يخص لبنان، ستسعى في حال فوزها إلى تغيير مقاربة فرنسا لعلاقاتها الثنائية مع هذا البلد، علاقات تحكمها حالياً المصالح المادية ومنطق الأعمال. وعلى اعتبار أن لبنان ذو وجه فرانكوفوني، ستسمو الروابط الثقافية على أي اعتبار آخر من خلال تفعيل برنامج تبادل الطلاب المتوسطي. وتقترح موسى كذلك خفض رسوم التسجيل في الجامعات للطلاب الأجانب الراغبين في إكمال دراستهم في فرنسا، لمساواتهم بزملائهم الفرنسيين، كما كان الحال قبل نحو أربع سنوات. دبلوماسية ثقافية، في رأيها، ستعود بالنفع على لبنان، كما ستحفظ لتنوع الثقافي في فرنسا.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها