الأربعاء 2024/09/25

آخر تحديث: 13:09 (بيروت)

أشباح تخرج من "سياج الغزالة"

الأربعاء 2024/09/25
أشباح تخرج من "سياج الغزالة"
increase حجم الخط decrease
صدرت حديثاً، عن "منشورات المتوسط – إيطاليا"، رواية الفلسطيني ناصر رباح، بعنوان "سياج الغزالة"، وبمصائر قاسية لشخصياتها، وأحداث تجري في فلسطين المحتلة، وإمكانيات مفتوحة لكل المواجهات.

في "سياج الغزالة"، تهاجر فتاة يهودية من العراق إلى فلسطين، وتعمل في مستوطنة إسرائيلية، ولأنها تعلمت فن النّحت في بغداد فإنها تنحت حجراً وتصنع منه تمثالاً. يلفت التمثال نظر إحدى الفلسطينيات في مخيم للاجئين وهي تعمل في المستوطنة ذاتها كمزارعة، الأمر الذي يوطّد علاقتها بالفنانة الإسرائيلية، لكنه يجعلها تسوء مع بقية العمال الفلسطينيين، ثم تُطرد من العمل لتعيش وحيدة معزولة عن بقية اللاجئين في المخيم، فتضطر للزواج كيفما اتُّفق، الأمر الذي يتطور إلى جريمة قتل!

يتم ترشيح التمثال ليُعرض في متحف الفن الحديث في ألمانيا، لكن لأسباب متشابكة، تقرر الإدارة الألمانية استبعاده وطرد الفنانة. بعد ذلك تتأزم العلاقة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل نتيجة ظهور "حركة حماس"، وتحدث اشتباكات، فتسقط قذائف على المقبرة، الأمر الذي يؤدي لظهور شبح القتيل الذي يبدأ في التأثير على شخصيات الرواية في نوع من الفانتازيا التي افتُتحت بدموع تسقط من عيني التمثال مسببة إشكاليات للشخصيات.

يمكن اعتبار التمثال بطل الرواية وشخصيتها الرئيسة، لكن أيضاً يمكن أن تكون النحّاتة، أو الفتاة الفلسطينية، أو زوجها.. إنما في الحقيقة يمكن النظر إلى الشخصيات جميعها كأبطال للرواية، فلكل شخصية قصة ومصير. لكنَّ المؤكَّد أن ناصر رباح هو شبح آخر خرج علينا من روايته هذه، ليؤثِّر في كلِّ مَنْ يقرأها.

من الكتاب:
يضع حسين المتململ ذو البنطال يده على فمه مغتاظاً ليؤكّد صمته، فتتخلّل اليد شفتَيه وأسنانه، فيبتسم دون أن يتعمّد ذلك. لكنه سرعان ما يلفت انتباه رفيقه ذي الكفن إلى أن هناك جماعة من المارّة يقتربون منهما، ويسأله إن كان من الأفضل أن يختبآ أم أنه يفضّل سؤالهم عن جعفر؟ لكنه لم يجد عند صاحبه غير الذهول، فقد كانت اللحظة قد فاتت على الاختيار واقترب القادمون منهما وانتهى الأمر. كان الكفن المتجمّد في حَيْرته مع ظلّه ينتظران وحسب حين عبر من خلالهم خمسة رجال، وكأنهم عبروا حاجزاً من الدخان. غير أن أحدهم قد انتابته نوبة من الضحك حين عبر من خلال جسد حسين الأبيض، وسرعان ما انتشرت عدوى الضحكات إلى بقية الخمسة، فأكملوا طريقهم وهم يردّدون: جُنّ القطّ ... جُنّ القطّ تماماً، يا جماعة.
- يا للمصيبة! لا أحد يرانا، يا حسين.

المؤلف:
ناصر رباح، روائي وشاعر فلسطيني من مواليد غزَّة العام 1963. حاصل على بكالوريوس العلوم الزراعية من جامعة عين شمس في القاهرة، ويعمل كمدير دائرة الإعلام الزراعي بوزارة الزراعة. صدر له في الشِّعر: الركض خلف غزال ميت 2003، واحدٌ من لا أحد 2010، عابرون بثياب خفيفة 2013، ماءٌ عطش لماء 2017، مَرثِيَّة لطائر الحِنَّاء 2021. أمَّا في الرواية، فله: منذ ساعة تقريباً 2018.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها