استطاع النظام السوري خلال ثلاث سنوات ونيف أن يُظهر نفسه، المرتكب الأمثل للخروقات في حق إنسانية الشعب السوري عموماً والنساء السوريات ضمناً، لكن خصماً جديراً بالمنافسة ظهر على الأرض وبمدة زمنية قياسية ألهب الرأي العالمي بشناعة ممارساته على كافة الشرائح، خاصاً المرأة بعداوة مباشرة.
شرعت "داعش" منذ أوائل سيطرتها على الأراضي السورية، بفرض بيانات على المدنيين، متوعدة بالعقوبة لكل مخالف أو معارض، كان من بين تلك القوانين إلزام المرأة بارتداء العباءة السوداء مع الحجاب والنقاب والقفازات السود بشكل قسري، مطلقة دوريات "الحسبة" ضمن شوارع المدن ليتصيّدوا أي مُخالفة لأوامرهم. انهالوا في البداية على النساء بالذم والتقريع معاقبين محرمهن (زوج- أب- أخ- إبن) بالضرب والاعتقال، إلى أن انتهى بهم الأمر إلى جلدهنّ على أرصفة الطرقات، محذرين كل مقترب من المارة بالمصير ذاته!
وبخطوة تلت سابقتها، ألزمت داعش كل امرأة باصطحاب محرمها في أي حركة أو تجول، محاولة بذلك التقييد من نشاطاتهن اليومية بحجة الخشية على أعراض المسلمين والفتنة التي تصاحب المرأة أينما حلت!
تؤكد إحدى المصادر في مدينة الرقة لـ"المدن" أن "سياسة التضييق والعقاب التي يمارسها عناصر التنظيم علينا لا معنى لها سوى إجبارنا على الرحيل، استمرت هذه المضايقات وصولاً إلى إلزام النساء العاملات بترك وظائفهن، قاطعين بذلك أرزاق عوائل كُثر بحجة لا شرعية مخالطة الرجال للنساء في الدوائر والمؤسسات مستثنين كادري التعليم والصحة فقط، شرط فصل الذكور عن الإناث حتى على مستوى المدرّسين بالنسبة لقطاع التعليم والمرضى على صعيد الكادر الصحي".
هذا هو المشهد العام بالنسبة لأي مراقب خارجي، إلا أن حقيقة الأمر وصلت إلى التعرّض والإلحاح على الفتيات والأرامل بغية الارتباط بمقاتلي التنظيم، على أنهم قمة الشرف وزينة الجهاد!
التحرّش "الشرعي"، هذا ما أطلقت عليه مصادرنا موضحة أن "في الشوارع، بين المنازل، وحتى في المدارس تجول دوريات التنظيم طالبة الزواج من كل امرأة تقع عليها أعينهم، حتى الأرامل لم يسلمن من شهوات الدواعشة. وبات مكتب (سهم اليتيم) الذي يأخذ طابعاً إغاثياً للأرامل واليتامى، ذريعة "الدواعش" لطرق أبوابهن ناصحين، آمرين بضرورة التحصين والزواج للأرامل". هذا الأمر دفع بالكثيرات إلى هجر منازلهن مرغمات، خوفاً من مطالب التنظيم أو من شبهة تتناولهنَّ طبقاً لأعراف "مجتمع رجعي".
عوائل مجتمع وصل بها الحال إلى إجبار بعض الفتيات، عنوة، على الزواج من مقاتلي التنظيم إما خشية العقاب أو طمعاً بالثواب!
تُكمل المصادر لـ"المدن" قائلة: "كثيرات هنّ من رضخن لهذا المصير باستثناء بعض الأسماء التي آثرت الموت انتحاراً. ينتحرن ليتحرّرن من هذا الطغيان، من بينهنّ شهيدة الرقة فاطمة عبدالرحمن".
ولم تقف "داعش" عند حد أو حاجز فهي إن قتلت فاطمة بشكل غير مباشر فقد نصبت مراجم في الرقة تطبيقاً لحد الزاني المحصن، ورمت بامرأتين فريستين لوحوش التنظيم. الرجم الأول تم في مدينة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة بتاريخ 17 تموز/يوليو الحالي لأرملة تبلغ من العمر 26 عاماً، اتضح بعدها أن الزاني كان من عناصر "داعش"، كون التنظيم أرسل برجل لاستدراج المرأة ولم يتوفر شهود على الحادثة!
تلاها بيوم واحد الرجم الثاني، وهذه المرة في مدينة الرقة ذاتها، مع غموض تام ألمّ بالحادثة.
"داعش" التي تدّعي أنها تعامل النساء كالدرّ المكنون هي في حقيقة الأمر تراهنّ كخطايا وجب وأدها. جلدٌ، وتحرّش، ورجم. وتبقى زينب من ريف الرقة، ناحية المنصورة، تنتظر أن تضع مولودها في أقبية سجون "داعش" ليطبق عليها إثر ذلك قصاص الكفر (قطع الرأس) لشتمها الذات الإلهية دون تبيان التفاصيل!
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث