اتّهم وزير الخارجية جبران باسيل، وزير المال على حسن خليل، بعرقلة مشروع إنشاء معمل لإنتاج الكهرباء في دير عمار، المعروف بمشروع دير عمار 2. أما خليل فأكّد العرقلة، لكن ليس لمشروع إنشاء المعمل بحد ذاته، إنما عرقلة ترتيب كلفة مالية لمصلحة الشركة المتعهدة، تدفعها الدولة تحت شعار الضريبة على القيمة المضافة TVA.
في خضم الاتهام الذي تحوّل إلى سجال إعلامي، جنّد باسيل وزراء تياره البرتقالي ونوابه للدفاع عن المشروع الذي كان هو عرّابه. وأشهر المدافعين كان وزير العدل سليم جريصاتي، الذي رفض اتهام رئيسه وتياره بسرقة TVA، طالباً تعليم التيار كيفية سرقة الضريبة على القيمة المضافة، "فنحن إمّا جهلة ولسنا بجهلة وإمّا أبرياء".
لكن وزير العدل "لم يكلّف نفسه عناء الاطلاع على القوانين، وتحديداً قانون المحاسبة العمومية، لمعرفة المخالفات التي يدافع عنها. مع أن المرور السريع على تفاصيل تلزيم المشروع، يُظهر 4 مخالفات بارزة، كافية لوصف التلزيم بأنه صفقة حقيقية، وكافية لنسفه ولتحميل المسؤولية للوزير الذي سهّل التلزيم"، وفق مصادر في وزارة الطاقة.
بالإنطلاق من مسألة TVA، التي تتضمن المخالفة الأولى، فإن "السعر الذي تم التعاقد على أساسه مع شركة جاي أند بي أفاكس "J & P Avax"، لا يشمل قيمة TVA التي تبلغ 10% من قيمة العقد، والتي يجب أن تضاف إلى السعر الذي ستدفعه الدولة للشركة لقاء تنفيذ المشروع، وهو نحو 495 مليون دولار. وهو رأي كلّ من الشركة ووزارة الطاقة. مع أن دفتر الشروط نص على أن سعر التلزيم "يشمل كل الضرائب والرسوم"، أفلا تُعتبر TVA ضريبة؟ بالتالي، السعر الذي قدمته الشركة في المناقصة هو سعر نهائي، ولا يترتب على الدولة أي أكلاف إضافية".
ولتأكيد ذلك، يمكن مراجعة مشروع تلزيم معملي الزوق والجية، حيث دفعت الدولة قيمة TVA، لأن دفتر الشروط نص صراحةً على أن المتعهد لا يدفع الضريبة على القيمة المضافة، ولا تحتسب من السعر المقدّم في المناقصة.
خلال البحث في مسألة TVA، "تناسى باسيل أن تلزيمه مناقصةً دون تأمين موارد لها، هو أمر مخالف للنظام المالي ونظام المحاسبة العمومية، سواء أكان سعر المناقصة يشمل الضريبة أم لا. فلا يجوز عقد نفقة دون توفر الاعتماد اللازم لها".
وعند عقد الصفقة، كانت الحكومة تحاول إيجاد تمويل خارجي للمشروع، فالتمويل بهبة خارجية يعفي الدولة والمتعهد من دفع TVA، لكن لم يصر إلى تأمين التمويل من مصدر خارجي. وهذه مخالفة ثانية.
في السياق نفسه، استند باسيل، حين كان وزيراً للطاقة في العام 2012، في تلزيمه للشركة، على استغلال عامل الوقت لمصلحة الشركة وليس لمصلحة الدولة التي يمثلها. إذ نصّ دفتر الشروط على اعطاء الأفضلية في التلزيم للشركة التي تستطيع مباشرة التنفيذ خلال 3 أشهر، "لكن الجيش اللبناني كان مازال يشغل قطعة الأرض التي يفترض تنفيذ المشروع عليها، فكيف علمت الشركة وباسيل بموعد إخلاء الجيش، للاستفادة من عامل الوقت في التفاضل؟ وطالما أن الجيش كان موجوداً أثناء التلزيم، توجّب عدم اعطاء الشركة الفائزة أفضلية الوقت. ما يتيح للشركات الأخرى إمكانية الفوز في المناقصة. وبذلك يكون باسيل قد خالف القانون للمرة الثالثة".
ومع أن وزير الطاقة "فضّل مصلحة الشركة"، إلاّ أن الأخيرة لم تلتزم بشروط العقد، رغم أنه مفصل على قياسها، فلم تباشر التنفيذ خلال 3 أشهر، بل توقفت عن العمل ريثما تُحل قضية TVA، وهو إجراء يُرتّب على الدولة غرامات لمصلحة الشركة، لأنها لم تعطِ الأخيرة أمراً بالمباشرة خلال مهلة 15 يوماً، وهو أيضاً "شرط وضعه باسيل لمصلحة الشركة، على حساب الدولة. وهنا المخالفة الرابعة. فوفق القانون الإداري، لا يحق للمتعهد التذرع بظروف قاهرة للتوقف عن التنفيذ، بل عليه ان ينفذ المشروع، وأن يقاضي الدولة في حال لم تدفع له مستحقاته، أو في حال حصول أي خلل. عليه، الأجدى بالشركة أن تضع السجال حول TVA جانباً، وتتابع عملها، وتحصّل حقوقها من الدولة قانونياً".
بما أن مثل هذه المناقصات هي من اختصاص إدارة المناقصات في التفتيش المركزي، حاولت "المدن" التواصل مع مدير عام إدارة المناقصات جان علية، الذي أصرّ على عدم الحديث عن تفاصيل المناقصة، مكتفياً بالتأكيد على "ضرورة الالتزام بالقوانين، لأن الإدارة الخاطئة، في حال عدم تطبيق القوانين، ترتّب على الدولة أعباءً مالية هي بالغنى عنها. وهذا ما سعينا جاهدين لتجنب حصوله في مناقصة بواخر الطاقة".
نقاط التشابه بين ملف مناقصة دير عمار وبواخر الطاقة الذي يدفع باسيل في اتجاه استجرارها، تطرح علامات استفهام، تُضاف إلى العلامات المطروحة بشأن موافقة الحكومة على نتائج المناقصة في آذار 2013، من دون الانتباه إلى المخالفات.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها