وعلى الرغم من محاولة مصرف لبنان تنظيم عمليات التحاويل بالتعاون مع الصرافين وحصرها بصرافي الفئة "أ" وفرض تسجيل العمليات بتفاصيلها ومستنداتها وإرسالها بشكل دوري إلى مصرف لبنان لتدقيقها وضبط عدم التلاعب بالدولارات المحوّلة من مصرف لبنان، جُبهت الخطوة بكثير من الانتقادات بالنظر إلى ما شابها من ثغرات وتجاوزات.
ومصرف لبنان لم يبحث بخيارات أخرى قبل مشاركة الصرافين بإدارة الدولارات المدعومة وتوجيهها، فلماذا لم يشرك المصارف بعمليات التحاويل كواحد من الخيارات، ولماذا لم يتم الإفراج عن مبالغ من الودائع المحتجزة لدى المصارف تساوي قيمة التحاويل المرجوة من أصحاب الودائع والتي يقوم بها الصرافون من دولارات مصرف لبنان؟ ثم من يضمن عدم قيام بعض الصرافين بتجاوزات واستغلال الدولارات. أسئلة كثيرة وُجّهت إلى مصرف لبنان حينها، فلم يُجب على أي منها على الرغم من توالي الشكاوى من مواطنين على ممارسات بعض الصرافين.
تجاوزات وتحايل
وبعد أن كانت التحاويل تتم عبر الصرافين لسداد رواتب العمالة المنزلية (حد أقصى 300 دولار مرة شهرياً)، وتذكرة سفر لشخص واحد (حد أقصى 1000 دولار مرة واحدة سنوياً)، وقسط جامعي خارج لبنان (حد أقصى لقسط الطالب الواحد 2500 دولار شهرياً)، وسداد قسط لقرض منزل في لبنان بالدولار (حد أقصى 1000 دولار مرة شهرياً) وإيجار سكن طالب في الخارج (حد أقصى 1000 دولار شهرياً)، لم يستمر أي منها سوى تحويل رواتب العمالة الأجنبية وبمعدل 100 دولار شهرياً فقط. ذلك بعد أن انخفضت قيمة الدولارات المحوّلة من مصرف لبنان من نحو 300 ألف دولار كمعدّل وسطي للصراف الواحد منذ أشهر إلى نحو 20 ألف دولار منذ شهر، وفق ما يؤكد أحد الصرافين في حديث لـ"المدن"، وهو مبلغ لا يكفي لإجراء ربع عمليات التحاويل المطلوبة.
استمرت عمليات التحويل وإن بشكل ضئيل ولعدد محدود جداً من العائلات لحساب عمال أجانب حتى تاريخ 13 كانون الثاني، أي قبل يوم واحد من بدء مرحلة الإقفال العام لمنع انتشار فيروس كورونا. ومنذ ذلك الوقت لم يبع مصرف لبنان الدولارات إلى الصرافين بحجة الإقفال العام، علماً أن قرار الإقفال استثنى الصرّافين ومصرف لبنان. الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول إمكان استمرار مصرف لبنان ببيع الدولارات إلى صرافي الفئة "أ" وفق سعر المنصة الإلكترونية (3850 ليرة – 3900 ليرة).
وقف التحاويل
ووفق معلومات "المدن" فإن مصرف لبنان يتّجه فعلياً إلى تعليق عمليات بيع الدولارات إلى صرافي الفئة "أ" حتى بعد انتهاء فترة الإقفال العام. وذلك لأكثر من سبب، من بينها المخالفات الحاصلة في عملية تحويل الأموال، خصوصاً بعد فتح النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون الملف وتوجيه اتهامات مباشرة إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بتهمة إساءة الأمانة بالتصرف بالدولارات وعدم تحديد وجهتها بشكل دقيق وشفاف، وإلى رئيسة لجنة الرقابة على المصارف مايا دباغ لتقصيرها بمراقبة كيفية استعمال الصرافين للدولارات المحوّلة لهم من مصرف لبنان بسعر المنصّة. كما ادعت القاضية أيضاً على صاحب شركة شحن الأموال من وإلى الخارج ميشال مكتّف وأحد الصرافين ممن تدور حوله شبهات بالتلاعب بالدولارات المخصّصة للتحويل إلى الخارج.
وليس بالأمر المُستغرب أن يعمد بعض الصرافين إلى بيع الدولارات إلى تجار داخل لبنان وبسعر يفوق كثيراً سعر المنصة الإلكترونية، يقول المصدر. فبعض الصرافين يجنون الأرباح من هذه العملية جراء بيعهم الدولارات إلى تجار ومقرّبين منهم بسعر يقل عن سعر صرف السوق السوداء ويزيد بالطبع عن سعر المنصة، وغالباً ما يدور في محيط 6 آلاف ليرة للدولار. وبهذه العملية وبالتواطؤ بين الصراف والشاري تكون دولارات مصرف لبنان المخصّصة للتحويل إلى الخارج لرواتب عمال أجانب أو طلاب أو غيرها، قد ضاعت هدراً في زواريب السوق السوداء وعادت بأرباح كبيرة للصرافين المخالفين.
وإذ يسأل المصدر: ما الذي يدفع بعض الصيارفة إلى العمل ضمن هامش ضيق كالذي تفرضه المنصة، أي بين 3850 ليرة و3900 ليرة فقط، في حين أن العمل في السوق السوداء يدر له أرباحا مضاعفة؟ يرى أن غالبية صرافي الفئة "أ" انسحبوا من الاتفاق القاضي بشراء الدولارات من مصرف لبنان وتحويلها إلى الخارج ضمن الهامش المذكور، لأن الأمر غير مربح بالنسبة إليهم.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها