الأربعاء 2024/10/02

آخر تحديث: 16:04 (بيروت)

النظام السوري يسيس ملف المدن المنكوبة.. التمويل مقابل العودة

الأربعاء 2024/10/02
النظام السوري يسيس ملف المدن المنكوبة.. التمويل مقابل العودة
© Getty
increase حجم الخط decrease
يأتي إطلاق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوريا (UNDP)، لمشروع "دعم العودة على أساس المنطقة"، بالشراكة مع النظام السوري، ضمن سياق أوسع من مجرد دعم المناطق المنكوبة، وهو تسييس ملف هذه المناطق والشروع من خلالها نحو قفزات كبيرة، تتعلق بزيادة التطبيع مع المنظمات الدولية، وصولاً إلى إلغاء العقوبات الغربية المفروضة على النظام.
ويتضمن المشروع دعم سكان أحياء اليرموك والتضامن جنوبي دمشق، تحت بند التعافي المبكر. ودعا البرنامج عبر "فايسبوك" قبل أيام، سكان المنطقتين إلى المشاركة في أنشطة "دعم العودة على أساس المنطقة". ويجري تنفيذ المشروع بالتعاون مع عدد من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وبالتنسيق مع محافظة دمشق ودائرة خدمات حيي اليرموك والتضامن.

تجهيز أرضية العودة
وسبق لبرنامج (UNDP) بالتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR)، وبدعم مانحين، تنفيذ برامج مشابهة كما حدث في باب النيرب، بحلب، في تموز/يوليو 2024. وغالباً ما تركز هذه المشاريع على المناطق التي تعرضت للتدمير في أوقات سابقة، بحسب حديث الباحث في الاقتصاد السياسي والمحليات في مركز عمران أيمن الدسوقي.
ويعتقد الدسوقي أن "علاقة محافظ دمشق طارق كريشاتي مع (UNDP)، سهّلت إطلاق هذا المشروع في كل من مخيم اليرموك والتضامن". ويشير في حديث لـ"المدن"، إلى أن "التركيز على المناطق المدمرة يكتسب أهمية لبرنامج (UNDP) وللنظام السوري، فالبرنامج مهتم بهذه المناطق لاستقطاب تمويلات مانحين لتنفيذ مشاريع تندرج ضمن إطار التعافي المبكر، فضلاً عن تأكيد قدرته وأحقيته بإدارة الصندوق الأممي للتعافي المبكر لسوريا المزمع تأسيسه".
أما بالنسبة للنظام السوري، فيرى الدسوقي أن "الانخراط الأممي في هذه المشاريع يعكس تأكيداً على جاهزيته للتعاون والانخراط في مشاريع تستهدف عودة اللاجئين والنازحين، وما يعنيه ذلك من استقطاب تمويلات للمانحين، وفرص أكبر للتعاون مع الدول الخارجية تحت غطاء التعافي المبكر".
وبالموازاة، يستخدم النظام هذه المشاريع للترويج بأنها نتاج مبادرات مجتمعية هي من تصوغ الأولويات، ليستخدمها لاحقاً كغطاء لتمرير مطالب سياسية من قبيل رفع العقوبات الغربية عنه، وهو توجه بات ملحاً وضرورياً للنظام، للخروج من ربقة الخناق الاقتصادي المفروض عليه.

سلة من المكاسب
ويقرأ الباحث ومدير منصة "اقتصادي" يونس الكريم شراكة النظام مع المشاريع التي تطرحها المنظمات الأممية، في سياق توجه أسماء الأسد، زوجة رئيس النظام بشار الأسد، نحو الاستحواذ على أموال التعافي المبكر. ويوضح في حديث لـ"المدن"، أن هذا التوجه من قبل أسماء الأسد والقصر الرئاسي بشكل عام، يعكس سعياً حثيثاً نحو الحصول على التمويل كمصدر جديد للثراء والسيطرة على الاقتصاد ودعم النظام، وهذا هو الشق الاقتصادي، بينما تعكس هذه الشراكة بعداً سياسياً، وهو محاولة استكمال السيطرة على آلية التطبيع مع المنظمات الأممية وصولاً إلى أهداف أكبر.
ويحاول النظام جرّ المنظمات الأممية وصندوق التعافي المبكر نحو إعادة الإعمار، وفي هذه الصورة يخرج التعافي المبكر من سياقه، ويتم تحويله نحو سياق أوسع، بحسب الكريم، الذي يلمح إلى أن "النظام يربط عودة سكان المناطق المنكوبة بالحصول على التمويل الأممي، وفي نفس الوقت يحاول التعمية على مجزرة التضامن من خلال تنفيذ مشروع تعافي مبكر في نفس المنطقة التي جرت فيها" .
ويضيف الكريم أن "أهم نقطة في هذا المشروع والمشاريع المشابهة، هي مساعي النظام نحو كسر جمود المنظمات الدولية في سوريا، وتمددها في مناطقه، لتحميل هذه المنظمات أزمة اللاجئين ومهام تجهيز البنية التحتية قبيل عودتهم، وهو هدف ملغّم ولن ينجح بسهولة، لكنه يصبّ في النهاية في إطار تطبيع العلاقات مع الأمم المتحدة لفرض واقع جديد وهو الدخول في ملف رفع العقوبات الغربية".
ويتابع الكريم أن المشروع يحاول رسم خريطة جغرافية للعودة، مستثنيا منها الأماكن التي يتم فيها تنفيذ مشروع دمشق الكبرى، كما أن البدء بالتضامن ومخيم اليرموك، وهما منطقتان كان يقطن فيهما اللاجئون الفلسطينيون، يشكل رسالة للغرب بأن النظام يتجه نحو فك الضغط على الفلسطينيين في سوريا ومنحهم حقوقاً تخولهم الاستقرار في المنطقة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها