العديد من المقابلات والنصوص المتوافرة على الإنترنت يمكن أن تكون سبباً مباشراً ودائماً لأي حملة يمكن أن تُشن على ووكر، من قبل صهاينة ومؤيدين للاحتلال الإسرائيلي. أما ما يغذي هذا الشر تجاهها -وهذا الأهم في ما يخصها والسبب الأعمق- فهو برأينا قدرتها على الربط بين القضايا الحقوقية، وإصرارها على ذلك، فالعدالة بالنسبة إليها لا تكون إلا إنسانية، في جنوب إفريقيا كما في الولايات المتحدة كما في فلسطين. ومنطق الربط بين القضايا الحقوقية الذي تعيشه ووكر اليوم، كانت قد كتبته في روايتها الأشهر "اللون أرجواني" التي صارت من كلاسيكيات القرن العشرين.
الرواية الصادرة العام 1982، نالت جائزة "بوليتزر" وجائزة الكتاب الوطنية في الولايات المتحدة. حُوّلت إلى مسرحيات وعروض موسيقية وفيلم من إخراج ستيفن سبيلبرغ، وتُرجمت إلى عشرات اللغات من بينها العربية (صدرت العام 2018 عن كل من دارَي "الأهلية" و"المدى" بترجمتين مختلفتين)، وكممارسة لمقاطعة إسرائيل رفضت ترجمة الكتاب إلى العبرية العام 2012.
الرواية التي تتناول، من خلال الرسائل، العبودية التي كانت تُمارس على السود من قبل البيض في الولايات المتحدة خلال النصف الأول من القرن العشرين، لا تخلو من ربط مركزي وشديد الحضور بين ذلك وبين الاضطهاد الجندري الممارَس على النساء السود من قبل الرجال السود، وبين الاضطهاد الطبقي ضمن السود كذلك، وبين الاستعمار الأبيض في القارة الأفريقية. نقرأ: "عندما أخبرتُها أن سكان أولينكا لا يؤمنون بتعليم الفتيات قالت، بلمح البصر، إنهم مثل البيض في بلادنا لا يريدون للسود أن يتعلموا." و"المنطقة برمتها، بما في ذلك قرية أولينكا، أصبحت الآن ملكاً لمصنّع مطاط في إنكلترا. ومع اقترابه من الساحل، ذُهل لرؤية مئات ومئات من القرويين الشبيهين بسكان أولينكا يقومون بقطع أشجار الغابة على جانبي الطريق، ويزرعون أشجار المطاط".
فمعادلة مضطهِد/مضطهَد كما هي حاضرة كثيمة أساسية في الرواية على شكل أبيض/أسود، هي حاضرة كذلك من خلال شخصياتها البيض والسود معاً (هنا، ما عاد للون البشرة أهمية) على شكل غني/فقير. وهي في الرسائل التي تأتي للشخصية الرئيسية "سيلي" من إفريقيا، حاضرة في شكل مستعمِر أوروبي/مستعمَر إفريقي، وهي في شكل رجل/إمرأة على طول الرواية إذ أن بطلتها امرأة، بل إن بطلتيها امرأتان، ومُضطَهِدهن (الاثنتان ونساء أخريات في العائلة) رجل أسود، ذكوري ومغتصِب ومعنّف، يجسّد فكرة المارتينيكي فرانز فانون في كتابه "بشرة سوداء أقنعة بيضاء".
في لحظة ثورة للشخصية الرئيسية سيلي (وتطور جوهري فيها)، ثورة امرأة سوداء تقول: "الله الذي كنت أصلي له وأكتب إليه ليس إلا رجلاً. وعاملني كما جميع الرجال الذين عرفتهم. رجال تافهون ومنحطون ومخادعون"، و"لو أنه استمع لمرة واحدة لما تقوله النساء الملونات المسكينات لكان العالم مكاناً مختلفاً".
صدرت هذه الرواية قبل 36 عاماً، ومؤلفتها ما زالت تمسك بجميع القضايا الحقوقية والعادلة التي تعيشها في هذا العالم باليد ذاتها، اليد التي كتبت بها روايتها، يد امرأة سوداء من عائلة فقيرة ترى في فلسطين نضالاً أسود ونسوياً تماماً.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها