الهيب هوب في أنجمينا... العازفون بالأقدام

في تشاد ما بعد التسعينيات، وبداية الألفية الثالثة، قتل عشرات الآلاف من الأطفال دون الثامنة عشرة، في حروب أهلية عديدة دارت بين الحكومة وحركات التمرّد العديدة، وفي الحرب التشادية الليبية. وحين أطلقت أغنية "طفل الحرب"، كانت التجسيد الفعلي لما حصل ويحصل في البلاد، ونقداً لاذعاً للطرفين ونداء للسلام ووقف للعنف. وبالعموم، ركزت أغاني الهيب هوب على النقد، نقد الحكومة أساساً، والتركيز على المهمشين والفقراء وشتم الأثرياء، إضافة إلى أغان كانت تقدّم التوعيةللمجتمع. لكن، ولأن ثمة علاقة بين الهيب هوب والعنف، كانت لقاءات أعضاء الفرقتين تنتهي بالعراك وتبادل ضربات العصيّ وزجاجات الكحول.

في العام 2007 أنشأت منظمة الفرانكوفونية قسماً لدعم الموسيقيين، فنظمت "أنجام هيب هوب"، وهو مهرجان لمغني الهيب هوب، حيث يأتي الشباب لعرض إبداعاتهم، ويحصل المتميزون على دعم من الفرانكوفونية، وصار المهرجان ملتقى لمحبي الهيب هوب، وباتوا يقيمون حفلة كل أسبوع في المركز الثقافي "بابا مصطفى". وفي أيار/مايو الماضي، أقامت الشبكة الثقافية الفنية للتكوين والفرانكوفونية  Recaf النسخة السابعة عشرة من المهرجان، واعتادت الشبكة إقامة هذا المهرجان من أجل اختيار الفائز بأفضل رابر في العام، وأفضل منتج موسيقي وجوائز أخرى.

في العام 2008 وعقب معركة الثاني من فبراير/شباط، بين المتمردين والحكومة، وقتل قرابة ألف تشادي داخل العاصمة، انضممتُ إلى فرقة "بريك دانسنغ" التي يتكون كل أعضائها من حارة واحدة، ما عدا المدرّب. استمريتُ شهرين وكان الأمر مرهقاً، تدريب وتدريب وممارسة للرياضة بشكل يومي حتى نحصل على جسد رياضي ومرن يمكننا تطويعه لأداء رقصات البريك السريعة والصعبة... نستمع يومياً إلى إيقاعات مغني الراب إيمنيم، ونشاهد رقصات Usher. كانوا يرغبون في استخدام القوافي التي حصلت عليها من الشعر العربي ضد المجموعات الأخرى التي سننافسها في المسابقات. 

الكتابة على الجدار

في تشاد لم تكن هناك حروب كلامية على الجدران بين المجموعات المختلفة أو المنافسة، كما حصل في الكاميرون، لأنّ التشاديين كانوا يحلّون خلافاتهم بالعراك والحروب والموت. بل تم التركيز على الحبّ في ثورة الكتابة على الجدران. فحم أو طبشورة ثم جدار يسمح لنا بكتابة المدح أو الذمّ بحسب حالة الحب.

اسم فتاة أو الحرف الأول من اسمها، ثم قلب يشقه سهم، وفي الطرف الآخر الحرف الأول من اسم الكاتب. لكن الكتابة تحوّلت إلى طريقة للنيل من الفتاة العنيدة أو الخائنة، فيُكتب اسمها ثم كلمة عاهرة بالفرنسية، أو Azaba التي تعني عاهرة بالعربية الدارجة في تشاد.

اليوم ما زال الهيب هوب هو الأعلى صوتاً في تشاد من بين أنواع الموسيقى، لقدرته على التعبير عن المآسي وواقع البطالة التي يعيشها الشباب وآمال الهجرة إلى أوروبا والابتعاد عن هذا المكان.