بين "المرزبّة" و"البيبرونة".. يا أُذُني لا تحزني

"عالمرزبي المرزبي جننتيني ايه وربي..المرزبي عصاية جدي.. أوعا تفكريها مسبي". 

أغنية كهذه تعاون على بلورتها مؤلف ما وملحن ما، وغنّاها طارق الأطرش، صاحب أغاني "اقطعلوا كرت" و"ضربة موس". وتكفلت الأموال بتكرارها بما يكفي لترددها أثناء قيادة سيارتك كالمنوم مغناطيسياً، إلى أن تنتبه إلى فعلتك هذه وتود لو تتجه صوب المهوار خجلاً من نفسك. 

لماذا يا أخي؟ لماذا اخترت هذا الكلام لتحوله إلى أغنية – هذا إذا اعتبرنا أن كاتب الأغنية أخطأ ويمكن إصلاح خطئه باستخدام الورق الذي كُتبت عليه الأغنية لتغليف سندويش لبنة وزيتون لذيذ؟ لماذا سمحت للخطأ بالتمادي والتحول إلى مجزرة موسيقية وخطيئة فنية لا تغتفر؟ 

هذا النوع من الإنتاجات الساقطة ليس بحاجة إلى ناقد فني أو موسيقي ليكشف مدى عمق وضحالة المستنقع الذي خرجت منه. يكفي أن تكون مستمعاً عادياً لتتمنى أن يدخل في أذنك سهم ناري بدلاً من العصارة المقززة لفضاوة البال هذه.

وبما أن كلفة إنتاج هكذا أغاني لا تتعدى الألفي دولار، يمكن تقدير كمية الأعمال التي تمطرنا بها الإذاعات والمحطات التلفزيونية، لدرجة أن التنقل بينها صار أشبه بالسير في حقل ألغام قد ينفجر في أي لحظة ويسبب ضرراً لا يمكن إصلاحه. 

أغاني الزمن الرديء هذا يمكن تفنيدها في نوعين: الأول هو الكلام السخيف والقافية الرخيصة مع لحن خفيف وفيديو كليب أشبه بتصوير الهاتف النقال، وطبعاً نتيجتها "أغنية" تسبب شللاً مفاجئاً وصدمة نفسية تبقى كامنة حتى ظهور أغنية أسوأ منها. 

أما النوع الثاني فهو "الأغاني الفاحشة" التي تقدمها أنثى مغرية تعتمد صوتاً مستعاراً يسبب "لوعة كبد" وكمية سيليكون كافية لسدّ الشاشة بتضاريس فنية من نوع آخر.

"أنا رولا وشو بنحب، ما بيعجبني أيا شب".. "تغني" رولا يموت في آخر ابداعاتها بعدما تنقلت من الإعلام إلى عرض الأزياء واللانجري وترغب الآن في دخول عالم الشهرة من أسهل أبوابه "الفنية".

احتارت رولا في أولى محاولاتها: أي من إمكاناتها يجب أن تعرض لنا، نحن المساكين؟ فيبدأ الفيديو كليب بالمايوه الأحمر في حمام السباحة، ثم اللانجري الأسود "الرفيع وليس العريض"، لمزيد من "الاستعراض"، ثم الفساتين الأخرى التي لا تقل كشفاً عن مؤهلاتها الفنية.

"اللي قلبه فيي مغروم، وبدو هالمحبة تدوم.. بدو يقدملي دبلوم وشهادة تعبر عن حبه".

طيب عال. لننسى يا رولا أنك أتحفتنا بهذا الإبداع لتعطينا معاييرك للشاب الذي تبحثين عنه، مع العلم أنه كان بإمكان هذه الحياة أن تستمر من دون أن نعرفها. لكن هل من الضروري أن تبلغينا ببيانك هذا وأنت تتنقلين من زجاجة رضاعة "بيبرونة" إلى المصاصة ثم الحلوى وغيرها؟

يا أختي ضعي في فمك ما تشائين، لكن تفادي الميكروفون وهذه الأغنية من أساسها، رأفة بنا!

هل نلوم الآنسة يموت، أو المؤلفة والملحنة أميرة نجم، التي كان لها الدور الأول في هذه التحفة الفنية؟ كان بإمكانها أن تختار مهنة أو هواية أخرى، لكننا اكتفينا بجلسات تصوير رولا المعتادة باعتبار أن "قضا أخف من قضا". لكن وقعت الواقعة والضرر لا يمكن إصلاحه. تلوث سمعي بصري يجتاحنا حتى أن كلمة "أعمال هابطة" لم تعد كافية لوصف الحال الذي وصلنا إليه. 

أقل ما يمكن أن يقال: "أين نقابة الفنانين" من كل ما يحصل؟ لكن نعود ونتذكر أن رولا يموت حاصلة على بطاقة صحافة من نقيب الصحافيين الذي "توّج" رولا "ملكة الإغراء"، فلا يعود أمامنا خيار سوى أن نقول "قدّر الله وما شاء فعل".