على العكس مما نشره موقع حزب الحرية والعدالة (الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة)، لم يفز مرشحو قائمة (أطباء من أجل مصر) المحسوبة على الجماعة بانتخابات التجديد النصفي لنقابات الأطباء الفرعية بمصر. وفيما سجلت خسارة الإخوان لأول مرة منذ نحو 28 عاماً على واحدة في كبرى النقابات المهنية في مصر، كان لافتاً مشاركة الجماعة المحظورة، في الانتخابات في ظل نظام لا تتوانى ليلاً ونهاراً في الحديث عن عدم شرعيته.
وبحسب تقارير شبه نهائية فقد فازت قائمة تيار الاستقلال المدني بنسبه 60.5 في المئة، فيما حصل الإخوان على 29 في المئة و المستقلون على 10.5 في المئة.
وهو ما يعني فوز تيار الاستقلال المدني بجميع مقاعد 9 نقابات فرعية، هي نقابات السويس والإسماعيلية وبني سويف وأسيوط وأسوان والجيزة والإسكندرية ودمياط والمنيا. ومن ناحية مرشحي الإخوان، فقد فازوا بمقاعد نقابات الفيوم والقليوبية والدقهلية.
وفي المحصلة، اعلنت اللجنة العليا المشرفة على انتخابات التجديد النصفي، فوز قائمة الاستقلال على قائمة «أطباء من أجل مصر» المحسوبة على الاخوان، داخل النقابة العامة بـ11 مقعداً من أصل 12. وكان لقائمة الاستقلال سابقاً 4 في مجلس النقابة التي لم يجر عليها التجديد النصفي مقابل 8 للاخوان.
ومن أبرز الوجوه الفائزة، الدكتورة امتياز حسونة، وهي عضو في حزب الدستور العلماني، متقدمة على خصمها من جماعة الإخوان الذي تلاها ثانياً بعدد الأصوات.
وبحسب الطبيب البارز ورئيس الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي، محمد أبو الغار، فإن هذه النتيجة لم تتحقق من العام 1976، وبذلك يشكل تيار الاستقلال الأغلبية بمجلس النقابة العامة للأطباء، للمرة الأولى منذ نحو 28 عاماً، سيطر فيها أنصار جماعة الإخوان على واحدة من كبرى النقابات المهنية في مصر.
ولطالما اعتادت الجماعة على الدفع بمنسوبيها لانتخابات النقابات المهنية في عهد مبارك (1981-2011) لكن قرارات لاحقة من القضاء وضعت بعض هذه النقابات تحت حراسة الدولة لأسباب مختلفة بعضها مالي والبعض يتعلق بعدم انعقاد الجمعيات العمومية لها.
ويقول حامد فؤاد، وهو طبيب في إحد مشافي القاهرة، لـ"المدن" إن تجربة الأطباء المستقلين في النقابات لم تكن دائما موفقة، ويستشهد بانتخابات النقابة الفرعية الماضية بالإسماعيلية، حيث خسر الإخوان وفاز مستقلون، ومع هذا "فقد جاء الأداء النقابي هزيلاً ومليئاً بالصراعات لاختلاف الرؤى".
وارجع فؤاد خسارة الإخوان هذه المرة إلى ضعف الحشد والظرف السياسي، وتمنى أن يصبح مجلس النقابة المقبل متجانساً وأن يعمل لخدمة الأعضاء حقاً.
من جهتها، ترى الحقوقية، نيفين عبيد، في حديث لـ"المدن" أن تجربة تيار الاستقلال في نقابة الأطباء لها مؤشرات مبدئية جيدة، منها أن بإمكان التيار المدني النجاح دون الدخول في ما وصفته "بالتحالفات المشبوهة" مع تيارات أصولية، وأن ما عُرف بمصطلح الدولة العميقة، كناية عن الأجهزة المتحكمة عبر عقود منذ تأسيس الجمهورية، ليس له اليد الطولى في كل الأمور في البلاد كما يحلو للبعض تصوير هذا.
وجاءت مشاركة الإخوان في الانتخابات وفوز المحسوبين عليها بعدد من المقاعد لتدهش مراقبين من حرص الجماعة على التواجد في انتخابات مهنية، في الوقت الذي تدعو فيه شخصيات في تحالف الشرعية (الذي يضم أحزاباً إسلامية موالية للرئيس المعزول محمد مرسي) إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية والاستفتاء على الدستور- الذي أعلن الرئيس المصري المؤقت، عدلي منصور، السبت، تاريخ 14 و 15 كانون الثاني/ يناير، موعداً للتصويت عليه تمهيداً لإقراره.
وترى رئيسة مجلس أمناء مؤسسة المرأة الجديدة، أمال عبد الهادي، أن الإخوان ما زالوا تحت تأثير صدمة ضياع السلطة منهم، وأنهم يتعاملون أحياناً بتخبط وأحياناً أخرى بعجرفة، ولا سيما عندما يجدون الشارع ضدهم أو القواعد التي اعتادوا ضمان أصواتها لا تقف معهم.
وتقدم عبد الهادي مثالاً على رأيها، حين حاول الإخوان تأجيل انتخابات الأطباء الأخيرة، وفي النهاية وافقوا على أن يكون القرار للجمعية العمومية التي خذلتهم، وهم غالباً سيستمرون على هذا المنهج لفترة لأنهم لا يتعلمون الدروس.
وتضيف، في الغالب أنهم سيدعون لمقاطعة الاستفتاء كما يعلنون لكنهم قد يصوتوا بلا، لكن لا يجب رد كل نسبة المصوتين بلا لهم، فهناك قوى أخرى علمانية وسلفية لديها اعتراضات على بنود معينة في الدستور.
وتتوقع عبد الهادي أن يكون ضياع النقابة العامة ونقابة العاصمة (القاهرة) من الإخوان بداية جديدة لكشف "تجاوزات" حدثت سابقاً في ظل هيمنة الإخوان والتحقيق في اتهامات تتعلق بصرف ميزانية النقابة وبنود الإغاثة والعمل الإنساني التي يتهم الإخوان بأنهم سيسوها لصالحهم.
وتختم عبد الهادي قائلة إن هذا من شأنه إضعاف صورة الإخوان أدبياً أكثر مما قد يؤثر على مشاركتهم في الحياة العامة والسياسية لاحقاً.