الثلاثاء 2015/07/21

آخر تحديث: 13:11 (بيروت)

العراق يودع معمار "جامع الخلفاء" محمد مكية

الثلاثاء 2015/07/21
increase حجم الخط decrease
ودّع العراق احد ابرز المعماريين العرب محمد مكيه (1914-2015)، المولود في بغداد في محلة "صبابيخ الآل". انهى تعليمه المعماري في انكلترا، وأكمل دراسته العليا الدكتوراه في كمبريدج عام 1946. عاد إلى العراق سنة 1947، والتحق في مديرية البلديات العامة. اختير كخبير في منظمة الامم المتحدة سنة 1951، رأس جمعية الفنانين العراقيين ما بين اعوام 1955- 1959. اسس في سنة 1959 مع معماريين عراقيين آخرين اول قسم معماري بالعراق في كلية الهندسة، جامعة بغداد، وأصبح رئيساً له منذ تاسيسه ولغاية 1969. نشر عدة بحوث، واصدر كتاب عن سيرته الذاتية بعنوان "خواطر السنين" سنة 2005 (دار الساقي).

أغنى محمد مكيه على امتداد نشاطه المعماري، البيئة المحلية والاقليمية بشواهد هندسية تعد الآن صروحاً معمارية لتلك المدن، يمكن رصد مرحلتين أساسيتين في نتاجه المعماري؛ المرحلة الأولى، تبدأ منذ انهماكه في العمل المهني في العراق في نهاية الأربعينيات، وحتى بداية الستينيات، أي إلى ميقات تصميم "جامع الخلفاء" عام 1963؛ والتي عندها تبدأ المرحلة الثانية في مسيرة المعمار المهنية. باختصار شديد، ثمة حقبتـان رئيستـان في سيرورة المعمار: قبل جامع الخلفاء وبعده. بالطبع ثمة مراحل أخرى شهدتها مسيرة المعماري الذي ترك بصمة كبيرة في تاريخ العمارة العربية والإسلامية.

صدر عن المعماري الراحل أكثر من كتاب منها "محمد مكيه: مائة عام من العمارة والحياة" لخالد السلطاني الذي يعتبر ان مقاربة مكية المعمارية ارتبطت بـ"الاهتمام والتأكيد على خصوصية المكان، وثقافته، و"روحه"؛ كمفردة أساسية في عملية الخلق التكويني المؤسسة لعمارة جديدة، كان من ضمن مقوماتها تأويل وإعادة قراءة المنجز المعماري المحلي، ذلك المنجز، الذي تشكل عبر أزمنة طويلة، وإضافات مبدعة، تعاقب معماريون وبناة مبدعون على إثرائه وديمومته". وهناك كتاب "محمد مكية والعمران المعاصر" لحسين الهنداوي، يقول في مفتتحه "لعل محمد مكيّة هو الفنان المعماري الأكثر صدقاً في التعبير العمراني عن حيوية وغنى الهمّ الجمالي العربي في القرن العشرين، ذلك عبر سلسلة تصاميم هندسية جميلة وأصيلة، عكست أيضاً نـزعة إنسانية عالمية التطلع وعراقية الجذور في آن معاً، تأصلت في مجالات عدة لتسهم في تجديد وتطوير الطراز العمراني التقليدي في الشرق العربي الإسلامي".

اعتبر مكية أن العمران هو قبل كل شيء انتماء إلى المكان والزمان معاً، وألا انفصام بين القيم الإنسانية والروحية وبين العمران ووظائفه البيئية والجمالية، ومنذ إنجاز تصميمه الشهير لجامع الخلفاء ومنارته البديعة (منارة سوق الغزل في بغداد) قبل نحو نصف قرن، وأعمال مكية المعمارية تنهض تباعاً في عواصم عربية وإسلامية أخرى، وحتى أوروبية، مثيرة الاهتمام بجماليات مفرداتها الإسلامية المجددة وابتكاراتها المتميزة فنياً وتقنياً، إلى جانب نجاحها في ضمان تلبية شاملة لأهدافها الوظيفية الواقعية. وهو غالباً ما تحدث بمرارة عما حل في القرن العشرين بعمران مدن عربية عريقة مثل بغداد وصنعاء وجدة والقاهرة، لقد فقدت هويتها القديمة في رأيه، من دون أن تكتسب هوية جديدة.  

ويرى مكية أن الوهم الكبير الذي يقع فيه الكثير من معماري العالم العربي والعالم الثالث أجمالا هو اعتقادهم الغربي بأن معطيات التكنولوجيا والعلوم الحديثة وإنجازاتها هي معطيات وإنجازات حيادية أو أنها مجرد أدوات صماء موضوعة في متناول أي إنسان يستطيع تسخيرها لفائدته، في أنها في واقعها الفعلي معطيات وانجازات خاصة بحضارة محددة وقائمة بذاتها، وبالتالي فهي منسجمة بشكل خاص، بل ومنبثقة من قيم تلك الحضارة وتراثها وخصوصية روحيتها ونمط علاقاتها الانسانية ومؤسساتها الروحية والاجتماعية ومناخاتها المختلفة وبيئتها.



increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها