أثار مجلس الإفتاء السوري التابع للمجلس الإسلامي السوري المعارض (مقره إسطنبول) جدلاً واسعاً وانتقادات بتحريمه الهجرة إلى أوروبا بطرق "غير آمنة"، ووصفه للمهاجرين الذين يبحثون عن مكان آمن والمتسببين بها بـ"الآثمين".
ورفض مصدر في "المجلس الإسلامي السوري" وصف الفتوى بـ"السياسية"، مبيناً أن توقيتها جاء على خلفية ورود أسئلة للمجلس حول حكم الهجرة إلى أوروبا بطريقة "التهريب" رغم مخاطر رحلة الهجرة التي تصل إلى الموت غرقاً في عرض البحر، أو على يد عصابات المافيا، فضلاً عن احتمال انقطاع السبل بالمهاجرين في الغابات على الطريق".
وقال المصدر في تصريحات لـ"المدن" إن "تزايد حوادث الموت على طريق الهجرة، دفعت بالمجلس إلى الإفتاء بحرمة ذلك"، مضيفاً أن "أي عاقل ينصح المهاجر بعدم الذهاب بعد الحوادث الأخيرة المؤسفة".
وأضاف أن القاعدة الفقهية "تحرّم فعل المباح في حال كان هناك ضررٌ محتملٌ، بمعنى أن التحريم هنا ليس للهجرة إلى أوروبا، وإنما التحريم جاء من علة الخطر والتهلكة".
ورداً على تساؤل البعض حول جواز السفر بطريقة "التهريب المضمون" رغم التكلفة المرتفعة، رد المصدر بقوله: "جواز السفر أو تحريمه يرتبط بنسبة الخطر على النفس".
وأقرّ المصدر بتأخر الفتوى، معتبراً أن "المجلس الإسلامي في العموم لا يبادر، والفتاوى تأتي دائماً في مرحلة متأخرة، وهذه من الانتقادات التي توجه دائماً للمجلس، إلى جانب الانتقادات لغياب صوت المجلس تجاه التجاوزات التي يتعرض لها السوريون في بلدان اللجوء، وفي مقدمتها تركيا، وكذلك تجاوزات الفصائل والفساد على المعابر والحواجز وسوء الإدارة في الشمال السوري".
واعتبر المصدر أن "المجلس شأنه شأن الاجسام السورية المعارضة، يبقى محكوماً بالظروف المحيطة به، ولا يستطيع إبداء الرأي بكل المواضيع".
أسباب ونتائج
سوريون في تركيا دعوا المجلس إلى معالجة الأسباب التي تجبرهم على الهجرة، بدلاً من التركيز على النتائج، وخصوصاً لجهة التضييق التركي الرسمي والشعبي على اللاجئين، وترحيل العشرات منهم يومياً بشكل قسري، وتداعيات ذلك على العائلات التي يتم تمزيق شملها.
وتساءل بعضهم: "لماذا لم يُسمع صوت المجلس عند حادثة انقلاب الحافلة التي كانت تقل عشرات اللاجئين السوريين من إسطنبول إلى مراكز الترحيل، علماً إن سوريين اثنين لقيا مصرعهما؟"
في المقابل، دافعت مديرة الوحدة المجتمعية في مركز "الحوار السوري" كندة حواصلي، عن فتوى المجلس، معتبرة أن "من الضروري أن يقوم المجلس بالتوعية بمخاطر رحلة الهجرة العالية، وتحديداً على الأطفال والنساء أو الفئات الهشة".
وأضافت لـ"المدن" أن المركز (الحوار السوري) أعد دراسة في وقت سابق، رصد خلالها أكثر من 250 مفقوداً أثناء رحلة الهجرة في ظرف 3 شهور فقط، وعقبت بقولها: "نعتقد أن الرقم أكبر من ذلك بكثير، ومن الضروري التذكير بمخاطر الرحلة".
وهي ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها المجلس الإسلامي السوري للانتقادات الواسعة، فقبل أشهر حذر من مشاهدة المسلسلات السورية التي تبثها قنوات النظام لأنها "تنشر الفاحشة وتزينها، وتنقض قيم الأمة وثقافتها وهويتها"، وكأن المجلس هو الجهة الوصية على السوريين، على حد وصف البعض.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها