الخميس 2024/11/07

آخر تحديث: 13:21 (بيروت)

منشية بعلبك التي دمرتها إسرائيل: المنزل، المقهى، المحترَف

الخميس 2024/11/07
increase حجم الخط decrease
لا تنتج الحروب الا الذلّ وأوهام الانتصارات والخسارات في الأرواح والممتلكات، والمشهد الأقسى يتمثل في خسارتنا الذاكرة الجماعية أو الحضارية.

مبنى المنشية الأثري بمحاذاة قلعة بعلبك، قبالة فندق بالميرا الشهير، كان في غاية الروعة، كأنه جزء من القلعة، يشكل "كارت بوستال" المدينة وواجهتها. بصاروخ اسرائيلي قريب جداً من القلعة، بل في مرآبها، وجراء العصف، صار مبنى المنشية ركاماً وغباراً. لا شيء يعوضه، ولا نملك سوى أن نعبر عن حزننا العميق في وسائل الإعلام وفايسبوك، أو أن نسمع تنديد المسؤولين بالحادثة.

في هذا السياق وجه وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال، القاضي محمد وسام المرتضى، نداء عاجلاً للمديرة العامة لليونيسكو، أودري أزولاي، بشأن القصف الإسرائيلي للمعالم الأثرية. وبواسطة رئيس البعثة الدائمة للبنان لدى المنظمة، السفير مصطفى أديب، وجه كتاباً مستعجلاً بعد تدمير الجيش الإسرائيلي مبنى "المنشية" التاريخي الأثري قرب قلعة بعلبك الشهيرة في شرق لبنان.

تاريخ
المنشية يعرفها الجميع كأيقونة المكان في بعلبك، لا نعرف بالتحديد متى شيّد المبنى، لكنه بالتأكيد من حيث الهندسة ينتمي الى منازل بنيت في القرن التاسع عشر، منزل وواجهته ثلاثة أقواس، على أحد حجارته تاريخ 1928، ولا يعرف بالتحديد تاريخ ماذا. كان المنزل من أوائل المقاهي في المدينة. قيل أنه تأسّس إبّان مرحلة الانتداب الفرنسيّ على لبنان، في عشرينيّات القرن الماضي. كان عبارة عن "بار" روّاده من الضبّاط الفرنسيّين. لاحقاً حوّل حارث لطفي حيدر، المبنى، إلى محترف "أصيلة" للتصاميم الفولكلوريّة – التراثيّة، بالاشتراك مع آخرين، إلى أن أقفل في فترة لاحقة، بعدما تغيّرت الأجواء السياحيّة في المدينة، وقلّ عدد السائحين هواة الثياب والبضاعة الفولكلوريّة...

وكتب حازم سليمان في فايسبوكه: "دخلت هذا المبنى(المنشية) قبل 32 سنة لأشتري هدية لزوجتي وكانت حاملاً بولدي البِكر ورد. ورأيت جمالاً وعراقة في المبنى يفوح منها الغنى الثقافي والإرث العمراني لمدينة بعلبك وثقافة وذوق في المنتج المعروض من قبل الفنانين نجوى الرفاعي سنو رحمها الله، والحارث حيدر اللذين ندرا نفسهما للإبداع في تصميم الأزياء ووصلا إلى العالمية ونافسا دورها العالمية واضعين بصمة فارقة في مجال التطريز ومهنة الطرق بخيطان الفضة مستفيدين من الغنى المهني والحرفي لبعلبك والعديد من نساء المنطقة اللواتي يجدن شغل الإبرة والتطريز. وشكل محترف أصيلة سنداً لهذه العائلات في الحفاظ على الحرفة وتسهيل حياتهم واحتياجاتهم، ولاحقاً تطورت العلاقة مع حارث ونجوى إلى عمل تجاري، فحملت زوجتي منتجاتهم إلى كامل الخليج العربي وقد أوصلت منتجات محترف أصيلة إلى قصور الملوك والرؤساء في مصر والأردن وأبوظبي وغالبية شيخات الخليج. وقد رأيت فنانين وفنانات عالميين في هذا المبنى الذي كان يعج بالضيوف إبان مهرجانات بعلبك الدولية، ومحطة ضرورية لكل من حضر المهرجانات. صورة حارث حيدر والمرحومة نجوى ماثلة أمامي وهما يحدثان زوارهما عن منتجاتهما ومصادر الغنى في أعمالهما. كانت المنشية تنبض بالحياة في تلك الأيام، ولم تكن مبنى من الحجر، كانت خلية عمل ومنارة ثقافية. ففي كل زاوية تعرض مرحلة ثقافية. بالنسبة للعدو، كانت المنشية هدفاً لأنه يزعجه أننا قبله في هذة المنطقة وأننا أصحاب الأرض وهو طارئ. المنشية باقية كما عرفناها لأنها ثقافة جيل وأيدي حرفيين ومكتبة تراث"...

يذكر أن المحترف تعرض للاحتراق العام 2021 واقتصرت الأضرار على الماديات.
ولا يقتصر محو الذاكرة على الطيران الإسرائيلي، فقد ذكر محافظ بعلبك بشير خضر، في وقت سابق، أن أحد المواطنين استغل فوضى القصف ولجأ إلى تدمير منزل أثري.  
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها