الأربعاء 2024/08/28

آخر تحديث: 13:31 (بيروت)

كيف أتكلم عن العسل وفمي مملوء بالسم؟..سؤال لحركة طالبان

الأربعاء 2024/08/28
كيف أتكلم عن العسل وفمي مملوء بالسم؟..سؤال لحركة طالبان
أفغانستان المنكوبة بـ"طالبان" (غيتي)
increase حجم الخط decrease
منذ سيطرة حركة "طالبان" على الحكم في أفغانستان في آب/أغسطس 2021، فرضت قوانينها الفقهية الصارمة. ولا شيء يأتي من تلك البلاد سوى أخبار استكمال لائحة الممنوعات والمحظورات، التي في جوهرها تؤدي إلى إلغاء الحياة وتعميم موت الفضاء العام والمدن، (ربّما لا توازيها إلا لائحة "المناهبة" التي تكرّس الفوضى في لبنان). وما تفعله حركة طالبان تسميه "إنجازات" حكمها، وتستهدف تنظيم السلوك الشخصي و"تعزيز الفضيلة" التي تشمل "إلزام النساء بإخفاء وجوههن وأجسادهن وأصواتهن في الأماكن العامة"، إذ يصبح في مفهومها "وجه المرأة وصوتها عورة"، و"صوتها ممنوعاً أمام الرجال".

وحُرمتْ غالبية النساء اللواتي كن يعملن في وظائف حكومية من عملهن، في حين عُرضت على بعضهن مبالغ زهيدة ليبقين في المنزل. كذلك مُنعت الأفغانيات من السفر من دون مَحرَم، وأجبرن على ارتداء البرقع أو الحجاب خارج المنزل، بما في ذلك منع الفتيات من الذهاب إلى المدرسة بعد الصف السادس، كذلك أقفلت المدارس الثانوية في وجوههن في معظم أنحاء البلاد. أيضاً، منعت الحركة، النساء، من دخول الحدائق والملاهي، فضلاً عن النوادي الرياضية والحمّامات العامة، وأغلقت صالونات التزيين في أنحاء البلاد، وثمة نساء كثيرات يذهبن سرّاً إلى صالونات تجميل بعيدة.

ويطاول أمر الممنوعات والمُنكَرات، آلاف الأنشطة التجارية التي تديرها نساء وكثيراً ما تكون المصدر الوحيد لدخل الأُسَر، فتُحظَر إحدى الفرص القليلة المتبقية أمامهن للتواصل الاجتماعي بعيداً من المنزل. وتخوّل "القوانين" الطالبانية، وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فرض العقوبات على المخالِفات، تتراوح بين الإنذارات والاعتقال. وفي رأي طالبان، النساء في أفغانستان يتمتعن بحياة "مريحة ومزدهرة" رغم القيود المفروضة عليهن.

وحديث طالبان عن "إنجاز" اعتبار صوت المرأة عورة، جاء بعد ساعات قليلة فقط من تفاخُر الحركة بأنها دمرت أكثر من 21 ألف آلة موسيقية خلال عام واحد، حإذ تحدث رئيس التخطيط والتشريع في وزارة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، محب الله مخلص، عن "إنجازات الوزارة خلال عام واحد"، مشيراً إلى أنها قامت بجمع وحرق الآلات الموسيقية، كونها تُعتبر من "المحرّمات والمعاصي".

ومن قبل، قالت الحركة بأن الموسيقى "تدمّر جذور الإسلام" و"الغناء والاستماع إلى الموسيقى أمر ضار للغاية، ويصرف الناس عن الصلاة، وعلى الجميع أن يبتعدوا عنه". وفي حديثهم، زعم مسؤولون من الوزارة أنهم دمروا آلاف "الأفلام غير الأخلاقية" و"المخالفة لتعاليم الإسلام والقيم الأفغانية"، وضيّقوا مجالات "استخدام الكومبيوتر الشخصي" في أنحاء البلاد كجزء مما سمّوها "حملة إصلاحات مجتمعية"... كما تحظر الحركة الكوميديا والعروض الترفيهية التي "تهين الدين" أو يمكن اعتبارها مسيئة للأفغان.

والطريف أنّ المتحدث باسم حكومة "طالبان"، حمد الله فطرت، يوضح "أنه لن يتم استخدام القوة والقمع أثناء تطبيق هذه القواعد". وقال إن القواعد "ستنفذ بكثير من الرفق، وسيتم إبلاغ الناس لإفهامهم وإرشادهم".


والأكثر تعبيراً عن الواقع الأفغاني، شقيقتان من كابول. فبعد سيطرة طالبان قررت الأختان عدم الوقوف موقف المتفرج، ومشاهدة حريات المرأة وهي تُقيد، وبدأتا سراً في استخدام أصواتهن "للمقاومة" بحسب تقرير "بي بي سي"، فقامتا بحركة غنائية عبر وسائل التواصل الاجتماعي عُرفت باسم "الشعلة الأخيرة". وقالت إحداهما في مقطع فيديو مسجل قبل بدء الغناء: "سنغني هذه الأغنية، لكنها قد تكلفنا حياتنا". صدرت الأغنية في آب 2021، بعد أيام فقط على استيلاء طالبان على السلطة، وسرعان ما انتشرت في "فايسبوك" و"واتسآب".

وأطلقت الشقيقتان أغاني أخرى، وغنّتاها من تحت النقاب الأزرق، تماماً كما الأغنية الأولى. إحداها كانت قصيدة شهيرة للراحلة نادية أنجومان، التي كتبتها احتجاجاً على استيلاء طالبان على السلطة في العام 1996. ومن بعض كلماتها:

كيف أتكلم عن العسل وفمي مملوء بالسم؟
للأسف لقد تحطم فمي بقبضة قاسية.
آه من اليوم الذي كُسر فيه القفص،
تحرر من هذه العزلة وغنِّ بفرح.

ورغم كل ما يحدث في أفغانستان، هناك من يأتيك من كندا التي يسميها "بلاد الكفار"، ويخبرك بأنه يحلم بالعيش في بلاد طالبان!
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها