لا يُنظر الى
التقرير الذي بثته قناة "بي بي سي" من دمشق، الا بوصفه تقريراً صادراً عن قناة حليفة لنظام الرئيس السوري بشار الاسد! فالمفردات الجدلية التي انتقاها مراسل القناة في العاصمة السورية
جيريمي بوين، أراد منها تمرير رسائل سياسية، تظهر النظام على الشاشة البريطانية بمظهر المدافع عن الوطنية والمدنية في وجه خطر "المعارضة الجهادية الإرهابية".
يستقل بوين سيارة العقيد في الحرس الجمهوري السوري رامز سلطان، حيث يتجه الأخير إلى "العمل". ميدان العمل هنا، ليس هو جبهة القتال المهمة في ضاحية جوبر شرق العاصمة، والتي لم تهدأ فيها المعارك منذ نيسان/أبريل 2013 بين النظام السوري وقوات المعارضة.
التقرير المنشور في موقع الهيئة باللغتين
العربية والانكليزية، أظهر جيش النظام بمظهر المدافع عن العاصمة أمام الهجمات البربرية للمعارضة "الجهادية"، وتحديداً في المقطع الذي نزل فيه بوين مع جنود من الحرس الجمهوري السوري إلى أحد الأنفاق العسكرية في منطقة جوبر التي ترمز في التقرير إلى "صمود جيش النظام طوال أربع سنوات"، بعكس التوقعات الغربية بانهياره السريع، وهي رسالة سياسية - إعلامية واضحة، تبرئ النظام من مسؤولية قتل المدنيين، بالتزامن مع تغيّر أجواء السياسة العالمية بخصوص الملف السوري.
على أن هذا التقرير، قد لا يتطابق مع سياسة لندن الرسمية حيال الازمة السورية. ولا يمكن الجزم بتغير السياسة البريطانية تجاه الملف السوري جذرياً. فتصريحات المسؤولين البريطانيين لم تختلف كثيراً سوى فيما يخص مسألة اللجوء السوري التي نقلت الأزمة السورية من مجرد كلمات في الصحف وصور على الشاشات، إلى عينات واقعية كأشخاص من لحم ودم يجوبون الشوارع الأوروبية بحثاً عن الأمان، وهو ما لا يمكن تجاهله سياسياً أمام الرأي العام المحلي في كل دولة على حدة، إضافة الى بروز تحديات تتعلق بالقومية والهوية الأوروبية والاقتصاد في أكثر من دولة منها بريطانيا، مما يستدعي تحركاً سياسياً لإيجاد حل جذري لأزمة اللجوء من مصدرها وليس بحلول مؤقتة على الأراضي الأوروبية.
في
تقديمها للتقرير، تتحدث "بي بي سي" عن أسباب اللجوء السوري الأساسية متمثلة بالحرب والصراع على السلطة، وهو ما يتكرر في التقرير أيضاً لأسباب محلية تتعلق بالجدل الدائر في بريطانيا حول طريقة التعامل مع أزمة اللجوء السوري التي تضرب القارة الأوروبية ككل، ويظهر التقرير صور الجثث والموت والأطفال الجرحى والدمار ليبرر للبريطانيين أسباب اللجوء، دون إشارات إلى مرتكب هذه الفظائع. فالمهم إيجاد طريقة لوقفها بغض النظر عن المذنب.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها