أبلغت مصادر مطلعة "المدن"، بأن النظام السوري يجري تغييرات واسعة على مستوى مديرية الجمارك والمراكز الحدودية مع لبنان والأردن، معتبرة أن الهدف "إيهام" بعض الدول العربية بأنه يتجه لضبط الحدود، والحد من عمليات تهريب المخدرات (الكبتاغون).
وتأتي التغييرات في مناصب أمانات المعابر الحدودية، استجابة لمطالب السعودية من النظام السوري بالحد من تهريب المخدرات، خلال المحادثات الجانبية، وفق المصادر، التي أشارت إلى زيارة وزير خارجية النظام فيصل المقداد غير المسبوقة الى السعودية منذ اندلاع الثورة السورية للسعودية.
تزامن مع لقاء جدة
وشملت التغييرات أمانات جمارك معبر كسب الحدودي واللاذقية وحلب والعريضة والدبوسية ودمشق، وأمانة مركز حدود جديدة والمنطقة الحرة في دمشق، ومركز حدود نصيب، والمنطقة الحرة السورية-الأردنية، وغيرها.
ويؤكد رئيس فرع الإنتربول المنشق عن النظام العقيد مفيد عنداني في حديث ل"المدن"، أن التنقلات هذه تأتي في وقت غير معتاد، حيث درج النظام السوري على إجراء هذه التغييرات في بداية كل عام. ويقول: "ليس مصادفة أن يتزامن ذلك مع الاجتماع الوزاري الخليجي العربي بخصوص الملف السوري في جدة في السعودية".
وفي رأيه فإن هذه التغييرات هي رسالة للدول العربية، يريد النظام القول من خلالها إن لديه القدرة على ضبط تهريب المخدرات، التي تحولت إلى مطلب من مطالب التطبيع العربي مع النظام السوري.
من جانب آخر، يربط عنداني بين التغييرات الأخيرة والتعديل الوزاري الذي أجراه رئيس النظام قبل أيام، لافتاً إلى ملاحقة النظام لعدد من المسؤولين بتهمة الفساد، ويقول: "النظام يحاول أن يتماهى مع المطالب العربية".
ورقة مساومة
وثمة قراءة أخرى للتغييرات الأخيرة، وهي أن النظام يعيد ترتيب الحالة الاقتصادية في مناطق سيطرته، وضبط المعابر والبوابات قبل الانفتاح الاقتصادي عليه، للانتهاء من حالة التناحر والتنافس بين أجنحة النظام الاقتصادية، وفق تأكيد عنداني.
ويبدو أن النظام السوري قد نجح في تحويل "الكبتاغون" إلى ورقة مساومة، وهو ما ظهر واضحاً في البيان المشترك الصادر عن وزارة الخارجية السعودية ووزارة النظام السوري بعد زيارة المقداد، حيث أكد الجانبان على أهمية تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وتنظيماته، وتعزيز التعاون بشأن مكافحة تهريب المخدرات والاتجار بها.
ويمكن لإعادة ضبط الحدود وإجراء تعديلات على الجمارك الحدودية من جانب النظام أن تمنع تهريب المخدرات إلى الأردن ودول الخليج، لكن "شريطة إيجاد تفاهمات بين إيران والميليشيات الموجودة في منطقة انتشار الفرقة الرابعة ودول المنطقة بهدف منع تهريب المخدرات"، حسب الباحث الأردني الدكتور كمال الزغول، الذي يعتبر أن "هذا لن يحدث إلا عبر تفاهم بين السعودية وإيران والنظام السوري بالتنسيق مع الأردن".
دور إيران
ويؤكد الزغول ل"المدن"، عدم قدرة حكومة النظام على ضبط الحدود، من دون تفاهمات مع روسيا وإيران، معتبراً أن "هذا البند الآن في يد طهران"، ويقول: "كل ذلك رهن نتائج القمة العربية في أيار/مايو، والتفاهمات مع إيران وروسيا وما سينتج عنها من دعم اقتصادي لإعادة الإعمار والأمن للحدود السورية الأردنية".
في المقابل، يصف الباحث في مركز "جسور للدراسات" وائل علوان تغييرات النظام ب"الشكلية". ويقول ل"المدن": "لا يوجد لدى النظام إرادة أو جدية في هذا الخصوص، خصوصاً أن المخدرات لم تكن من ضمن الشروط الأساسية للتطبيع معه، حيث جاء المسار ضمن التفاهمات السعودية-الإيرانية".
وحسب علوان، لن تحصل السعودية على أكثر من ما حصل عليه الأردن، الذي لا يزال مستهدفاً بالمخدرات رغم التواصل والانفتاح على النظام، ورغم وعوده، ويضيف "لا يملك النظام القدرة على ضبط ملف المخدرات الذي بات تحت تحكم كيانات أشبه بالدولة داخل الدولة".
وفي هذا الاتجاه، لا تستبعد تقديرات أن تضبط طهران عمليات تهريب المخدرات نحو الخليج العربي في هذا التوقيت، وذلك خشية إفشال التوافقات مع السعودية.
وفي الوقت الذي يتفق فيه الباحث بالشأن الإيراني مصطفى النعيمي مع هذه القراءة، يتساءل عن مصادر تمويل الميليشيات البديلة عن المخدرات، ويقول ل"المدن": "حتماً ستعاود الميليشيات عمليات التهريب، لأنها تعتمد على هذه التجارة للتمويل أولاً، ولأن إغراق دول المنطقة العربية بالمخدرات يدخل ضمن قائمة أهداف إيران الاستراتيجية".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها