الثلاثاء 2024/09/03

آخر تحديث: 00:07 (بيروت)

مناورة النظام للقضاء على الدعم.. بدائل نقدية يبتلعها التضخم

الثلاثاء 2024/09/03
مناورة النظام للقضاء على الدعم.. بدائل نقدية يبتلعها التضخم
البند المخصص للدعم الاجتماعي في الموازنات العامة يتقلص سنوياً (Getty)
increase حجم الخط decrease
لم يبادر عادل (36 عاماً)، الذي يقيم في ريف دمشق، ويعيل أسرة مكونة من ستة أفراد، إلى فتح حساب مصرفي، على اعتباره أحد مستحقي الدعم الاجتماعي الذي يسعى النظام إلى استبداله بالدعم النقدي، معتبراً أن "المسألة باتت محسومة، فهذه الخطوة هي الأخيرة من خطوات إلغاء الدعم نهائياً".
وبالرغم من التسهيلات التي يقدمها النظام، لا سيما المصرف المركزي في هذا الخصوص، قال ثلاثة أفراد من أصل سبعة يتوزعون بين دمشق وريفها لـ"المدن"، إنهم يرفضون فكرة البدل النقدي، كونه لن يعوض حاجتهم للخبز الذي سيرتفع سعره من 400 ليرة إلى 3 آلاف ليرة للربطة الواحدة، وإلى غاز الطهو الذي سيرتفع  من 22 ألفاً إلى ما يقارب الـ150 ألف ليرة.
وأعلن المصرف المركزي عن قرارات وتعليمات تستهدف تمكين المواطنين بسهولة من فتح حسابات مصرفية، مثل زيادة ساعات الدوام للمصارف، ومنح الموافقات اللازمة على العقود المبرمة بين عدد من المصارف وشركات الحوالات الداخلية، والسماح للمصارف بالتعاقد مع أشخاص طبيعيين أو اعتباريين ممن لديهم سجل تجاري أصولي، والسماح لمصارف التمويل الأصغر بافتتاح مكاتب لها في المولات وشركات خدمات المكتب المرن والجامعات ومراكز خدمة المواطن.

التملص من الدعم
ويوضح الكاتب والباحث الاقتصادي سمير طويل أن النظام السوري يحاول التملص من الدعم الاجتماعي منذ ما قبل الثورة، عبر الحكومات المتعاقبة، ويقول إن "تنفيذ خطة البدل النقدي، ليست سوى مناورة للتملص مما تبقى من الدعم بشكل نهائي".
ويضيف لـ"المدن"، أن البند المخصص للدعم الاجتماعي في الموازنات العامة يتقلص سنوياً، حيث سجّل في الموازنة الحالية رقماً ضئيلاً جداً، لا يتجاوز الـ50 مليار ليرة سورية، بالموازاة مع خطط تدريجية تم تنفيذها سابقاً، أفرغت مسألة الدعم من مضمونها، مثل عدم منح البطاقة الذكية لشرائح مجتمعية عديدة، والتوقف عن دعم المحروقات و معظم المواد الرئيسية.

آثار وانعكاسات سلبية
ولا يزال الدعم الاجتماعي الحكومي محطّ نقاش داخل دوائر النظام السوري، مرده التحولات التي طرأت على الاقتصاد السوري خلال العقود الأخيرة.
ويلاحظ الباحث في الاقتصاد السياسي والمحليات في مركز "عمران للدراسات" أيمن الدسوقي في حديث لـ"المدن"، المعوقات التي تقوّض نجاح هذه الآلية، ومن بينها التحديات المؤسساتية للجهاز الحكومي، وتلك المرتبطة بالبنية المصرفية والقدرة المالية اللازمة لتنفيذ الآلية الجديدة للدعم، مع الافتقار إلى البيانات والمسوحات الدقيقة حول واقع الأسر السورية.
ولا يستبعد الدسوقي الأثر السلبي لهذه الآلية على مؤشر التضخم، في حال ضخ كميات كبيرة من الكتلة النقدية في الحسابات البنكية التي تم تأسيسها لتلقي الدعم النقدي، يضاف إليها انعكاسات سلبية على واقع الأسر التي تحتاج الدعم الاجتماعي كأحد مصادر بقائها، معتبراً أن "التغيير في آليات الدعم، والمشاكل المرتبطة بتوفيره وإيصاله لمستحقيه، واحتمالية إيقافه بحجج متعددة، لن يساير عملية تحرير ما تبقى من سلع مدعومة، ما يزيد من الكوارث الإنسانية".

آلية التمويل
وبالرغم من أن إلغاء الدعم العيني وتحويله إلى دعم نقدي، يوفر أعباء مالية على حكومة النظام، إلا أنه قد ينعكس سلباً على المواطنين، كون قيمة الدعم النقدي على الأغلب ستكون أقل من قيمة النقد العيني، كما أن التضخم سيتسبب بتآكل قيمة الدعم، بحسب الباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر.
وفيما يتعلق بمصادر توفير التمويل اللازم لهذه الآلية، يوضح السيد عمر في حديث لـ"المدن"، أن الكتلة المالية موجودة مسبقاً بعد تحويلها من الدعم العيني إلى النقدي، ولكنها ستُسهم في تراجع إضافي لقيمة الليرة السورية.
بينما يرجح أيمن الدسوقي لجوء النظام إلى "مصادر عديدة لتوفير التمويل اللازم لهذه الآلية، إما عبر التمويل بالعجز أو الاعتماد على مصادر دعم خارجية أممية أو من قبل دول معينة"، موضحاً أن كلا الطريقتين ستسفران عن "نتائج سلبية يأتي على رأسها تكسّب النظام من منافع أي تمويل خارجي، فضلاً عن المطالبة برفع العقوبات لتيسير عمل هذه الآلية".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها