السبت 2020/08/15

آخر تحديث: 15:21 (بيروت)

الإتفاق الإماراتي-الإسرائيلي يستدعي نقاشاً فلسطينياً: مَن أوْلى بالغضب؟!

السبت 2020/08/15
الإتفاق الإماراتي-الإسرائيلي يستدعي نقاشاً فلسطينياً: مَن أوْلى بالغضب؟!
(غيتي)
increase حجم الخط decrease
رغم أن الطابع العام لتفاعل الفلسطينيين في السوشيال ميديا مع اتفاق "التطبيع" الإماراتي-الإسرائيلي اتّسم بالغضب والعتب والقهر، لكونه "ينهي قضية فلسطين"، إلا أن ذلك التفاعل في "فايسبوك" و"تويتر" لا يصنّف ضمن معيار وحيد، بل توزع على أربع فئات وتوجهات.

الفئة الأولى وهي الأكبر، كانت من الفلسطينيين الغاضبين الذين عبّروا عن أفكارهم بتوصيفات حادة، تدرجت بين التخوين واتهام أبوظبي بـ"اللعب على المكشوف لتصفية قضية فلسطين"، معتبرين أن الترويج لإنجاز وهمي بوقف "ضم إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية المحتلة"، ليس إلا "أكذوبة"، لأن تل أبيب أجّلت الخطوة بجميع الأحوال، بينما ستنفذها من دون شك في الوقت المناسب.

وهنا، كتب الإعلامي الفلسطيني إيهاب الجريري، عبر صفحته في "فايسبوك": "أكثر شيء محزن ومضحك بقصة اتفاقية الإمارات وإسرائيل، ان المسؤولين الإماراتيين بجد ومن كل عقلهم معتبرينه انتصار للقضية الفلسطينية، يا في حد مفهمهم ان الفلسطينيين بيفهموش، يا هما بجد هالقد سخفا وسطحيين مشان يعملوا هيك مقاربة".

كما دارت تعليقات في الفلك نفسه، شدد أصحابها على أن "الاتفاق الإبراهيمي" بعيد من القضية الفلسطينية، وأنه جاء لمصلحة الإمارات رداً على النشاط التركي والايراني في الشرق الاوسط.

وهنالك أيضاً فئة ثانية من الناشطين والمغردين الفلسطينيين، كانت أكثر هدوءاً في نقد الإمارات، من منطلق أن ما حدث لم يكن مفاجئاً، وأن ما جرى فقط هو "انتقال من زواج السر إلى العلن"، حسبما كتبت ناشطة المجتمع المدني المقيمة في رام الله، هامة زيدان، أو "زواج المتعة" بحسب الصحافي عمر نزال.

إلى ذلك، فضلت الفئة الثالثة من المتفاعلين الفلسطينيين، إما الصمت وعدم الكتابة عن الموضوع رغم أن أصحابها في العادة يكتبون عن كل حدث، وإما توجيه بوصلة الانتقاد إلى القيادة الفلسطينية، من باب أنها فتحت الطريق أمام التطبيع العربي-الإسرائيلي لمجرد أنها وقعت مع الاحتلال اتفاق أوسلو العام 1993 الذي أنهى قضية فلسطين، وفق تعبيرهم.

في ضوء ذلك، تصدى عدد من الناشطين الفلسطينيين لهذه المقاربة، مثل الصحافي علي دراغمة الذي كتب في "فايسبوك": "نحن دخلنا في عملية سلام لم تكتمل...اي أننا حاولنا إنشاء كيان فلسطيني يؤدي بالنهاية الى دولة وهذا لم يتم ..ولا يزال الصراع مفتوحا رغم عدم رضى الناس عن أداء القيادة ...لكن لا يمكن المقارنة بين ما تقوم به القيادة الفلسطينية وما يفعله بعض العرب... القيادة اخفقت بكل شيء تقريبا...الا أنها لم تتنازل عن الثوابت..ولكن هل إخفاقها يعني كرت اخضر لبعض العرب؟ ارحموا حالكم وانتم تدفعون بفكر ما لتبرير خيانة العرب".

غير أنّ الصدمة الكبرى، كانت بأن فئة فلسطينية، وإن كانت قليلة وتمثل نفسها، مثل "التيار الاصلاحي" في حركة "فتح" الذي يتزعمه القيادي المفصول محمد دحلان، حاولت الدفاع عن اتفاق الإمارات باعتباره "فرصة للفلسطينيين لاستثماره لمصلحة قضيتهم من دون شتم الإمارات والتعامل بعصبية ورد فعل متسرع".. ثم تحول الأمر إلى شجار فايسبوكي، وكان فرصة لتساؤل البعض عن موقع دحلان المدعوم إماراتياً في هذا الاتفاق.

وكان هذا أيضاً محور ما كتبه الصحافي الإسرائيلي المتخصص في الشؤون العربية، يونا بن مناحم، حيث غرد في "تويتر": "الاتفاق الثلاثي بين إسرائيل والولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة حدد أن القيادي في حركة فتح محمد دحلان يمكنه العودة لمناطق السلطة الفلسطينية، على اعتبار أنه شخصية مركزية، يمكنها المساهمة في إحياء عملية السلام، وله دور مهم في المرحلة المقبلة".

والحال، أن الإتفاق الإماراتي-الإسرائيلي أظهر هوامشَ من التباين الفلسطيني بين الأكثرية الغاضبة، والأقلية المُهادِنة في طريقة النقد الموجه للإمارات وجدوى الدخول معها في "اشتباك إعلامي وسياسي"، مروراً بالخلاف حول الجهة التي تستحق النقد الأكبر. ولا يُمكن إنكار أن اتفاق أوسلو بحد ذاته، وما رافقه من متغيرات ووقائع جيوسياسية، حوّل جوانب كانت محل إجماع ومُسلّم بها في العمل الوطني الفلسطيني، إلى تصنيف آخر في سياق "الإجتهاد" و"وجهة النظر" و"المتغيرات التي تستدعي إبداعاً في التفكير"!

وهنالك تفاعلات فلسطينية رصدتها "المدن" في الشبكة العنكبوتية، تطرقت إلى الزاوية الأكثر حساسية بالنسبة للقيادة الفلسطينية من "إعلان المبادئ" الإماراتي- الإسرائيلي، حيث تتعدى خطورة الاتفاق على قضية فلسطين والالتفاف على مبادرة السلام العربية التي تنص على الحل النهائي قبل التطبيع. وتتعلق هذه الزاوية الحساسة بتوقيت الاتفاق في ظل احتدام الصراع الخفي في أروقة القيادة الفلسطينية على خلافة محمود عباس، في حال رحيله المفاجئ. وتترقب القيادة في رام الله ما إذا كان هذا الاتفاق سيفتح الباب أمام التدخل الإماراتي في المشهد السياسي الفلسطيني وبلورة مرحلة ما بعد عباس.

ويجب القول أن هنالك من وجه اللوم للقيادة الفلسطينية التي استخدمت في بيانها تعبير "المفاجأة" من الاتفاق الإماراتي-الإسرائيلي، رغم أن مقدمات كثيرة مهدت له،  وعلى رأسها هبوط طائرات إماراتية في مطار "بن غوريون" الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة، مروراً بصفقات شراء إماراتية لمستلزمات طبية احتاجتها إسرائيل في ظل جائحة كورونا، مع الإشارة إلى أن معلومات "المدن" الصادرة من مقر الرئاسة الفلسطينية تفيد بأن الأخيرة علمت عبر طرف دولي باتفاق أبوظبي-تل ابيب قبل ساعات من إعلانه رسمياً.

وفي ما يخص التفاعل العابر لحدود فلسطين، حاول البعض أن يقرأ تداعيات الاتفاق بالنسبة للموضوع السوري، حيث اعتبر منشور في "فايسبوك" أن الاتفاق سيخدم نظام بشار الاسد في سوريا، موضحاً أن "الإمارات ستساعد في إعادة تعويم النظام المذكور تنفيذاً لرغبة الشريك الجديد الذي طبَّعت معه للتو. هذا الشريك لم يعط الضوء الأخضر بعد لإزاحة نظام دمشق وتغييره".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها