الفشل الذي عاناه تنظيم "داعش" في تنفيذ رقابة على الانترنت في مواقع سيطرته، دفعه للبحث عن آليات بديلة، تمكنه من مراقبة الناس، واعتقال من يشتبه فيه، بإكراه المدنيين على تثبيت كاميرات مراقبة، متصلة بخدمة الانترنت، ويتمكن التنظيم من مراقبتها والوصول اليها.
فالتنظيم، يحاول جاهداً تسخير جميع الميّزات التكنولوجية لصالات الانترنت والمحال التجارية المزودة بخدمة "واي فاي" في قضايا أمنية تهدف لتحقيق أعلى قدر ممكن من الرقابة الداخلية على السكان ضمن المدن والبلدات الواقعة تحت سيطرته في مناطق دير الزور في شرق سوريا.
ورغم ان التنظيم حجب الانترنت بالقوة، العام الماضي، في مناطق سيطرته، بدأ بفرضه أخيراً، بالقوة أيضاً، حيث أصدر قراراً في مدينة البوكمال والريف الشرقي من دير الزور، طالب فيه أصحاب صالات الانترنت ومحال الصيرفة بوجوب تركيب كاميرات مراقبة تكشف حركة المارة أمام كل محل وتكشف الشارع الأمامي وما أمكن من محيطه.
القرار صدر بدايةً بشكل شفهي، وتم تبليغه عبر أمنيي التنظيم في مدينة البو كمال وريفها، في 20 تشرين الأول (اكتوبر) المنصرم. وبعد أسبوع واحد، صدر القرار ببيان رسمي عن مسؤول الاستخبارات في "ولاية الفرات"، التي تعتبر دير الزور الجزء السوري منها، تم توزيعه على صالات الانترنت ومحال الصيرفة وتعليقه في أسواق ومساجد مدينة البوكمال، وجاء فيه: "إلى أصحاب صالات الانترنت ومكاتب الصيرفة ومحلات التجارة كافة، يتم تركيب الكاميرات خارج مكان العمل وتكون على أطرافه بشكل تغطي المساحة الدائرة به، ويكون جهاز حفظ التصوير في صندوق مقفل وتسلم مفاتيح الصندوق إلى مكتب الأمن".
ونصّ القرار على بعض الملاحظات الملحقة منها، ألا يقل عدد الكاميرات في كل مقهى عن ثلاث، ويتم تركيبها بشكل مخفي على أن يتم التنفيذ خلال مدة أقصاها عشرة أيام.
وتوعد التنظيم كل مخالف بفصل خدمة الانترنت عنه، تعرضه فوراً لعقوبة شديدة.
وقال أبو حمزة الديري لـ"المدن" إن القرار يهدف الى جعل تلك المحال أشبه بنقاط مراقبة يكشف التنظيم من خلالها حركة المارة داخل الأسواق والشوارع العامة، مستغلاً قدرة الحواسيب على تسجيل حركة المارة على مدار 24 ساعة، وهو الأمر الذي يسعى التنظيم لتحقيقه في الأماكن المزدحمة بشكل خاص كونه يخافها، وغالباً ما يتم استهداف عناصره داخلها.
ويعتبر تنظيم "داعش" صالات الانترنت بمثابة نقاط بث لكشف انتهاكاته، لذلك يصدر التنظيم بشكل متعاقب قرارات خاصة باستخدام خدمة الانترنت، يهدف للحدّ من التسريبات ونشر الأخبار من داخل مناطقه.
وكان "داعش" قد أوقف عمل أجهزة الانترنت في مدينة البو كمال وريفها في خريف 2015، منع فيه تشغيل منظومة الانترنت أو ناشر (واي فاي) في أي مكان داخل قاطع البوكمال، ويضم هذا الأمر كافة مستخدمي الإنترنت من القاعات بكافة أنواعها ومكاتب الصيرفة والمطاعم ومحطات الوقود والمنازل والمنظومات الخاصة ومكاتب التجار بكافة أنواعها والمحلات التجارية والصناعية ومحلات المستلزمات الطبية، "ومن يوجد لديه أي اتصال انترنت داخل منزله أو مكتبه أو أي مكان خاص فسوف يعرض نفسه للمحاسبة الشديدة".
ثم عاد التنظيم وسمح لبعض الصالات بالعمل وأغلق بعضها الأخر، مشترطاً الحصول على مواقفة أمنية وتحقيق عدد من الشروط منها، منع وضع ناشر (واي فاي) خارج المحل لأي شخص كان حتى لو كان من جنود "الدولة الإسلامية"، وأن يقتصر توزيع الانترنت داخل المحل وإلزام أصحاب المقاهي بتسجيل اسم كل مشترك وبياناته وفق الهوية الشخصية وتسليم تلك البيانات لأمنيي التنظيم.
وكان من الشروط توفير مكان خاص بالنساء داخل المقهى، ويكون باب الدخول منفصلاً تماماً عن باب دخول الرجال. كذلك أجبر التنظيم أصحاب الصالات على تقسيم صالاتهم بقواطع بحيث يجلس كل شخص يدخل الصالة بشكل منفصل عن الآخر ولا يسمح بدخول الصالة إلا في حال وجود شاغر في أحد القواطع والهدف من ذلك تسهيل عملية التفتيش أثناء المداهمات.
ويلجأ التنظيم إلى إصدار تلك القرارات الخاصة بخدمات الانترنت كونه لا يمتلك آلية تكنولوجية تمكّنه من رصد الشبكة ورقابة تلك الخطوط عبر برمجيات خاصة. فخدمة الانترنت في مناطق "داعش"، تعتمد على شراء حزم اتصال الانترنت الفضائي من الخارج، وغالباً ما تكون من نوعي اتصال "هيوز" و"تو وي" يتم استقبالها عبر جهاز خاص، من ثم يتم توزيعها لحزم متعددة وبيعها للمستخدمين. لذلك من الصعب عليه تحقيق رقابة على خطوط الإتصال.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها