لم يفلح "حزب الله" بترجمة تعهداته التي أطلقها في الانتخابات النيابية السابقة، الى أفعال. لم يتمكن من تحقيق اختراقات في ملف مكافحة الفساد، كما تعهّد، ليكتشف أن منظومة الفساد المقونن في لبنان، تشمل الجميع. شخصيات كثيرة ضالعة فيها، ومن ضمنها شخصيات من بيئته، اختار أن يبدأ بهم حملته الجديدة.
وبدأ وزير الصحة حمد حسن، المحسوب على الحزب، حملته في دهم مستودعات الادوية من مستودعين، اولهما مستودع مشموشي المقرب من "تيار المستقبل" (صاحبه كان اشترى قصر الرئيس كميل شمعون في السعديات من ورثة الرئيس رفيق الحريري)، والثاني مستودع "نيوفارم" في العاقبية في ساحل الزهراني في الجنوب. تبين أن ملكية المستودع الثاني تعود الى "الحاج" عصام خليفة الذي فنّد مستخدمو مواقع التواصل أدبياته الدينية، وقالوا انه قريب من "حزب الله".
وأخرج رواد مواقع التواصل وثيقة الشركة التي يشترك في ملكيتها ثلاثة أشخاص، هم الى جانب خليفة، حسين نعمة وحسين فنيش. قالوا ان الأخير هو شقيق الوزير والنائب الاسبق عن الحزب محمد فنيش.
كان من الطبيعي أن يدين خصوم الحزب خطابات الحزب واتهاماته للولايات المتحدة بمحاصرة لبنان. قالوا ان الحزب شريك بالحصار، من خلال أتباعه الذين يحتكرون الادوية. أما المؤيدون للحزب، فاعتبروا حسن بطلاً، وهذا ما يريده الحزب.
وسواء أكان صاحب المستودع تمرّد على توصيات من الحزب بفتحها وعدم الاحتكار، أم لا، لم يكترث حسن لانتماءات الشركة. يقارب "حزب الله" الموضوع من زاوية أخرى. فالانطلاق من ابناء البيئة، يحقق لها مكاسب متعددة. أولها يعفيه من الاتهامات بالاستنسابية أو الانتقائية أو حماية الفاسدين. يرمي المقربين بالحجر، ليصيب الآخرين. يردعهم. وهو ما تحقق، بدليل تغريدة الوزير حسن اليوم التي نصح فيها المستودعات العامة "بصرف الدواء للصيدليات"، ملوّحاً بأن "نظام التتبع الإلكتروني يعمل جيدا وبدقة متناهية.
ثاني المكاسب، يريح الحزب قاعدته الشعبية. تلك البيئة التي تئنّ تحت مقصلة الاحتكار والتخزين. البيئة الموجوعة، تلك القاعدة الانتخابية للحزب في الانتخابات المقبلة، والتي تعرف، همساً وجهاراً، أن هناك من هو ضالع في عمليات الاحتكار والتخزين، وأن لا أحد يعفي تجاراً من هذه البيئة من تلك العملية.
أما ثالث المكاسب، فتتمثل في تسجيل انجازات لوزير محسوب عليه. قبيل تشكيل الحكومة، وعلى عتبة الانتخابات النيابية، يستطيع الحزب أن يقارع خصومه بإبراز تجربة حسن، لناحية تخفيض أسعار أدوية في السابق، أو ادخال أخرى، أو مواجهة المحتكرين، وهو خطاب إعلامي موجه لخصومه في المقام الأول.
يختبر الحزب بحملات الوزير حسن، تماسك بيئته. يقدم نفسه بصورة مختلفة: لا غطاء لأحد، حتى من أبناء البيئة. انتشر هذا المضمون في مواقع التواصل ومجموعات "الواتسآب". يخسر الحزب بذلك تاجراً، لكنه يربح شارعاً، وهو ما عناه في دهم مستودعات مقرب منه.
حجم الخط
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها