أطلق قسم هندسة العمارة في الجامعة الأميركية في بيروت مبادرة تحت إسم Design Impact Laboratory، نتج عنها "بناء ذكي" ظهر على شكل مكتبة للأطفال اللاجئين في البقاع، سيفتتح في 8 تشرين الثاني.
لكن وصف المشروع بـ"البناء الذكي" لم يأتِ عن عبث أو لحاجة تسويقية. فالخصائص التي تمّ اعتمادها وتصميمها تعتبر حافزاً والحجر الأساس لاطلاق عملية التنمية المستدامة، التي "تتبع استراتجيات الاستجابة لظروف المناخ والمحيط على كامل الأراضي اللبنانية"، على حدّ تعبير المعماريّ كريم نجّار، البروفيسور المؤسس للمبادرة. وتكمن أهمية ورشة العمل هذه في أنّها درست كيفية تطبيق أنظمة سكن مؤقتة مع قدرة على نقلها وتطبيقها في أمكنة أخرى بسهولة، نظراً للأطر القانونية الضيقة وحساسية التعاطي السياسي اللبناني مع مسألة بناء اللاجئين السوريين.
وُجه البناء بطريقة مدروسة للاستفادة القصوى من اتجاه الرياح. ما يسمح بتأمين التهوئة المطلوبة. كما أن تدرّج ارتفاع السقف سمح بإدخال النور الكافي لإنارة المساحة الداخلية للبناء. ويشرح نجّار لـ"المدن" أنّ هيكل البناء الأساسي مؤلف من اطارات خشبية متتالية سهلة التركيب والفكّ. ورغم خفّة وزنها، فإنّ الهيكل صُمّم ليكون صلباً وثابتاً فيواجه العواصف القاسية. كما أن الاطارات ذاتها تؤدي دوراً جوهرياً في تكوين نظاميّ السقف والجدران، حيث طُبّق مبدأ الاستفادة التشاركية التي تخفف كثيراً من التكاليف المادّية.
وكان التصميم قد خضع لكثير من التجارب. فالاستديو التعليمي اتبع مساراً أكاديمياً يستند إلى التحليل والتجريب قبل البدء بالتنفيذ الفعليّ. وهذا المسار كان كفيلاً بمنح كثير من الخبرة للطلاب، الذين لا يحصلون عليها في تصاميمهم الورقية. ورغم نفقات الاطارات والمجسّمات التجريبيّة، لم تتجاوز كلفة المشروع عشرة آلاف دولار، وهو مبلغ معقول ومنافس لأسعار السوق. في حين توزعت التكلفة على شراء المواد الأولية من خشب وحديد وبلاستيك، إضافة إلى أجور اليد العاملة ونقل المواد إلى منطقة البقاع.
تألفت جدران البناء من أكياس رمل مكدّسة، تؤمّن دعماً وعزلاً للحرارة. ترافق ذلك مع ميّزة أخرى احتواها التصميم الذكيّ، تكمن في استخدام حرارة الأرض للتدفئة والتبريد. إذ إن مرور الهواء داخل مجار تمدّ تحت الأرض، في عمق محدّد، سيسمح بتغيير حرارة البناء وفق حرارة الأرض. فيتمّ تبريدها صيفاً، حيث تنخفض حرارة تربة الأرض، والعكس صحيح شتاءً. على أن اعتماد هذه التقنية، كان بالتعاون مع مركز "ترانسولار" في ألمانيا، الذي يهتمّ بالحلول المناخيّة. لكن المستغرّب أنّ هذه التقنية غير معتمدّة في أي من الأبنية في لبنان، سوى في اثنين منها، رغم أهميتها البالغة، وما يمكن أن توفره على المستوى المادي.
ورغم أنّ المبادرة مازالت في بداياتها، إلّا أنّها خلقت هويّة فريدة يمكن تنفيذها في مشاريع مماثلة أو سكنية، نظراً لميزانيتها المتواضعة.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها