التنظيم، ونتيجة للقصف المكثف على حقول والآبار وقوافل النفط، بحث عن طرق تجنبه خسائر تلك الضربات إلى أدنى حد ممكن، فقام بتسليم إدارة حقول النفط والآبار إلى معتمدين خاصين من طريق الاستثمار، وقضى الاتفاق بأن يدفع كل معتمد، مقابل استثمارة للبئر، نسبة 10 بالمئة من الأرباح وبشكل مسبق، وذلك وفق ما تقوله مصادر "المدن" التي تشير الى ان قرار تسليم انتاج النفط لمعتمدين مدنيين كان أشبه بالخصخصة، فقد ترك داعش قرار رفع أسعار النفط أو خفضها بيد المعتمد، ما أدى إلى ارتفاع أسعار بيع الخام من 35 دولاراً الى 60 دولاراً للبرميل الواحد. فارتفع سعر برميل المازوت من 18000 ليرة سورية الى 32000 ليرة، وسعر مادة الكاز التي تعتبر المصدر الرئيسي لطهي الطعام نتيجة انعدام مادة الغاز المنزلي، من 125 ليرة الى 220 ليرة لليتر الواحد. أما سعر مادة البنزين المكرر من النوع الأول فقد ارتفع من 175 ليرة إلى 250 ليرة لليتر الواحد، أما البنزين المكرر من النوع الثاني فارتفع من 100 ليرة الى 175 ليرة لليتر الواحد.
القرارات شكلت موجة استياء عارمة داخل صفوف مقاتلي التنظيم، بخاصة السوريين منهم، الذين يعتبرون الأكثر فقرا. وكانت الظروف الاقتصادية الصعبة قد دفعت بأكثرهم للإنضمام إلى صفوف التنظيم مقابل رواتب شهرية وبعض المعونات من الأغذية والمحروقات التي يمنحها "داعش" لأسر مقاتليه كل شهر. وبحسب مصادر "المدن"، فإن العديد من مقاتلي التنظيم أقدموا على الهرب بعد أن ساء وضعهم المالي، وتم القاء القبض على أكثرهم ووضعهم في السجون، بخاصة في ريف مدينة الباب شمال حلب.
وللتخفيف من حدة هروب المقاتلين، وفي محاولة لتخفيف الضغط عليه، حاول التنظيم توظيف خطابه الديني للتخفيف من حالة الاستياء بين مقاتليه، فأصدر تعميماً لخطباء المساجد، بتوجيه خطابهم إلى عامة الناس عن الجهاد بوصفه "فرضاً" لا يجوز أن يتقاضى الساعي إليه أي مقابل. كما أوعز التنظيم لشرعييه بالتوجه لعقد اجتماعات مع المقاتلين داخل معسكرات التدريب والتجمعات القتالية، لبث خطابهم الديني حول الجهاد والتركيز على أن المقاتلين الأجانب جلبوا أموالاً للتنظيم بدلاً من تقاضيهم أي مقابل، وعلى أن مسألة الأجور والرواتب تعتبر من أمور الدنيا الفانية.
قرار داعش بخفض الرواتب انعكس بشكل مباشر على اقتصاد المناطق الواقعة تحت سيطرته بشكل سريع. فالدورة الاقتصادية في تلك المناطق تعتمد بشكل أساسي على السيولة النقدية المتأتية من أموال داعش. ونتيجة لانخفاض القدرة على الإنفاق، تفشت البطالة بين صفوف الشباب المدنيين، ما دفع بالمئات منهم للهرب من الواقع المعيشي الصعب. لكن أكثرهم وقع في قبضة داعش الذي أقفل معظم مناطقه، بخاصة حدوده المفتوحة مع تركيا، بالألغام والمتفجرات، أمام الهاربين إلى البلد الجار بحثاً عن فرصة عمل.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها