وذكرت وكالة أنباء النظام السوري (سانا)، أنه جرى تنفيذ الإعدامات الأربعاء، عقاباً على الأضرار التي ألحقتها بالبنى التحتية للدولة والممتلكات العامة والخاصة، مشيرة أن التنفيذ تم بعد تصديق الحكم من محكمة النقض وصدور رأي لجنة العفو الخاص بوجوب تنفيذ الحكم بالمحكوم عليهم.
وإلى جانب تنفيذ الإعدام بحق 24 متهماً، أشارت الوكالة إلى صدور أحكام بحق 11 شخصاً بالأشغال الشاقة المؤبدة، وكذلك الحكم على آخرين بالأشغال الشاقة المؤقتة للتدخل بالأعمال الإرهابية، بتهم تخريب الممتلكات العامة.
"شياطين النار"
واضطر النظام في العام الماضي، في ظل الغضب الشعبي بين أوساط "الموالين" بسبب الخسائر الفادحة التي خلفتها الحرائق في أرياف اللاذقية وطرطوس وحماة، إلى الحديث عن حرائق مفتعلة تهدف إلى ضرب البلد. ولكي يعطي روايته مصداقية، لجأ الى استدعاء الدور الخارجي (المؤامرة)، حيث تحدثت مصادر النظام عن ضلوع عصابات ممولة من الخارج في افتعال الحرائق.
وبعد ذلك، بث تلفزيون النظام فيلماً وثائقياً، من ثلاثة أجزاء، تحت عنوان "شياطين النار"، عرض فيه اعترافات لأفراد العصابة، وفق زعمه.
في الفيلم، الذي طغت عليه الموسيقى والمؤثرات الصوتية، ظهر عدد من الأشخاص الذين ينتمي غالبيتهم إلى المكون التركماني السوري، والوهن بادٍ عليهم للعيان، وهم يعترفون بافتعال الحرائق مقابل تقاضي الأموال، من جهات خارجية لم تتم تسميتها.
وأكدت مصادر "المدن"، أن غالبية الأشخاص الذين ظهروا في الفيلم هم من قرية بيت فارس الواقعة في منطقة جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي، مشيرة إلى أن النظام استعاد القرية من سيطرة المعارضة في العام 2016.
وقالت المصادر إن بعض من ظهروا في الفيلم، كانوا في عداد المفقودين، ما يؤكد من وجهة نظرهم "كذب تمثيلية النظام، التي لا تهدف إلا إلى امتصاص الغضب الشعبي"، جراء عجز النظام عن إخماد الحرائق، وعدم قدرته على تعويض الأضرار.
وطبقاً لأرقام ذكرها النظام، بلغ عدد الحرائق التي اجتاحت الساحل السوري وحمص، العام2020، 187 حريقاً، حيث أتت ألسنة اللهب على 13 ألف هكتار من المحاصيل الزراعية فيها آلاف الأشجار من الزيتون والحمضيات والتفاح، في حين أتت النيران على 11 ألف هكتار من الأراضي الحراجية، وأضرت بأكثر من 370 منزلاً.
وجراء هذا الحجم الكبير من الخسائر، تزايدت المطالبات من الموالين بإعدام أفراد العصابة (شياطين النار)، بعد أن "ثبت بالتحقيق" تورطهم في افتعال الحرائق بتمويل خارجي.
خفايا وتشكيك
واعتاد النظام أن يعلن عن أسماء المحكومين بالإعدام، في حال كانت قضيتهم قضية رأي عام، كما جرى في حلب قبل شهور، عندما حكمت المحكمة العسكرية التابعة للنظام، بالإعدام على المجرم أحمد مزنرة، الذي أشاع حالة من الهلع بعد اغتصابه وقتله لأكثر من طفل.
لكن رغم ملامسة قضية الحرائق للرأي العام الشعبي "الموالي"، لم يأتِ النظام على ذكر أي تفصيل عن هوية الاشخاص ال24 الذين جرى إعدامهم.
تعتيم على الأسماء
وتواصلت "المدن" مع مصدر رسمي من النظام، فأكد عدم توفر قوائم بأسماء المعدومين، مشيراً إلى أن المعلومات التي بحوزته لا تزيد عن ما أعلنته وكالة "سانا"، منوهاً إلى ربط الإعدامات بقضايا الإرهاب، وهو ما يعني فعلياً عدم توفر أي معلومة عن الأسماء. وأشار إلى خشية النظام من ردود فعل شعبية، في حال تم الكشف عن هوية المعدومين.
بدوره، أشار المحلل السياسي والكاتب زياد الريّس ل"المدن"، إلى عدم وجود أي معلومة عن هوية الأسماء التي جرى حكم الإعدام بحقها، مؤكداً أن "كل التحقيقات عن الحرائق غير مكتملة"، ما يفتح باب الشك واسعاً عن هوية المعدومين.
والأرجح وفق المحامي والكاتب عروة سوسي من اللاذقية، أن يكون النظام قد نفذ أحكام الإعدام بحق بعض المتهمين بافتعال الحرائق، الذين عرضت اعترافاتهم المشكوك فيها، في وقت سابق.
وعلى خلفية الإعلان عن الإعدامات، تساءل سوسي في حديثه ل"المدن"، عن مجريات المحاكمة، وما إذا جرى توكيل محامين للمتهمين. وقال: "لم يخضع هؤلاء لمحاكمة عادلة، ومن المؤكد أن المحكمة اعتمدت في حكمها على اعترافات تم انتزاعها تحت الإكراه والتعذيب، من قبل أجهزة أمن النظام". وشدد على أن "لا موثوقية لأي قرار قضائي يصدر عن النظام، ولو كان صادقاً لكان أطلع الرأي العام على تفاصيل المحاكمات".
وبرأي المحامي، فإن الأولى محاسبة النظام على إحراق غابات الساحل السوري، لأن آلة النظام العسكرية هي من قضت على الغابات في جبلي التركمان والأكراد في الساحل السوري.
تشكيك من الموالين
ولاحظت "المدن" من خلال رصدها لصفحات إخبارية موالية، أن الإعلان عن تنفيذ الإعدامات، لم يكن مقنعاً لكثيرين من المتفاعلين، وتحديداً لجهة عدم نشر أسماء وصور المعدومين.
ووصل الحال ببعضهم إلى التشكيك بتنفيذ الإعدامات، إذ كتب أحد المعلقين: "إذا ما شفناهن حقيقي عالمشانق ما حدا رح يصدق". وردّ آخر: "لا أعتقد أن الخبر صحيح، وين أعدموهن، كلو حكي فاضي".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها