الخميس 2024/08/15

آخر تحديث: 00:08 (بيروت)

ضربات اقتصادية ونفسية: اللبنانيون لن يستطيعوا التعامل مع الحرب

الخميس 2024/08/15
ضربات اقتصادية ونفسية: اللبنانيون لن يستطيعوا التعامل مع الحرب
استعدادات لبنان، حكومة وشعباً، للحرب "منخفض للغاية" (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
قد لا يكون من السهل على اللبنانيين التعامل مع تأثيرات أي حرب أو صراع جديد بين حزب الله وإسرائيل، حال حدوثها. الاقتصاد منهك، المواطنون لا قدرة لهم على تحمل تكاليف الحرب، ارتفاع معدلات الفقر، الحكومة شبه عاجزة نتيجة ضعف الميزانية. وهو ما يعني أن لبنان دخل نفقاً مظلماً، ستكون تداعياته كارثية على المديين المتوسط والبعيد.

هذه خلاصة ما جاء في تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية الذي حمل عنوان "لا نستطيع التعامل مع الحرب": فقراء ومكسورون، سكان بيروت يخشون وصول صراع جديد".

حسب التقرير، يعاني لبنان اليوم من تأثيرات أزمات متعددة، بدء من الأزمة الاقتصادية عام 2019، وصولاً إلى انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020 والذي أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 220 مواطناً، وجرح أكثر من7000 شخصاً، وهو ما يجعل أي حرب جديدة، بمثابة ضربة موجعة لاقتصاد لبنان.

قصص موجعة
يعيش جورج أبي خليل البالغ من العمر 75 عاماً وزوجته عفاف 69 عاماً، على المساعدات الاجتماعية، التي تقدمها الكنيسة وبعض الجمعيات الخيرية. أصيب أبي خليل في انفجار المرفأ. اليوم بعد مرور أربع سنوات، لا يستطيع تأمين لقمة عيشه كحال عدد كبير من اللبنانيين.

لا يتلقى جورج وعفاف بحسب "الغارديان" أي معاش تقاعدي أو رعاية اجتماعية. تدفع جمعية خيرية محلية ثمن أدويتهما، وتحضر لهما وجبة غذائية يومياً. ومع ذلك، لا تستطيع الجمعية الخيرية الآن سوى دعم 50 أسرة ضعيفة في لبنان، حيث انخفض تمويلها بنسبة 50 في المئة في العام الماضي بسبب إرهاق المانحين.

خلال حديث أبي خليل وزوجته، دوى جدار صوت ناجم عن تحليق طائرات للجيش الإسرائيلي فوق مدينة بيروت على ارتفاع منخفض، وهو ما دفع زوجة أبي خليل، للإشارة إلى أنه من الصعب التعامل مع أي حرب جديدة، بعد كل ما مرت به العائلة.

أسباب عديدة
واحدة من الأسباب التي تجعل من الصعب التعامل مع هذه الحرب حال حدوثها، ارتفاع معدلات الفقر، وضعف القدرة الشرائية. يشير تقرير صادر عن البنك الدولي، إلى أن 44 في المئة من اللبنانيين يعيشون في فقر، وهو ثلاثة أضعاف ما كان عليه قبل 10 سنوات. كما تسببت الأزمة المالية عام 2019، في خسارة الليرة اللبنانية لأكثر من 98 في المئة من قيمتها، وهو ما أدى إلى خفض رواتب القطاع العام، حيث باتت شريحة كبيرة من اللبنانيين عاجزة تماماً عن تأمين مستلزمات العيش.

تعترف الحكومة وعلى لسان وزير البيئة، ناصر ياسين، بأن التأثيرات هذه المرة أكبر وأعمق. يقول: "في العام 2006، كان لدى الناس أموال في البنوك، وكان بوسعهم سحب بضعة آلاف من الدولارات واستئجار مكان لبضعة أشهر". ولكن إذا اندلعت الحرب الآن، فإنه يتوقع أن يحتاج أكثر من مليون شخص إلى سكن مؤقت في مبانٍ مدرسية أعيد استخدامها.

عندما بدأ حزب الله وإسرائيل تبادل الهجمات الصاروخية اليومية على الحدود في تشرين الأول الماضي، كلف حينها ياسين بتنسيق خطة طوارئ حكومية في حالة تصاعد الصراع. يقول ياسين إن الخطة توقعت نزوح ما بين 1.2 مليون و1.5 مليون شخص وحاجتهم إلى "مساعدات غذائية، وإدارة المأوى، والمياه، والصرف الصحي". 

لكن السؤال هل يمكن للحكومة اللبنانية، تأمين مساعدات غذائية وحماية للنازحين؟

استعدادات ضعيفة
يقول سامي زغيب، الخبير الاقتصادي "إن الاستعداد للحرب منخفض للغاية، في ظل الديون العميقة وعدم القدرة على اقتراض المزيد من المال".

يعتقد زغيب أن هناك صعوبة بالغة، في ظل انخفاض ميزانية الحكومة بأكثر من 80 في المئة مقارنة مع الأعوام السابقة، كما يشير إلى أن "أكثر من 100 ألف نازح أجبروا على ترك منازلهم جنوب العاصمة، بسبب القتال. وهم اليوم، يحتاجون إلى مساعدات حقيقية، خصوصاً وأن جزءاً منهم يكافح للحصول على منزل، بعدما رفع أصحاب العقارات الإيجارات بشكل لا يصدق".

لا يخفي زغيب -حسب "الغارديان"- أن الحرب ستؤثر بحدّة على الروابط التجارية لاقتصاد يعتمد بشدة على الواردات. إذ أن النقص الناتج عن ذلك من المرجّح أن يؤدي إلى ارتفاع حاد في الأسعار، حتى السلع الأساسية، بما في ذلك المياه والأدوية، مما يجعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة لأفقر سكان البلاد.

ماذا عن التكلفة العلاجية؟
أرسلت منظمة الصحة العالمية 32 طناً من المعدات الطبية، بما في ذلك 1000 مجموعة علاج صدمات لعلاج إصابات الحرب. ويرفض وزير الصحة العامة فراس أبيض الاقتراحات التي تفيد بأن البلاد تعاني من نقص شديد في الإمدادات للحرب، لكنه يعترف بأن الوزارة تعمل في "بيئة منخفضة الموارد".

غادر عدد كبير من العاملين الطبيين المدربين لبنان منذ الأزمة عام 2019. فيما اضطر عدد آخر من الأطباء البقاء في لبنان والقبول بواقع الرواتب المنخفضة.

ويقول أبيض إن الوزارة تستفيد من المعرفة المؤسسية التي اكتسبتها من خلال عقود من إدارة الأزمات، لكنه يضيف أن "قلقه الرئيسي، لا يتعلق بالأدوية والعلاجات، بقدر ما يتعلق بغياب الرفاهة العقلية للسكان"، بعد الأزمات المتعددة في السنوات الخمس الماضية.

ويقول: "لسوء الحظ، هذا يؤثر كثيراً على الرفاهة العقلية لمجتمعنا ومجتمع اللاجئين. أعتقد أن المرور بأزمة أخرى قد يؤدي إلى جروح وندوب أكثر خطورة من أي ندوب جسدية يمكنك تخيلها".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها