إيران تنشط الاستثمارات الرابحة في سوريا:آن أوان استرداد الديون

يتوقّع أن يرى النور قريباً المشغّل الثالث لشبكة الاتصالات في سوريا "وفا تيليكوم"، وذلك بعد وصول شحنة "سيم كارد" للبدء بتنفيذ المشروع الذي يعتبر ضمن خطة التوسع الاستثماري لإيران في مناطق النظام السوري. 

وبالتوازي مع تنفيذ المشغل الثالث، يمكن ملاحظة تحريك إيران لاستثمارات جديدة في سوريا، تتمثل ببناء مطاحن القمح وإنشاء شركتي تأمين، الى جانب كثافة في ترخيص الشركات الإيرانية التي تنشرها الجريدة الرسمية. 

ويقول مدير البرنامج السوري في "مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية" كرم شعار لـ"المدن" إن "ترخيص الشركات الإيرانية في الجريدة الرسمية في تزايد ملحوظ لكن نشاط هذه الشركات لا يزال محدوداً، وهذا يدفع إلى الاعتقاد بأن عمل هذه الشركات الإيرانية هو القيام بعمليات تبييض أموال الحرس الثوري". 

ويلاحظ شعار تزايد النشاط الإيراني الاستثماري في سوريا بشكل لافت، موضحاً أن زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي صيف العام الحالي حفزت هذه الاستثمارات. ويضيف أن الاتفاقية الأساسية التي تم الحديث فيها عن استثمارات إيرانية في سوريا تمت في العام 2015، و"منذ ذلك الوقت يماطل النظام في تطبيقها، على أمل عدم تقديم تنازلات أكثر من المطلوب، لكن بعد زيارة رئيسي يواجه النظام ضغوطا كبيرة لتطبيق الاتفاقيات". 

وبدأ قبل أيام التشغيل التجريبي لمطحنة "سلحب" الحديثة في حماة، وهي ثالث مطحنة يتم انشاؤها وفق عقود مع الجانب الإيراني الذي قدم كل ما تحتاجه المطحنة للتشغيل، وهي تعمل حالياً على طحن 300 طن قمح يومياً. وتنوي حكومة النظام الاستعانة بها في رفد إنتاج سوريا من الطحين. 

وبالتوازي، وافقت حكومة النظام على الطلب الأولي لتأسيس شركة "المودة الدولية للتأمين" برأسمال 25 مليار ليرة سورية، وشركة "السلام الدولية لإعادة التأمين" برأسمال 50 مليار ليرة سورية، بمساهمة ثلاث شركات تأمين إيرانية هي "شركة ألبرز" و"شركة الكوثر" و"شركة سنا"، وجهات سورية عديدة مثل "شركة الاتحاد العربي لإعادة التأمين"، و"المؤسسة العامة السورية للتأمين"، و"مصرف التوفير"، ونقابة الأطباء، و"شركة ضمانتي للاستشارات". 

ويلاحظ كرم شعار رأس المال المنخفض لشركتي التأمين المعلن عنهما، ما يعني أن "مقدرتهما على تأمين مشاريع كبيرة ستكون محدودة لأن العلاقة بين رأس المال والمقدرة على التأمين علاقة وثيقة جداً". ويضيف أن "جميع الأطراف السورية المتعاونة مع الشركة الجديدة غير مدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية، واللافت للانتباه وجود نقابة الأطباء ضمن هذه الأطراف ما يثير الاستغراب حول قيام مؤسسة مجتمع أهلي في شراكة اقتصادية من هذا النوع مع شركة أجنبية". 

أما الشركات الإيرانية المساهمة فهي، بحسب شعار، مرتبطة بقاعدة خاتم الأنبياء، وهي الذراع الاقتصادي للحرس الثوري الإيراني، وبالتالي فإن هذه الشركات مرتبطة بالمرشد علي خامنئي، وليس الرئيس الإيراني والحكومة الإيرانية. 

ويرى شعار أن "أكبر النشاطات الاستثمارية التي تحقق مكاسب حقيقية للإيرانيين في سوريا تتمثل بالمشغل الثالث وقطاع الفوسفات ومزرعة زاهد في طرطوس. لكن حتى الآن لا يزال ما تدفعه إيران في سوريا يتجاوز ما تحققه من مكاسب بأضعاف". 

وتنوي إيران إنشاء مصنع للحليب المجفف في مزرعة زاهد، التي تبعد قرابة 25 كيلومتر عن القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، وخلال الأيام الماضية، كشف الصحافي السوري كنان وقاف عن قيام  قوة أمنية كبيرة بمحاولة إرغام مزارعين يمتلكون أراض في محيط المزرعة على تسليمها إلى شركة استثمار إيرانية. 

ويقول وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة عبد الحكيم المصري إن إيران تنشط في قطاعات محددة نتيجة التقاسم الضمني بينها وبين روسيا على الاقتصاد السوري، ومن بين هذه القطاعات نلحظ نشاط الشركات الإيرانية في الحبوب والصوامع والقطاع الزراعي والإعمار. 

ويوضح المصري لـ"المدن" أن دخول إيران في الاستثمار بمجال التأمين "يعود إلى كون هذا النوع من الشركات رابح جداً وغير معرض للخسارة"، مشيراً إلى أن "خطة إيران غالباً الاستحواذ على الشركة العامة للتأمين ما يعني أن أي حالة تأمين ستكون من خلال الشركة الجديدة".

ويرى المصري أن التوسع الاستثماري الإيراني لا يرتبط بزيارة رئيسي وإنما يشكل نتيجة تراكمية لتفاهمات سابقة، حيث تجاوزت الاستثمارات الإيرانية في سوريا في العام 2015 الـ20 مليار دولار. ويرى أن "الإيرانيين مستمرون حيث استولوا على أراض زراعية في حمص وطرطوس وينشطون في قطاع الصوامع والمطاحن وغيرها من الاستثمارات".