يبدو أن رئيس إدارة "المخابرات الجوية" اللواء جميل الحسن، لم يوفق في المهمة الأخيرة التي أوكلها له الجانب الروسي للتفاوض مع الإسرائيليين، ما أدى إلى اعفائه بسرعة من منصبه بعد أسبوع واحد على انتشار أخبار تؤكد التمديد له لسنة إضافية.
"المدن" كانت قد كشفت عن تفاصيل الاجتماع الذي عقده اللواء الحسن، وقادة من "الفيلق الخامس"، مع ضباط من الاستخبارات الإسرائيلية، في 30 حزيران/يونيو، بالقرب من "سرية الصفرة" في أم اللوقس القريبة من الحدود مع الجولان المحتل، بتنسيق روسي.
وتقول مصادر خاصة لـ"المدن"، إن روسيا وضعت اللواء الحسن في الأسبوع الأخير من حزيران، أمام أحد خيارين؛ الموافقة على العرض الإسرائيلي مقابل البقاء لعام إضافي في مملكة "المخابرات الجويّة" التي يتزعمها الحسن منذ 10 سنوات، أو رفض العرض مقابل إعفائه من منصبه.
وتمثّل العرض الإسرائيلي المدعوم روسياً، بحسب مصادر "المدن"، بدمج "الفيلق الخامس" بقوات النظام واعتباره جزءاً من المؤسسة العسكرية للنظام، وإخراج المليشيات الإيرانية من المنطقة وإبعادها مسافة 55 كيلومتراً عن الحدود مع الجولان، على أن تموّل اسرائيل عملية قتال المليشيات الرافضة للانسحاب عن الحدود، بدعم روسي. اللواء الحسن، بحسب مصدر "المدن" الخاص، رفض العرض الإسرائيلي، وخرج منه لتهديد الأهالي في القنيطرة ودرعا بالمزيد من القمع، واعتبار المليشيات الإيرانية "أخوة" للسوريين.
مصادر "المدن" أشارت إلى أن اختيار اللواء غسان جودت إسماعيل، نائب الحسن، كرئيس جديد لإدارة "المخابرات الجوية" هو أمر روتيني، نظراً لكونه الآمر الفعلي في إدارة "الجوية" منذ 6 أشهر، بعد تدهور صحة الحسن، ونقله لأكثر من مرة إلى المستشفى، وعدم قدرته على التنقل من دون طاقمه الطبي الخاص.
و
كانت "المدن" قد نشرت تقريراً سابقاً أشار إلى احتمال تولي اسماعيل رئاسة "إدارة المخابرات الجوية".
وكان غسان إسماعيل، قد عُيّن نائباً لجميل الحسن، مطلع 2018، بعد ترقيته إلى رتبة لواء، وبدأت حينها ملامح تغيير الإدارة تظهر بوضوح، مع توسيع صلاحيات إسماعيل، بموافقة ورضا من الحسن، الذي قيل له رسمياً في تموز 2018، بإن العام 2019 ربما سيكون الأخير له.
تغيير الحسن، جاء
ضمن حزمة تغييرات أجراها الجانب الروسي، ووقع عليها "رئيس الجمهورية" بشار الأسد. إذ تم إعفاء اللواء محمد ديب زيتون، أحد المقربين شخصياً من الأسد، من "شعبة المخابرات العامة" المعروفة بـ"أمن الدولة"، وتم تعيين اللواء حسام لوقا بدلاً عنه، قادماً من رئاسة "شعبة الأمن السياسي".
وتدرج لوقا في المناصب خلال السنوات الماضية بين "الأمن السياسي" و"أمن الدولة"، ليعود اليوم رئيساً لـ"شعبة المخابرات العامة"، التي كانت يعمل سابقاً كمعاون لرئيسها.
في حين تولى اللواء ناصر العلي، منصب رئاسة "شعبة الأمن السياسي"، خلفاً للواء لوقا، الذي قام شخصياً بترشيح العلي خلفاً له، وفقاً لمصادر "المدن" الخاصة.
التغيير الأكبر: علي مملوك نائباً لبشار
التغيير الأكبر في حزمة المناقلات والتعيينات الجديدة لقادة أبرز أجهزة القمع السورية، يتعلق برئيس "مكتب الأمن الوطني" اللواء علي مملوك.
وقال مصدر ديبلوماسي سوري لـ"المدن"، صباح الاثنين، إن قراراً تعيين اللواء علي مملوك، رسمياً، كنائب لرئيس الجمهورية قد صدر. وسيحل اللواء محمد ديب زيتون، مكان مملوك في رئاسة "جهاز الأمن الوطني".
وكانت
"المدن" قد نشرت سابقاً توقعات بحصول هذا التغيير.
وأشارت مصادر "المدن" إلى أن اللواء محمد ديب زيتون، الصديق الشخصي لبشار الأسد، والرئيس السابق لـ"شعبة المخابرات العامة"، و
أحد رجال الروس المُخلصين، حاز على منصب رئيس "مكتب الأمن الوطني" خلفاً لصديقه علي مملوك، كترقية روسيّة له ومكافأة على تعزيز العلاقة بين "شعبة أمن الدولة" والجانب الروس، خلال العامين الماضيين. اللواء زيتون كان قد وضع الشعبة تحت تصرف روسي كامل.
الروس ثم الروس.. ثم الروس
يقف الروس فعلياً خلف التغييرات الجذرية في قيادة أجهزة المخابرات السورية الأربعة، والتي جرت خلال الشهور الثلاثة الماضية، ضمن خطة بسلسلة من الخطوات؛ بدأت بالسيطرة الروسية على
قيادة أركان قوات النظام و"شعبة المخابرات العامة"، وانتقلت بعدها للسطرة على "شعبة الأمن العسكري"، وأخيراً "الأمن الجوي" و"السياسي".
الأسماء التي جرى تغييرها، وضعت على طاولة بشار الأسد، منذ 10 أيام تقريباً، بحسب مصدر خاص لـ"المدن"، وجرى بعدها لقاء مع مجموعة الضباط الذين ستجري التنقلات بحقهم في مبنى الأركان بحضور اللواء علي مملوك، ومستشارين روس. واستثني من اللقاء اللواء جميل الحسن، الذي قُدّم له عرض روسي خارج مخطط التغييرات، بمحاربة إيران والتنسيق مع إسرائيل مقابل البقاء في منصبه.
إلا أن السرّ يكمن بأن الشخصيات الثلاث؛ لوقا والعلي وإسماعيل، الذين تم تعيينهم كرؤساء لشعب المخابرات، هم من أصحاب المواقف الموالية للوجود الإيراني في سوريا، وعلى تنسيق عالٍ مع ضباط "الحرس الثوري" وقيادة مليشيا "حزب الله" اللبنانية، ومن المعروفين بأنهم من الحلقة الضيقة ضمن تركيبة النظام الطائفية العلوية.
مصدر أمني رفيع المستوى، قال لـ"المدن"، إن الروس غير قادرين على إجراء تغيير شامل، خاصة في مواقع حساسة كرؤساء شعب المخابرات، التي تحتاج إلى شخصيات من أصحاب الخبرة الكبيرة والتاريخ الأمني الكبير، فاعتمدوا "سياسية الترويض" بالنسبة للشخصيات الحساسة أمثال لوقا والعلي وإسماعيل، و"إرضائهم بمناصب لم يكونوا ليحلموا بها لولا الرضى الروسي عليهم".
وأضاف مصدر "المدن"، أن كل من جرى تعيينه، هو على دراية كاملة بأن الروس قادرون على الإطاحة به أو حتى تصفيته في حال عدم الانصياع للأوامر، وأن عليهم الابتعاد عن التنسيق مع الإيرانيين.
ويرى مصدر "المدن"، أنه سيكون للواء علي مملوك، الذي أصبح نائب رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية، شأن كبير خلال الفترة المقبلة، خاصة من حيث التواصل الخارجي واللقاءات السياسية العلنية، بعيداً عن اجتماعاته السرية في دول كثيرة خلال السنوات الماضية.
أمن القصر الرئاسي
مصادر "المدن" الخاصة أكدت تعيين العميد الطبيب علي حسن تركماني، مستشاراً أمنياً في القصر الرئاسي، ليصبح أحد المقربين من بشار الأسد.
وتشير المصادر إلى أن تعيين تركماني، جاء بصفته المدنية، بعيداً عن منصبه العسكري.
وكان تركماني قد بدأ خلال الفترة الماضية جولة خارجية، لتنفيذ مهام استخباراتية بالتنسيق مع بشار الأسد والجانب الروسي وعلي مملوك.
وقد بات تركماني يتواجد في القصر، منذ الصباح حتى المساء، وانتقل منزله من منطقة المزة إلى فيلا في يعفور ضمن المربع الأمني لـ"الفرقة الرابعة" و"حزب الله" والتي يقطنها كبار مسؤولي النظام.
والعميد علي حسن تركماني، ابن اللواء حسن تركماني، الذي تزعم "خلية الأزمة" وقتل في تفجيرها في العام 2012.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها