ما إن توقفت العمليات الحربية في مدن سورية عدة، حتى بدأ الحديث عن خضوع أغلبية المناطق للتنظيم. ما آثار مخاوف السكان، لأن ذلك يعني بداية أزمة أخرى جديدة بالنسبة إليهم، تتمثل في عدم قدرتهم على العودة إلى منازلهم واضطرارهم لايجاد بدائل أخرى.
ومؤخراً، أعلنت الحكومة السورية عن قيامها بإعادة تقييم المخططات التنظيمية للمناطق المتضررة ووضع خريطة لتأمين البيئة السكنية المتكاملة للمواطنين وتشكيل فرق عمل مختصة لإعداد مخططات تنظيمية شاملة تغطي النشاطات التنموية في المحافظات على مستوى القطاعات التجارية والسياحية والصناعية والاستثمارية المختلفة.
هذا العمل كان قد بُدء به منذ الشهر الثامن من العام 2016 إلى الآن، وصدر عنه 35 مخططاً تنظيمياً في محافظات دمشق، حلب، حمص، حماة، اللاذقية وطرطوس، والموافقة على 59 برنامجاً تخطيطياً في محافظات حلب وحمص وحماة واللاذقية وطرطوس والقنيطرة، ضمت برامج تخطيطية لتجمعات سكنية، بالإضافة إلى مناطق حرفية وصناعية.
وفي ما يخص معالجة مناطق السكن العشوائي، فقد حددت الخريطة الوطنية للسكن العشوائي التي أعدتها هيئة التخطيط الإقليمي 157 منطقة سكن عشوائي في سوريا، وتمت مخاطبة المحافظات لتقديم بيانات عن واقع مناطق السكن العشوائي لديها من حيث مساحة المنطقة والكثافة السكانية والمناطق التي تم إعداد مخططات تنظيمية تفصيلية لها والمراحل التي تم الوصول إليها لإنجاز هذه المخططات، والمناطق التي لم يتم إعداد مخططات لها.
كذلك كلفت رئاسة مجلس الوزراء الجهات المعنية في محافظة درعا إعداد المخطط التنظيمي لها، وسيتم تقديم الدعم الفني اللازم لذلك. وتم الإعلان عن مشروع تقييم وتطوير المخطط التنظيمي العام لمدينتي الحسكة والقامشلي. وتمت الموافقة على البرامج التخطيطية لمناطق التوسع الغربي لمدينة حمص وإصدار تعديل المخطط التنظيمي لمنطقة جورة الشياح والقصور.
أما بالنسبة إلى مدينة داريا فتم تقديم الدعم الفني لمجلس المدينة وتقييم كامل المخطط التنظيمي المصدق، وإعداد مقترحات دراسات تفصيلية لأربع مناطق متضررة ضمن المخطط التنظيمي وفق رؤية جديدة راعت معالجة مناطق السكن العشوائي والارتقاء بسوية السكن واعتماد التوسع الشاقولي ما أمكن، بما يضمن حقوق المالكين، ولحظ مناطق استثمارية تجارية لتأمين فرص عمل لأهالي المنطقة.
وفي الغوطة الشرقية تم الاطلاع على توجهات التخطيط الإقليمي لريف دمشق ودراسة ما تؤمنه المخططات التنظيمية المصدقة للمناطق بحساب المساحات والكثافة الحقيقية لصفات السكن ومساحة الخدمات الملحوظة ضمنها وحساب العجز الفعلي من الخدمات في ضوء الاستيعاب الفعلي في المخططات من السكان، وتم إصدار قرارات تشكيل لجان لتقييم المخططات التنظيمية المصدقة لمدن حرستا، عربين، عين ترما واقتراح الحلول التخطيطية الفنية اللازمة لتطوير هذه المخططات وخصوصاً في المناطق التي تضررت بفعل الإرهاب.
بخصوص محافظة دير الزور تم توقيع العقد مع الشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية لتقييم المخطط التنظيمي لمدينة دير الزور بقيمة 150 مليون ليرة، وتقوم الشركة بتجهيز الأعمال المكتبية لحين ورود أمر المباشرة من قبل المحافظة.
من جهة أخرى، وبعد إصدار المخطط التنظيمي العام لمدينة حلب تمت المباشرة بإعداد الدراسات التفصيلية من قبل الفنيين في الشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية والجامعة ونقابة المهندسين، حيث أقر مجلس مدينة حلب خطة الأولويات المقترحة للتدخل في البقع والمناطق التنظيمية الواقعة ضمن المخطط التنظيمي وذلك في مناطق المخالفات الجماعية ومناطق التوسع.
ويعتبر أحد المحامين في دمشق، فضل عدم ذكر اسمه، أن المخططات التنظيمية هي لفرض أمر واقع سكاني وعمراني تتحكم به شركات إعادة الاعمار بالتعاون مع بعض الجهات المستفيدة على حساب المواطن الفقير، ولأن ما بني بعشرات السنوات ويقطنه عدد كبير من السكان لا يمكن أن ينجز بسنوات قليلة. ما يعني ترك هؤلاء السكان على قارعة الطريق. كما أن الدولة لا تستطيع انجاز الاعمار في مناطق تنظيمية مسكونة بسهولة، خصوصاً مناطق العشوائيات المكتظة بالسكان. فذلك سيتسبب بمشاكل اقتصادية واجتماعية ربما تعيدنا إلى المربع الأول في هذه الأزمة.
يضيف المحامي أن أبرز الاعتراضات على هذه المخططات هي أن يتم الاعلان عنها بهذه الطريقة العشوائية الارتجالية. ما يجعلها مرفوضة على المستوى الشعبي ومن فئة واسعة من المواطنين. ويشير المحامي إلى أنه "على الجهات المسؤولة ايجاد الحلول اللازمة ووضع خطة استراتيجية لكيفية تنظيم المناطق، أي تحديد الكيفية والمدة مع تحديد الهدف المقصود لكل منطقة تنظيمية بعينها، واتخاذ الاجراءات المنصوص عليها في القانون. وتحديد مدة زمنية حقيقية تحفظ من خلالها حقوق هؤلاء السكان من سكن بديل أو تعويضات خلال فترة التنفيذ من دون حرمانهم من حق السكن في مناطقهم".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها